أصداء

تكرر نفسها وسائل الاعلام

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

طيلة العقد الاخير من الزمن يلاحظ ان الاعلام في المنطقة العربية استطاع ان يقدم تغطية اعلامية تختلف الى حد ما عن طبيعة التغطيات الاعلامية لهذا الاعلام في الفترات السابقة بعد دخول الاعلام الفضائي على الخط، اضافة بكل تاكيد الى تنشيط الشبكة المعلوماتية ( الانترنت ) والتي شكلت عاملا ضاغطا اجبر الكثيرين على ملامح التغيير الحاصل.

لكن ذلك التقدم الحاصل على الصعيد الاعلامي لم يشمل الجذور والركائز الاساسية التي تقوّم الاعلام العربي سواء اكان ذلك الاعلام مخصخصا او اعلاما تابعا للسلطة... وبقيت مواثيق الشرف ليست سوى شعارات للدعاية الباهتة.

ودليل على ذلك للمراقب المحايد فترة لا تتعدى اسبوعين كافية جدا بان تجعله على معرفة تامة بالعدد المفضل لضيوف كل محطة فضائية وكذلك طبيعة ما يتبتنى هؤلاء الضيوف من قناعات، فكل قناة فضائية لا يتعدى ضيوفها الذين تستضيفهم حول مختلف الاحداث عدد الاصابع في جميع برامجها الحوارية بما في ذلك الاستضافات التي تتم اثناء نشرات الاخبار.

القسم السياسي في وسائل الاعلام اصبح سقيما مكررا لم يعد قادرا على استقطاب المتلقي لكن القائمين على هذا المجال حتى وان كانوا على معرفة بدواعي ذلك الا ان شحنات الصراع المستفحل التي تمتد الى اروقة وسائل الاعلام تقف حاجزا بين ذلك وبين التفكير في معالجة هذه الظاهرة الخطيرة ولهذا اصبحت السلطة الرابعة باهتة وفاقدة لدورها الفاعل، ومع انك تلاحظ تعددية وتنوع في مجمل الطيف الاعلامي العربي الا ان ذلك التنوع ناتج اساسا عن تعدد وسائل الاعلام ولم يكن ناتجا عن توفر التعددية في كل وسيلة اعلامية على حدة ولهذا فمن الطبيعي جدا ان تكون الاسماء والمواقف مكررة في الاعلام.

ان تلك الظاهرة تثير الاشمئزاز وتبعث عن الملل بل تعتبر بمثابة طلقة الرحمة على مستقبل الاعلام في المنطقة العربية، وذلك لضرورة التنوع والافق المفتوح الذي ينبغي ان تتمتع به الوسيلة الاعلامية اذا كانت تهدف الى النجاح والانتشار، فالمشاهد بات يعرف تماما توجهات الضيوف في كل وسيلة اعلامية ولا يجد ذلك التلاقح الاعلامي المطلوب الذي ينضج الفكرة ويغني ثقافة المتلقي حول مختلف الاحداث السياسية، ولذلك فان وسائل الاعلام اصبحت تكرر ذاتها بشكل مفضوح وليس ثمة جديد في طبيعة تعاطيها مع الحدث.

ان الفكرة ذاتها والمواقف هي الاخرى تشابه مثيلاتها كل يوم، والضيوف يكررون انفسهم الى درجة اصبح المشاهد يحفظ المفردات التي تميز كل ضيف وكانه يردد مقطوعة في درس للمحفوضات، لقد استغاثت بعض المفردات لكثرة ما رددت بهذا الشكل من قبل العديد من الضيوف وأُفرغت من محتوياتها.

قتلنا التكرار ونبحث عن جديد... وحينما لا يجد المتلقي ذاته في الاعلام العربي فان البدائل في هذه المرحلة كثيرة جدا.

جمال الخرسان

كاتب عراقي

gamalksn@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف