دفاعاً عن أمريكا ..!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
" كل مصائبنا من أمريكا" مقولةً يرددها العديدون منا أو يؤمنون بها، فامريكا بوجهها الاستعماري الجديد ومطامعها التي لا تنتهي، تسببت بخرابنا وتأخرنا وتفرّقنا..لكنها رغم ذلك ليست سبب كل مصائبنا، للأسف..!
لم تكن لأمريكا سبب مصائبنا حينما قرر العرب مساندة "بطل العرب" صدام حسين ليخوض حرباً ضد دولة إسلامية جارة، لم تكن أمريكا مصيبتنا حين انتزع منا صدام دميةً جميلة، فلجأنا باكيين إلى "بوش الأب" ليرد لنا الطمأنينة، ولنتساءل بعدها " الجيش العربي فين"، فلا جيش لدينا ولا أسلحة ولا مما نُرهب به قطة الحارة!
لم تكن أمريكا مصيبتنا حين هرب الآف العراقيين من جور صدام، وأصبحوا بلا وطن، وليصبح الجواز العراقي ورقةً لا قيمة لها، ولتتخلى معظم الدول العربية، والخليجية خاصةً عن إخوةٍ لنا، ولتستقبلهم إيران الدولة التي طحنها صدام بحربه وطحن معها شعبهُ، ولتفتح لهم دولٌ غربية أبوابا مشرعةً من الأمل، ولتساوي بعضها بين إخواننا المهجرين ومواطنيهم من حيث الحقوق والواجبات.
لم تكن أمريكا مصيبتنا حين قررنا أن نكون أقزاماً في العلم والاقتصاد، وعمالقةً في جمع أحدث الأسلحة والتبجح بها في استعراضات ومناورات لا تُرهب سوى خيال المآتة في مزارع البؤس والذل.
لم تكن أمريكا مصيبتنا حين قررت أن تتغنى بالديمقراطية وقررنا أن نتغنى بالسلطوية، وتأليه الحكام، وتسّيس الدين، لم تكن مصيبتنا حينما منحنا حكّامنا مقاعد أبدية في سدّة الحكم، لم تكن هي أيضا مصيبتنا حينما نعتنا ما تهبه لنا حكوماتنا العربية من فتات العدل والكرامة بالمكرمات والعطايا والهدايا، وهي حقوقٌ مشروعةُ وأساسيةُ لكل مواطن. لم تكن أمريكا مصيبتنا حين كنّا نعقد المؤتمرات السنوية العربية، ونتفاخر بأنها " تحقق التقدم والازدهار والرخاء" أو " تسعى إلى تحقيق الكرامة للمواطن " ولم يتساءل أصحاب هذه المؤتمرات يوما عن الذي يجلب العزة والكرامة المزعومة، وما الذي يبعد أشباح العار والسخط الرابضة في قلوبنا. لم تكن أمريكا حاضرةً لتعلمنا لعبة الكّر والفر بالكلمات، وليست هي أخبر منّا بقاموس المجاملات واللطف العربي في أدّعاء تحقيق حريات وهمية، ووعود كاذبة تتجدد كل سنة بتحقيق الحلم العربي في تحرير فلسطين والعراق وبلاد الواق واق. فلا نعلم يقينا إلى من يتحدث القادة العرب حين يقولون" نطالب برفع الظلم عن أشقائنا في فلسطين والعراق ولبنان". طوبى للمُطالبين، وطوبى للمُنتظرين خيراً، وطوبى للمُصدقين سراباً!
لم تكن أمريكا سبب خراب البيت، حين دمرالكيان الصهيوني الجرثومي لبنان ووجدنا بعض الدول العربية ترفع أكّفها بالدعاء لينصر الله إسرائيل ويخذل حزب الله، وليعم الرخاء على جموع الأمة العربية!
لم تكن أمريكا سبب تخبطنا كل سنة، حين تتصور بعض الدول أنها تملك هلالاً خاصاً بأُفقِها، لتمنح نفسها حق تحديد عباداتنا وشعائرنا وأعيادنا الدينية حسب ما ترتأيه سياساتها ومصالحها الخاصة، فتغير مواقيت الله في الأشهر الحرم وتزرع الفوضى والبلبلة في صفوف المسلمين في أقطار الأرض المختلفة. ليس عجبي من سكوت أمريكا المخرّبة على هذا الاحتكار الجغرافي والعبادي، عجبي من هذا " البنيان المرصوص وهذا الصوت الواحد والصف الواحد الذي يريد أن يكون دعماً لأمتنا العربية والاسلامية" كما يدّعي في قممه الخليجية، فيتهاون في أبسط قواعد الدين تطبيقاً!
يُبدع حُكامنا والمسئولين في بلداننا العربية في اختراع ويلاتٍ تتفاقم جيلاً بعد جيل، ولا تفعل أمريكا" ذات النوايا الحسنة"! سوى بمساعدتنا في ضبط الوصفة لترقى إلى المستويات العالمية!
أمامة مصطفى اللواتي
كاتبة من سلطنة عمان