جلعاد شاليط..قضية فيها أکثر من نظر!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
تفاعلات قضية الجندي الاسرائيلي الاسير جلعاد شاليط و تداعياتها المستمرة سيما مايرتبط منها برؤية الاعلام العربي لها و التعامل معها، تمنح هذه القضية بعدا يجنح للتوسع الافقي أکثر فأکثر حتى يکاد المرء يرى فيها جوهر قضية أکبر و أهم و أکثر حساسية من تلک المطروحة أمامه أساسا.
شاليط الذي صار بمثابة ورقة رهان و مساومة بيد الفلسطينيين، صير الاعلام العربي منه بطلا بمعنى الکلمة مثلما جعل من إسرائيل نموذجا للدولة الاقوى التي لاتقهر بالسبل التقليدية وإنما باللجوء الى طرق و أساليب تثبت يوما بعد آخر الاخفاق العربي في المواجهة و التعامل المطلوب معها.
ومع ان إسرائيل وعلى أعلى المستويات تمنح أهمية قصوى لقضية الجندي شاليط و تسعى بکل السبل المتاحة للحفاظ على حياته و إنقاذه من بين أيادي أعداءه، فإنها لم تتمکن أبدا من تهويل قضيته الى المستوى و الحد الذي هولته بعضا من الفضائيات العربية الرائجة، إنهم يرکزون على سؤال محدد هو"لماذا يهتم الرأي العام العالمي بقضية جلعاد شاليط و لاتکترث بقضية آلاف الاسرى الفلسطينيين؟"، سؤال وجيه لو قامت ذات القنوات بإعطاء إجابة وجيهة عليها أيضا، لکنها و بدلا من ذلک تحاول کسب الشارع العربي بتعاملها الهزيل و السطحي مع القضية متجاهلة الجانب الاهم و الاکثر حساسية فيها، إذ أن جلعاد شاليط حين کان يحمل بندقيته و يخدم کجندي في صفوف الجيش الاسرائيلي، کان يشعر بقيمته و بحجمه و بإهميته في ذلک المکان کما کان يدرک جيدا أنه ليس لوحده وإنما هناک ظهير قوي له يتجسد في الجوانب المتعددة للإمکانيات العسکرية و الاستخبارية الاسرائيلية بالاضافة الى الامکانيات السياسية و الاعلامية الفائقة و ماإليها. لکننا لو نظرنا الى الضفة الاخرى، الى القوات المسلحة العربية عموما و الى القوات الفلسطينية المنقسمة على بعضها و المتناحرة لحد الموت، کيف حالها؟ إبان الحرب العراقية ـ الإيرانية وعندما کانت إيران تتقدم في إحدى جبهات القتال و تحتل ساترا عراقيا بجنوده، فقد کان العرف العسکري العراقي السائد آنئذ هو"عالج الموقف بکافة الاسلحة"، أي أن القوات العراقية کانت تقوم بقصف مرکز على ذلک الساتر الذي سقط بيد الايرانيين والقصف هذا کان يشمل أيضا الجنود العراقيين الذين وقعوا في الاسر، والامر المثير للإشمئزاز هو أن العديد من الجنود العراقيين الذين حالفهم الحظ بالخروج سالمين من المواجهة فإن المدفعية العراقية کانت لهم بالمرصاد!
أما الحديث عن ما جرى للجنود المصريين و السوريين في سوح الحرب مع إسرائيل من حيث الاستهانة بهم و دفعهم کقطعان خرفان للمسالخ من دون أن يکون هناک من ظهير قوي يحميهم من مصير مجهول يخيم عليه عزرائيل من کل ناحية فإنها هي الاخرى مصيبة من المصائب العديدة التي منيت بها هذه الشعوب، ولعل قصة العشرات بل وحتى المئات من الجنود المصريين الذين ماتوا في صحراء سيناء بعد أن تاهوا إبان حرب حزيران هي في حد ذاتها تعکس القيمة الحقيقية للأنسان في ظل هذه الدول التي لاتعرف سوى فرض مطالبها"وحکامها" على المواطن في حين تصم آذانها عن مطاليبه و حقوقه وحتى إنها تضربه بالمدفعية لو تجرأ وطلب ذلک علنا"کما في حمص و حماه بسوريا"إن تطلب الامر کي تسکته.
أما لو نظرنا الى القوات الفلسطينية المتوزعة على خانات حقيقة و تشارک في جيش وهمي في وحدته و هلامي في تراص صفوفه، فإن قيمة المقاتل الفلسطيني لن يزيد على ثمن الاطلاقات التي يحملها معه وإذا ماوقع في الاسر"فيحلها ألف حلال".
أنظروا الى الحکومة الاسرائيلية و کل مفاصل الدولة في البلد العبري کيف يتعاطون مع قضية شاليط، إنهم يوحون بتعاملهم الحميم هذا مع القضية الى کل جندي إسرائيلي آخر من أنه سوف يصبح هو الاخر بطلا کشاليط عندما يتم تبادله بقطيع من الاسرى الفلسطينيين الذين سوف يعودون الى المسالخ أو الحلقة المفرغة و جيش وهمي ليس بإمکانه حتى هذه اللحظة من أن يحرر نفسه من سرطان الولاءات!
نزار جاف
nezarjaff@gmail.com