أصداء

لحظة تأمل

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

ألغى حاكم ولاية فرجينيا رحلته الرسمية إلى اليابان ليعود إلى ولايته ليعلن حالة الطوارئ،،، خاطب الرئيس الشعب الأمريكي ليعرب عن أسفه لما حدث وأمر بتنكيس العلم الأمريكي إلى يوم الأحد المقبل،،، أجل الكونغرس جدول الاستماع للشهادات الرسمية التي كانت على القائمة لفترة من الزمن،،، لبس لاعبو فريق البيسبول من العاصمة واشنطن الـ "ناشونالس" قبعات تحمل شعار الجامعة تعاضدا مع المنتمين إليها،،، وقف الزمن واحتبست الأنفاس،،، شاهدنا الصور وسمعنا الخبر: أقدم طالب في جامعة فرجينيا تيك (جامعة فرجينيا التقنية) على هوجة إجرامية قتل فيها 32 من طلبتها وأساتذتها وأنهى الزوبعة بإطلاق النار على ننفسه لتحل الصدمة على المجتمع،،، كان ذلك يوم الإثنين 16 إبريل.

الأسئلة تطرح دون انتظار للإجابة،،، فالإجابات معدومة،،، بعد بضعة أيام من الحدث بدأت الرؤيا تتضح. المجرم هو الطالب سيونغ هوي تشو - 23 عاما. قتل 32 شخصا وأصاب 24 آخرين،،، يمثل كل منهم إرثا ثقافيا مختلفا،،، يعكسون أطياف المجتمع الأمريكي بأصولهم المختلفة وأعراقهم المتباينة. ثلاثة من القتلى ذو أصول عربية: ريما سماحة، روس عبدالله علم الدين، وليد شعلان. جميعهم كانوا هناك متطلعين إلى دراسة علمية وطامحين في تجربة ثرية،،، عزاؤنا لهم ولأهلهم وأصدقائهم وأحبائهم ولكل من فقد عزيزا في ذلك اليوم المؤرخ.

بعد الصدمة الأولى لهذا النوع غير المعهود من العنف أتى الرفض إلى أن أيقنا أن ما حدث لم يكن خيالا ولكنه واقع. الغضب يأتي ولكن على من نوجهه؟ إلى من نشير باصبع الاتهام وقد قتل المجرم نفسه؟ من سيدفع الثمن،،، من سيعاقب؟ كيف سنطوي صفحة الألم دون أن نواجه من أجرموا؟ من المسؤول عن قلب كيان ذلك الشخص ليقدم على فعلته؟ ربما الأصدقاء أو الأهل؟ أو علاقة عاطفية أو ربما نزاع دراسي مع أستاذ أو أكثر؟،،، الرسالة التي تركها خلفه تظهر شخصا غير سوي ملئ بالغضب ينطق بعبارات لا يفهم منها إلا أنه كان يعاني من مشاكل نفسية أو عقلية. إذا لا يوجد شخص أو جهة لتتحمل المسؤولية،،، فهل علينا أن ننسى ونتابع حياتنا بشكل طبيعي وكأن شيئا لم يكن؟ لا، الشعب الأمريكي يريد أن يفهم المسببات لتجنب مثل تلك الفاجعات.

من المؤكد أن لجنة التحقيق المستقلة التي عينها حاكم فرجينيا سوف تطرح خطا زمنيا لما حدث وسوف تتعمق في تاريخ سيونغ وفي النهاية سوف تطرح توصيات. تلك التوصيات - كما تقترح لنا المشاهدات التاريخية - سوف يتم مناقشتها بشكل مفصل ومن ثم يتبنى بعضها. لعل ذلك جوهر التجاوب الدينامكي للمواطنين الأمريكيين مع الأحداث المأساوية والعرضية،،، مستعدون للوقوف للحظة أو اثنتين عند حوادث مخلة بنسيج المجتمع،،، مستعدون لمواجهة الأسئلة الصعبة،،، مستعدون للبحث والتقصي من أجل فهم أبعاد القضايا المصيرية،،، مستعدون لطرح الحلول ونقاش إيجابيات وسلبيات الأفكار،،، وفي النهاية يتم التصويت أو يأخذ المسؤول القرار،،، الغالبية العظمى - حتى التي تعارض- ستقف خلف القرار النهائي لأنها تعتقد بأنها إن لم تكن جزءا من الحل فإنها ستكون جزءا من المشكلة.

ما يريد المسؤولون الأمريكيون تحقيقه الآن هو فهم أبعاد الحدث،،، ليس لتوجيه التهمة إلى شخص أو جهة ولكن للعمل على تصحيح مواطن الخطأ،،، فالمجتمع يتطور وينمو، ويدرك المسؤولون أهمية مواكبتهم لتلك التغيرات بإدخال التعديلات الضرورية تحقيقا لرغبة الشعب الأمريكي الذي يصر على ضمان استمرار هذا النموذج التعددي الذي يجمع كل هذه الأديان والمذاهب والأعراق في كنف جنسية أمريكية واحدة متعايشة بتناغم وقادرة على التطور. من السهل السقوط في دوامة الماضي والتعمق في أحداث انقضت وانتهت ولكن من الصعب التعلم من الماضي وتطبيق الدروس المستفادة لما سيأتي في المستقبل. الشعب الأمريكي في ظل هذا الحدث يقف للحظة لفحص الماضي ولكنه يتطلع إلى الأمام،،، إلى المستقبل.

وليد جواد

فريق التواصل الالكتروني

وزارة الخارجية الاميركية

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف