مائة يوم للحرب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
345..............
قد يستغرب القراء أن أبدأ الكلمات بهكذا رقم..ولكن عندما يتقدمون قليلا سيدركون أن الأمر ليس مجرد رقم وإنما مأساة إنسانية بكل ماتعني الكلمة من آلاف المآسي التي استنبتها الفاتحون الجدد في حدائق الشوك بيننا ومن حولنا..!!
مأساة مرقمة لإنسان أعزل لم يؤذ يوما فراشة..ولم يكره أحدا ولكنه بالمقابل و في هذه اللحظة بالذات يخوض بمفرده ولليوم المائة حرب الجوع والإرادة في مواجهة وحشة الأسر وبلادة السلاسل حتى الموت وكأنه يقول لنفسه ولنا ولجلاديه "أيا كانت النهاية سأفوز بالحرية "..!!
انه سامي محيي الدين محمد الحاج
وبالمناسبة "لا تربطني به قرابة كما قد يتبادر للأذهان وإنما تشابه أسماء مع أنه يشرفني أن تكون..ويكفيني فخرا ما بيننا من سمرة وعروبة تمتد من أحزان غزة إلى آهة كردفان وعذابات غربة تفوق الوصف في المكان والزمان..!!
الجنسية: لاتهم طالما أنه إنسان
علامات فارقة:عيون أندلسية تحمل وجعا بعمق التاريخ -ملامح هادئة -متزوج -يعمل مصورا تلفزيونيا لحساب قناة فضائية عربية،
وهو الآن نزيل سجن قاعدة جوانتنامو العسكري تحت رقم 345منذ أوائل 2002.
أوصلته الكاميرا ذات يوم إلى باكستان في طريقه إلى أفغانستان لتغطية الحرب ضمن كوماندو الجنرال الإعلامي الشهير تيسير علوني..!!
ولكن وبشكل دراماتيكي أوقف على الحدود وأقتيد على عجل إلى معتقل بحجم قاعدة باجرام الجوية وكأنه "الملا عمر" زعيم طالبان ثم انتهى به الأمر إلى فندق جوانتنامو الشهير في ضيافة أمريكية سبعة نجوم!!
رفاهية لاتليق إلا بمصور قناة تلفزيونية يبدو أنها لم ترق منذ البداية لرجال البنتاجون والبيت الابيض رغم أنها قطرية..-وما أدراك ما قطر..!!- لا لسبب إلا لكون الجزيرة حنجرة عربية.طويلة اللسان..مشاغبة في الاتجاهين الموافق والمعاكس غالبا وجريئة أكثر مما يجب،وتخوض أحيانا في ملف "سري للغاية "بما يؤهلها للحصول على الحزام البني في الإرهاب من وجهة النظر الأمريكية مما يبرر هدر دمها منذ زمن ويجيز قصفها وبالتالي لم ولن تحصل على شهادة حسن سير وسلوك موقعة بحذاء أي ساع في أصغر سفارة أو قنصلية أمريكية في العالم إن لم تغير وتبدل..مع أنها في رأيي فكرة اعلامية تنفيسية مبتكرة وأكثر تحررا قياسا بمحيطها من جهة رسمية تقليدية غاية في الانسجام مع متطلبات الانصياع لواشنطن والقناة كما تنفس عن مشاعرنا فانها بحسن نية أو بغيرها تعقد أحيانا لقاءات مع الإسرائيليين الملطخة أيديهم بدمائنا ولو من باب النزاهة الإعلامية!!
هذا عدا ما جلبته وتجلبه على نفسها من عداوات ومناكفات مع معظم الأنظمة العربية إضافة إلى حسد ونكد الجارات والضرائرفي الفضائيات الإخباريات من السي. إن. إن إلى العربية الى الحرة..!!
في شهادته وشهادات زملائه يرسم سامي الحاج جدارية عار بشري لاتمحي نتوءاتها ولايصدقها منطق ويحتاج المرء منا إلي وقت طويل للخروج من صدمتها الأولى.
أنه عار قبيح لا تحصره كلمات أو تخفف من وطأته كل وسائل التنفيس البشري..!!
عار أمريكي صرف يلوث حقبة بكاملها من التواطؤ والصمت الأممي على جرائم حرب لم يستجلب مقترفوها أمام محكمة جرائم الحرب الدولية إلى الآن وربما إلى مستقبل قريب..ليس بسبب نقص في الأدلة وإنما بسبب رضوخ العالم التام لمنطق القوة والهيمنة والتي لا وجود لقانون أو شرعية إلا بيدها ومن خلالها
لك عزيزي القاري أن تتصور ما تشاء وما لا تشاء من أساليب القمع والتعذيب التي مورست بحق سامي الحاج ونزلاء فنادق القواعد الأمريكية في أرجاء العالم منذ أكثر من 1300يوم بحجة تصوير ابن لادن لكن مالا يستطيع أحد تصوره هو محاولة خبراء الاعتقال الأمريكيين إنتاج نسخ أمريكية معدلة فكريا من المعتقل" 345" ومن بقايا النسخ الإنسانية المحطمة للمعتقلين الآخرين تكون قادرة على العمالة والترويج للفتوحات الصليبية الجديدة
إن من أصعب الأشياء على المرء أن يتهم باطلا وأن يعتقل سبع سنوات دون محاكمة في ظروف لا تليق حتى بالكلاب الضالة ويمارس بحقه أبشع وأقذر طرق التعذيب والتنكيل الجسدي والسحق النفسي دون اعتبار لخلق أو قيمة أو قانون أو دين ولكن الأصعب حقا أن يختصر الصراخ والبكاء والألم في رقم..قد لا يلتفت إليه إلا أصحاب الملايين أو الرياضيين
إلى هذه الدرجة وصل بنا القرن الحادي والعشرين من السمو والرقي في ظل من يحلو لهم أن يلقبوا دائما بقادة العالم الحر والذين يستطيعون بالباطل أعتقال أي شخص وفي أي وقت دونما الحاجة إلى تهمة في ظل صمت الضمير الكوني عجزا وخوفا
لك الله.. يا سامي الحاج..
ولمحمد ابنك الذي لم ولن تنسه حلوى العالم كله ما فعلت أمريكا بوالده البريء..!!
ولك الصبر يا أسرة تتلفع بحزن الفراق والقلق في السودان المطارد دوما بالمؤامرة
ولكم الله يا من تقبعون في زنازين القهر والظلم في أي مكان تجلى فيه الاستبداد وتفرعنت فيه القوة الغاشمة..!!
ولو دققنا النظر قليلا في صحرائنا العربية المتجهمة والمترامية الاطراف من المحيط الى الخليج لوجدنا أكثر من وكيل للقهر الأمريكي وأكثر من جوانتانامو لاتقل رفاهية وإنسانية عن النموذج الأم في جزيرة كوبا
كلي أملفي احتفالية يوم الأسير أن تصل إلى سامي الحاج في معتقله -وهو يقاوم سجانيه بحرب أمعاء لا هوادة فيها- هذه الآهة التي أعجز للأسف عن سواها لربما تؤكد ولو على استحياء أننا لم نتوقف لحظة عن المساندة بل والدعاء مع كل صلاة له ولكل أسير بالحرية،وسأظل بكل ما أوتيت من يقين أشك و أسخر من سدنة شعارات العدل والإنسانية وستبدو تلك لي أشبه بنكات باهتة ما لم ينل سامي الحاج وغيره من المعتقلين في سجون القهر الغربية والعربية حرياتهم..!!
وسأظل أحلم أن أعيش إلى يوم لا أرى فيه أسيرا أو معتقل حتى ولو كان "شاليط "..!!
وأتمنى أن أرى كل السجون والمعتقلات وقد تحولت إلى رياض أطفال أو متنزهات أو حتى متاحف تؤرخ لعصر حديدي قذر مضى دون رجعة
توفيق الحاج