أصداء

ظاهرة اسمها عثمان العمير!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

تتشابه الصحافة مع القمار في إعتمادهما على روح المجازفة و إلقاء أهم الاوراق في کنف الغيب و اللامعلوم من أجل الحصول على نتيجة غير إستثنائية. المقامر يجمع بين إحترافه للعبة و بين ضروب أخرى تضم بين ثناياها الخدعة و المراوغة و اللف و الدوران لکي يکسب الرهان و يدفع خصومه للنهوض من الطاولة خاليي الوفاض، أما الصحفي، فهو يجمع بين حرفته المثيرة للمتاعب و بين شغفه و ولعه بإختراق عوالم جديدة لم يتمکن منها غيره، وهو يبتغي أن يبز أقرانه في جنوحه نحو آفاق ينتزع من آجمها شئ أسمه السبق وهو عنوان و روح المجد عند الصحفي. وفي کثير من الاحيان يغامر الصحفي بالکثير من أجل تحقيق هدف ما حتى يصل به الامر الى المغامرة لا بسمعته و کيانه فحسب وإنما حتى بحياته.


والحق، إن الصحافة العربية بما حفلت به من تجارب أکثر من سيئة رسمت خطا بيانيا غير سليما لهذا المضمار الحساس، لکنها لم تکن تستطيع المضي قدما في عالم تکتب حروفه و تزرکش و تزخرف ألوانه من داخل الاقبية الخاصة التي طالما کان البيان الاول يکتب منها، بل و وجدت نفسها تصطدم أخيرا برجال صعبي المراس و أقوياء الشکيمة ممن آلوا على أنفسهم أن يصنعوا شيئا جديدا في عالم الصحافة العربية و أن يضعوا آثار سنابک خيولهم الأصيلة فوق طرقات لم يکن مسموح المرور بها إلا بإذن خاص من "الابواب العالية"في أوطاننا و للأسف ما أکثرها!


وقد يکون الاعلامي البارز"فيصل القاسم"نموذجا يمکن الإشارة إليه کأسوة حسنة في هذا المجال، ذلک إنه کان من أوائل الذين مزقوا دياجير"الممنوع" و"غير المسموح" و"المرفوض"، فأطلق لقدراته العنان و حقق قفزة نوعية في التعامل مع العقل العربي الذي عودته الانظمة العربية على النظر بإتجاه واحد فقط و دعاها للإلتفات الى الاتجاه المعاکس الذي هو أساسا کنه و جوهر العمل الصحفي. القاسم، بما أثاره و يثيره من جدل لسنا في صدد تبريره أو البحث عن معطياته، لکننا نلفت الانظار الى الى أنه قد رسم خطا بيانيا خاصا تبعه و قلده الکثيرون و ان لم يشيروا إليه کقدوتهم في هذا المجال وهذه بالحقيقة من أمراض الواقع الاعلامي في الدول العربية.


غير أن الذي حققته و تحققه تجربة"إيلاف"الاکثر من طموحة، قد تکون في محصلتها النهائية سعيا جديا لتغيير شکل و مضمون الاعلام العربي بحد ذاته، ومجرد الاشارة الى ذلک الحضور غير المألوف لهذا الصحيفة الالکتورنية التي إخترقت و تخترق بسرعة مذهلة تتفق و عصر السرعة عوالم جديدة لم تکن مطروقة من قبل بل وحتى لم تکن"على البال و لا على الخاطر". وخلال سنين قلائل من عمرها، تمکنت إيلاف من ان تتخذ لنفسها موقعا و مکانة خاصة في عالم الصحافة لا على الصعيد العربي وإنما حتى على الصعيد الدولي. إيلاف باتت مصدرا مهما للأخبار مثلما صارت منبرا مثاليا لطرح الآراء و الافکار السياسية و الفکرية و الاجتماعية و غدت الکثير من دوائر القرار و الاوساط السياسية و حتى"الامنية"تحرص على متابعة الذي تذکره فيما يخص مجالاتها.


لست أذکر هذا من باب التباهي و لا إبراز الذات، وإنما کمثال بسيط جدا على الحضور القوي لإيلاف خارج أسوار العالم العربي، لي صديق إيراني في المانيا يجيد اللغتين الفارسية و الالمانية قراءة و کتابة وهو وجه إعلامي بارز و معروف في الاوساط الايرانية، هذا الصديق فاجأني يوما وهو يعاتبني على مقال لي نشرت مقتطفات طويلة منه"وکالة فارس"شبه الرسمية الايرانية حول مؤتمر الامن الخاص بالعراق و الذي إنعقد العام المنصرم بطهران، وتعجبت في البداية حتى علمت ان تلک الوکالة قد إقتبست من مقالتي التحليلية بطريقة"لاتقربوا الصلاة" من دون ذکر البقية. وقد أشارت تلک الوکالة الى موقع إيلاف وکأنه"الفيصل"في تقييمه للأمور.


وقطعا ان الحديث عن إيلاف يقود بالضرورة للحديث عن فارس بارز يکاد يکون روبن هود الصحافة العربية وهو الصحفي القدير عثمان العمير الذي هو من إبتکر عالم إيلاف وجعلها طودا شامخا يعلو و يعلو يوما بعد آخر. العمير الذي قد لايکون مثل فيصل القاسم الذي هو على إتصال مباشر بجمهوره، ليس من السهل أن يبني المجد و الشهرة في الشارع العربي الذي وللأسف يتعامل بالمحسوس و المرئي و يجهل في أغلب الاحيان الجالسين خلف الکواليس من الذين يقودون العملية برمتها من أمثال عثمان العمير. إلا أن هذا الرجل بما إمتلک و يمتلک من موهبة و إمکانية هائلة تمکن من إختراق هذا الشارع وصار رقما مهما و حتى صعبا فيه، رقم يذوب فيه الکثيرون وجدا و حبا، و يحنق عليه العديدون أيضا کرها و کمدا وکما هو معلوم تجتمع الشهرة دوما بين هذين النقيضين.


عثمان العمير حين اختير کشخصية العام الاعلامية في البحرين، تنفست الصعداء، إذ وجدت والحمدلله قاعدة"الرجل المناسب في المکان المناسب"باتت تتکرر في أوطاننا رويدا رويدا، والحق أن العمير وإن کان جديرا بحق بتلک المکانة، فإنه قد غدا بمثابة ظاهرة مهمة في عالـم الاعلام العربي، ظاهرة سوف تثبت الايام أنها الطريق الاصح الذي يجب أن يسلک فيه من کان يبتغي في دنيا الاعلام سبيلا!

نزار جاف

nezarjaff@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف