لازال النظام السوري يغني على ليلاه
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
في زيارته الإستعراضية إلى ديرالزور بعد مسرحية الإنتخابات التشريعية الصورية بنتائجها المعروفة وتأكيد معظم المصادر المستقلة المحلية والدولية على أن نسبة المنتخبين لم تتجاوز 6% وهي تؤشرعدم شرعيتها وشرعية المجلس الذي أنتجته،هذا المجلس الدمية الذي لايمثل حتى نفسه، ولن يستطع فعل شيئ سوى تنفيذ الأوامر الأمنية والتصفيق والردح وزيادة معاناة الشعب السوري سوءا ً على سوء، وكعملية التفاف على نتائج المسرحية التي أربكت دوائر النظام، قام الرئيس السوري بزيارة إلى محافظة دير الزور وألقى خطابا ً ناريا ً صوتيا ً غوغائيا ً كعادته، مستمرا ً بشكل غريب على الغناء على ليلاه رغم كل الموسيقى الجنائزية التي توشك أن تصم آذان الشعب السوري.
والغريب أن الرئيس السوري يستمر باعتماد نفس الخطاب الغوغائي الذي أوصل سورية إلى الحضيض ضعفا ً وفقرا ً وعجزا ً وإخلالا ً كبيرا ً في مكانة سورية وهيبتها وموازين القوى الإقليمية، ولازال متمسكا ًبكلتا يديه بخطاب ماض أثبت عقمه وفشله على المستوى الداخلي قبل الخارجي، هذا النهج الذي دفع بسورية إلى الهاوية والعجز وربطها كليا ً بموقف خارجي يجدد له البقاء في السلطة قليلا ً متدحرجا ً إلى حالة السقوط الحر، هذا الوقت الحرج الذي يراه النظام استمرارا ً لجوده، هو في حقيقته الوقت الضروري لإنهيار النظام وسورية معا ً توافقا ً مع خرائط المنطقة ومشاريعها التي لم يدرك النظام منها شيئا ً بل يعمل بكامل طاقته على تنفيذها، والعجيب هو أنه في سرعة الأحداث الراهنة التي تهز المنطقة وسورية منها يستمر الرئيس السوري بالعمل على سرعة صمام واحد وبحركة مكانية متباطئة ويغرد بمعزوفة واحدة هي نظرية " المؤامرة والأعداء " الذين يتربصون بالنظام والمنطقة لتفتيتها...! وكأن المنطقة بقي فيها شيئا ً مركبا ً لم يتفتت ويتشظى بعد، ولم يدر النظام السوري أنها أصبحت مرتعا ً للتفتيت وتجارب الآخرين نتيجة فشل وبؤس النظام السياسي وتهالكه وتمسكه بكرسي الحكم على حساب انهيار كامل، وسورية الآن في دائرة الإعصار المدمر، ومازال الرئيس السوري يعزف على وتر المساومة والمقاومة والإنتصار!.
والغريب أيضا ً أن تداعيات المرحلة الراهنة على مستوى سورية والمنطقة لم تستطع أن تهدي النظام السوري إلى الطريق المستقيم، أقصر الطرق للوصول إلى الهدف المطلوب ويصر على المشي في طريق أعوج يزيد متاهة وإنهاك الشعب السوري وتضليله في مرحلة أشد ما تحتاج إلى الصدق والوضوح ومشاركته وتحديد آليات جديدة للتصدي لحالة الإنهيار، والأغرب أن الرئيس السوري يتحدث عن مشاريع وأوراق فتنة تلعبها أطراف خارجية يلهث هو نفسه وراءها للحوار والمساومة ويعرض كل مايملك وباستعداد لتنفيذ كل الطلبات على أمل البقاء في الحكم، أهو النسيان أم التناقض أم الغوغائية أم الإستهتار أم الدور والإصرار على حرف أهتمامات الشعب وحصره في هذيان النظام وسلوكه الإستعراضي البعيد عن أية آليات عملية محددة للتصدي للأزمات ومعالجتها، أم الكل مجتمعين ويزيد في آلة أمنية واحدة تقمع الشعب وتحاصره في اليأس والفشل والفقر والتهميش وقلب الصور ة رأسا ً على عقب...؟!.
في محددات الصورة العلنية الراهنة في المنطقة، نحن قلقون على سورية أكثر من أي وقت مضى، لأن الألغام التي تتحدث عنها هي صناعة محلية بامتياز، زرعها القمع والتهميش وإلغاء دور الشعب وسجنه وتضليله وإذلاله وحصره في دائرة عجز النظام وأسره بها وربطه بحبالكم على مدى سنين طويلة، بعجالة نتساءل: من أنتج الفقر والتخلف والبطالة وتدهور الحالة المعيشية وتغييب الشعب ومصادرة حريته وقراره؟ومن فتح أبواب سورية مشرعة ً أمام التطرف والإرهاب وركب موجته؟، من عزل سورية عن محيطها العربي والدولي؟وبالمحصلة من كسر إرادة الشعب وأجهض كل قواه وسلبه حريته وكرامته،وأوصله إلى ماهوعليه؟! أهو أمريكا والخارج أم سياسة النظام القمعية لعقود...؟!.نحن قلقون عندما يتكرر الكلام غير المسؤول بأن دور سورية خارج حدودها...! وهكذا عارية ً بدون قوة فعلية وميزان قوى واضح تملكه، ولم يعد في عالمنا الراهن مخفيات، وقوة سورية الوحيدة الباقية هي شعبها التي تصر على إبعاده من ساحة المعركة وحصره بين مطرقة القمع وسندان نتائج الظروف الداخلية والخارجية التي لم تعد هي الأخرى خافية ًمظاهرها السياسية والأهلية في سورية، ولعل القلق الكبير هو الإصرار على عدم الرؤية وتعويم العجز والفوضى اللذان يحاصران النظام على شماعة الظروف الإقليمية وخاصة في العراق وفلسطين ولبنان وتحويره بتصويره على أنه تحمل المسؤولية خارج الحدود...! ولماذا اللف والدوران، أليس الجولان والسوريين تحت الإحتلال أحق بكل هذه النخوة وأقرب إلى المصداقية والواقعية ووضع القول على المحك...! أم أن الجولان أصبح منطقة محايدة خطرة بين الداخل والخارج ممنوع الإقتراب منها؟!.
الفشل أو النجاح هو ليس بالصياح وزيادة التضليل وتزييف إرادة الرأي العام، وأن سايكس بيكو الأولى التي تتحدثون عنها ثبتها هذا الخطاب المتهالك بالذات،ولم يدرك دعاة المقاومة والتحرير بعد وعبر مايقرب من نصف قرن من التربع على كرسي السلطة،أن سايكس بيكو الثانية قد دخلت مراحلها التنفيذية على الأرض بعض ملامحها الواضحة في العراق ولبنان والبعض الآخر في طريقه إلى التنفيد وأداته المباشرة هو تمترس نظام فشل في أداء وظيفته الوطنية والإستمرار بتغييب الشعب عن أخذ دوره الحقيقي في الصراع، الصراع ألذي أثبت النظام السوري أنه عاجز عن القيام بمسؤوليته الإفتراضية ولانريد أن نقول كلاما ً آخر، بل نتركه للواقع ومجريات الأمور وللأيام العصيبة التي يعيشها الشعب السوري أن تنطق به جهارا ً لأن مايحدث في المنطقة ومايمارسه النظام السياسي من تضليل قد تجاوز التحليل وأصبح واقعا ً معاشا ً أشبه بكسر العظم كما ينطق به حال الشعب السوري نفسه.
وأخيرا ً في مثل هذا الخطاب أصبحت سايكس بيكو الأولى واقعا ً يدافع عنه النظام السوري والعربي كله وفرخ سايكس بيكو الثانية ولم يفرخ وحدة ولاتطور ولاعلاقات أخوية ولاتكامل اقتصادي ولاتنمية بشرية ولاتعددية ولاديموقراطية، وقائمة التردي تطول...، والأمور بعون النظام السوري ماشية من سيء إلى أسوأ، والتصدي للمخططات الخارجية التي تريد تفتيت المنطقة يتم فقط عن طريق الصدق والصراحة والشجاعة بالإقرار بمشاركة الشعب أي بالديموقراطية وبفهم ومعرفة موازين القوى التي يملكها النظام السوري نقدا ً وعدا ً والتصرف قولا ً وفعلا ً على أساسها في صراع يصفه الرئيس السوري بأنه تفتيتي...!، وبشكل عابر نقول إن التأثير في هذا الصراع يتم عبر تطوير موازين القوى التي بين اليدين، وحسم الصراع يتم بامتلاك القوة الحقيقية الفعلية المنظورة والصدق بمعرفة فاعليتها وقدرتها في حلبة تصارع القوى الخشن والعشوائي الدائر في محيط سورية، وعليه تفرض المسؤولية مد اللسان والرجلين على مساحة حصيرة القوة الذاتية التي لم تعد خافية أبعادها على أحد، وأولهم الشعب السوري لأن حالة الإنهاك التي أوصلها له النظام لم تعد قادرة على التمظهر في المستقبل وضمن أية شرارة عشوائية سوى بالتشظي والتطاير بشكل لم يصدق حتى مخططوا سايكس بيكو الثانية حدوثه...بصراحة الإطمئنان هو وعي بححم المسؤولية أولا ً ومعرفة صادقة بموازين القوى ثانيا ً وبقراءة موضوعية للقدرة على الفعل ثالثا ً والأهم هو الإقرار بعودة المغيب إلى ساحة الفعل وهو الشعب وفسح المجال للاعب الأساسي بأن يأخذ دوره رابعا ً....وفي صورة سورية الراهنة قلقون...قلقون من الإرتجال...والإنتظار....والتكرار...تكرار مشهد الإنهيار!.
د.نصر حسن