مقارنة بين انظمة الاعتدال والعقلانية وأنظمة الرفض والتطرف والشعارات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
مقارنة بين انظمة الاعتدال والعقلانية وأنظمة الرفض والتطرف والشعارات
جاءني عدد من الردود على مقال يتعلق بحملة اعلامية لتشويه دول الاعتدال العربي وتسويق المبادرة العربية، تحتج وتشكك في دور دول معسكر الاعتدال في التصدي للمشروع الصهيوني الأميركي في المنطقة. وقال أحدهم أن هناك محاولات للتطبيع مع اسرائيل بدون ثمن وغير ذلك من العموميات التي لا تستند على حقائق بل مبنية على نظرية المؤامر ة التي عانينا منها لأكثر من نصف قرن. وأضاف آخر ان تسويق المبادرة العربية تأتي في اطار تصفية قضية اللاجئين. وقال آخر ان السعودية تسوّق مشروع بوش في الشرق الأوسط وغير ذلك من الخزعبلات. وجاء ثالث ليوجه هجوم شخصي.
ومن هنا يحق لنا ان نتساءل من هو الفريق العربي الذي يتصدى للمشروع الصهيوني:
انني اقدر في القراء اهتمامهم بالتصدي للمشروع الصهيوني وأحيي هذه الوطنية والغيرة على فلسطين ولكن الذي نريد أن نعرفه هو كيف يتم التصدى لهذا المشروع ومن هم الذين سيقوموا بهده المهمة. التعليقات التي أتت أثبتت عجزهم وافلاسهم. كيل الاتهامات امر سهل ولكن وضع بدائل أمر صعب لذا اكتفى أحدهم بالشتم. لم نسمع منهم كيف وبأي وسيلة يمكن التصدي للمشروع الصهيوني ومن هم الذي سينفذوا استراتيجية التصدي ونحن بحاجة لأجوبة.
من يقصدوا بالصامدين والرافضين والممانعين؟ هل هو المحور الايراني السوري أم حماس وحزب الله. أم يقصدوا بذلك الثوريين الذي تحولوا بقدرة قادر الى وراثيين فاسدين.
أم ان الذين يتصدوا للمشروع الصهيوني هم طالبان غزة الذين يحرقوا مقاهي الانترنيت ومحلات بيع الكاسيتات ويخطفوا ويبتزوا ويهددوا ويقتلوا.
هل هي عائلات المافيا التي تعمل فوق القانون ولا أحد يستطيع ان يمس بها؟
هل هي الميليشيات الخاصة التي تنكل بالمواطنين نيابة عن بن لادن والظواهري، وتقدم خدمة جليلة لاسرائيل.
من هم بالذات الذين يتصدوا للمشروع الصهيوني هل هم الفرقاء الذي ينفذوا أجندة ايرانية وطالبانية في المنطقة. هل هي القاعدة التي تسربت للضفة والقطاع.
هل سيأتي الانقاذ والصمود والتصدي للمشروع الصهيوني من أبطال الكلام والتصريحات الغبية من أمثال معمر الغدافي او محمود احمدي نجاد الذي يهدد بازالة اسرائيل عن الخارطة. ألم يهدد صدام حسين بحرق نصف اسرائيل في التسعينات ولم يقتل دجاجة يهودية واحدة. أم ننتظر التصدي للمشروع الصهيوني من عمر البشير أو كيم جونغ ايل أو هيوغو تشافيز أو بن لادن والملا عمر؟ أم من خليفة دولة العراق الاسلامية؟
لا نزال ننتظر أجوبة على هذا التساؤل.
ولكن قاريء آخر قال يبدو ان تجار الشعارات والخطب القومجية والعنتريات من فرسان الفضائيات والمواقع الاليكترونية هم الذين يتصدوا شفهيا للمشروع الصهيوني بالفهلوة اللفظية والصاق التهم على الآخرين وتكرير العبارات الغوغائية التي سئم منها المواطن العربي.
التشويه الاعلامي والاساءة لمعسكر الاعتدال العربي والأردن على وجه الخصوص:
أشرت في المقال الى تحركات عربية مكثفة شملت خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني في الكونغرس ومؤتمر القمة في الرياض الذي طرح المبادرة العربية مرة أخرى على العالم. وقلت ان هذا سيركز الاضواء على التعنت والرفض الاسرائيلي ويثبت للعالم ان الطرف العربي هو الذي يريد السلام وليس اسرائيل. وأشرت في المقال لمحاولات اسرائيلية للتشويه والتضليل والصيد في الماء العكر لخلط الأوراق. وقامت بعض الصحف الاسرائيلة بتشويه لما قاله جلالة الملك عبدالله الثاني خلال لقاءه مع وفد الكينيست الاسرائيلي لاحراج الأردن. وفجأة يظهر الوطنيون والمدافعون عن الحقوق الفلسطينية ذو الأصوات العالية جدا ليس لانهاء الحصار او تقديم مساعدة حقيقية للشعب الفلسطيني بل للاساءة للأردن من خلال شعارات احمد سعيد الغوغائية.
التشويه الاعلامي الاسرائيلي لاحراج الأردن ليس جديدا. وأكّد هذا الكلام الاستاذ بلال الحسن في مقالته في الشرق الأوسط ألأحد 28 ابريل نيسان الحالي ومقالة الأخ احمد ابو مطر في ايلاف في الثاني من آيار الحالي.
شعارات وخطب نارية
منذ الخمسينات تغذى الشعب العربي على خطابات القومجية وشعارات الوحدة وتحرير فلسطين. ولكن ما حدث على واقع الأرض هو هزائم ومصائب وكوارث ونكبات وتفتت.
بعد اختفاء عبد الناصر عن المسرح العربي تشبث الشارع العربي الساذج عامة والشعب الفلسطيني على الأخص بالمنقذ صدام حسين وماذا حدث. هدر هذا القائد الفذ ثروات العراق على حرب عقيمة مع ايران واحتل الكويت وجلب الدمار لشعبه ولربع مليون فلسطيني نزحوا من الكويت.
وما يحدث في العراق الآن هو نتيجة مباشرة لسياسات غبية هوجاء ارتكبها النظام خلال ثلاثين عاما. الشعب العراقي الآن يدفع ثمن الغباء السياسي للقيادة الدكتاتورية التي صفق وطبل لها الغوغائيون الذين لا يزالوا يترحموا على النظام البائد.
التهم الجاهزة
من الطبيعي عندما يظهر مقال في صحيفة او موقع اليكتروني هناك من يؤيد ومن يعارض لكن هناك فئة جاهلة ليس لديها حجة فتلجأ للهجوم الشخصي.
للايضاح اذا كتبت مقالا عن لبنان تنتقد فيه طرفا ما سيأتي مؤيدوا ذلك الفريق بالهجوم على الكاتب والعكس. لترضي الجميع عليك ان تؤيد حزب الله وتيار المستقبل والكتائب في آن واحد وهذا مستحيل. وبنفس الوتيرة اذا اثنيت على محمود عباس سيعتبروك ضد حماس والعكس.
لماذا تأييدي للأنظمة الملكية؟
اكتب ما أقتنع به من خلال مراقبتي للأوضاع وتأييدي للموقف الأردني والسعودي يعود لأسباب عديدة ولكن أهمها هو بعد دراسة ومتابعة الملفات المختلفة ومراقبة المشهد السياسي في الشرق الأوسط ونفاق الأنظمة الجمهورية الدكتاتورية الوراثية واضطهادها للمعارضين والمثقفين وشعاراتها الفارغة توصلت الى قناعة ان الانظمة الملكية هي الخيار الأمثل والأفضل للشعوب العربية. مقارنة بسيطة سريعة بين الملكيات والجمهوريات الثورية الوراثية توضح النقطة.
المسلخ العراقي
منذ اغتيال النظام الملكي في العراق عام 1958 لم ينعم العراقيون بأي استقرار او طمأنينة لمدة خمسين عاما حيث تبع تلك الجريمة البشعة مرحلة من الانقلابات والاغتيالات والاعدامات والتصفيات لزملاء الأمس وحملات قمعية داخلية وحروب عقيمة ومقابر جماعية وسياسات غبية انتهت باحتلال العراق وبتدمير العراق وتمزيقه على أسس طائفية ومذهبية وحولته الآن الى مسرح للارهاب ومسلخ بشري ضحاياه ابرياء من جميع الطوائف والأعراق.
اللاجئون العراقيون والفلسطينيون يفضلون الأردن: لماذا؟
والأردن هومثال ساطع على نظام عقلاني معتدل وبقيادة هاشمية حكيمة والبلد المفضل للنازحين العراقيين والفلسطينيين. الأنظمة المكلية أبدت استعدادا ورغبة في الاصلاح وتحسين احوال الناس وهذا نراه في مراكش والاردن والسعودية. ألأنظمة الملكية أكثر صدقا وأكثر انسانية وأكثر عقلانية وأقل كذبا ونفاقا من تجار الشعارات الثورية. والأهم من ذلك اثبت الأردن مقدرة نادرة على قراءته الدقيقة للمتغيرات الجيوسياسية في العالم وتعامل معها بحكمة. رغم صغر حجمه وقلة موارده يلعب الأردن دورا محوريا مؤثرا. خطاب جلالة الملك في الكونغرس في شهر آذار هو خير دليل على دور الأردن الايجابي في المنطقة.
الأنظمة الملكية المعاصرة أكثر انسانية وانفتاح وديمقراطية:
لا تحتاج الى دراسة ميدانية او تحليلات ومقارنات دقيقة لكي تستنج ان الانظمة الثورية الوراثية هي أشد قمعا للحريات العامة وأكثر فسادا واكثر انتهاكا لحقوق الانسان وسجونها مليئة بذوي الرأي الآخر ولكن ما يميزها عن الانظمة الملكية هو مقدرتها على تبني الشعارات الجوفاء واطلاق التصريحات النارية ضد الاستعمار والامبريالية والصهيونية وتستقطب الساذجين حتى الذين يصفوا أنفسهم بالمثقفين الذين يتصدوا للصهيونية باستعمال الريموت كونترول والصراخ على الفضائيات وشتم الآخرين.
نهاد اسماعيل
لندن
nehad ismail - London