أصداء

شرم الشيخ مؤتمر العرافين و فتاحي الفأل!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

إنفضاض أعمال مؤتمر شرم الشيخ بعد قراراته التي إتسمت بنوع من الاستعراضية الميالة الى عدم الترکيز على إتجاه محدد، دفعت الانظار للتوجه الى العراق و التمعن في کيفية تطبيقها على أرض الواقع هناك حيث أزمات و مشاکل معقدة أکثر من عويصة. والحق، إن المؤتمرين في شرم الشيخ يکاد يشبهون العراف الذي يعطي وصفة ما لأحد زبائنه و هو يتمنى في سره أن تسعفه الاقدار و تلعب الصدفة دورها کي يکون عند حسن ظن زبونه. وقد کان معظم المشارکين يستخدمون مفردات مثل"أتمنى، آمل، ليت، فيما إذا، لو"وهي کلها موجودة في جعب العرافين و فتاحي الفأل و يبدو إن الولايات المتحدة الامريکية تتقدم الجموع في هذا السياق و تکاد تکون العراف الاکبر وهي التي کانت و لاتزال في القاموس السياسي للجمهورية الاسلامية الايرانية"الشيطان الاکبر"، فيما کانت طهران حذرة في حضورها و أدق تصرفاتها في ذلك المنتجع الذي حاولت الدبلوماسية المصرية أن تستخدمه بطريقة"العرافيين"أيضا آملة في أن يلعب القدر لعبته و يحقق لقاءا غير متوقعا بين الخصمين"اللدودين"إيران و امريکا، لکن لم يتحقق شيئا من ذلك وطفقت القاهرة أيضا مثل باقي العواصم المشارکة ترفع يديها بصورة المتضرع متمنية أن ينال هذا المؤتمر المصري مالم تنله المؤتمرات الاخرى"الاکثر من کثيرة"بخصوص العراق وبذلك تحقق العقلية السياسية المصرية مالم تحققه مثيلاتها في هذا المجال، غير أن واقع الحال قد لا يکون بالمرة کذلك أبدا. ونظرة عل واقع الحال العراقي و تشعب مشاکله و أزماته بإتجاهات متضاربة بل و حتى متناقضة مع بعضها في أغلب الاحيان، تؤکد بشکل أو بآخر أن القضية أکثر تعقيدا من تلك التي إرتسمت في مخيلة و أفکار"جهابذة"شرم الشيخ. إن حذف الديون و تشديد الحصار و حتى الخناق على الحدود لن يحل شيئا من واقع المشکلة العراقية الميؤوس منها في بعض الاحيان، فلا قرار فوقي و لا جنود أو رجال شرطة و أمن متراصون على طول الحدود العراقية مع بلدان الجوار"المشاکسة"بمقدورها أن تنهي المحنة و تعيد العافية الى الجسد العراقي المهنك و المريض الى حد ما. إن المسألة أساسا تنحصر في نقطة واحدة و لاغير وهي تتعلق بالنيات الحقيقية للتيارات السياسية العراقية و مدى مصداقيتها في تعاطيها في خطابها السياسي الموجه، فهي تمارس سياسة تتسم بإزدواجية فريدة من نوعها، ففي الوقت الذي يمد أحدهم يده مصافحا لخصم ما له، فهو يوقع باليد الاخرى على أمر خاص بشن غارات"ميليشياوية"ليلية على المعاقل الامنة لذلك الخصم. وتماما کما هو الحال مع دول محددة، إذ عندما توقع على إتفاقية أمنية تخص العراق، فهي تقوم في نفس الوقت بإعداد العدة للعمل بسياق مناقض له تماما! لکنني رغم ذلك أتمنى لو صدق أولئك العرافون وکانوا بمصداقية العراف الذي تنبأ بمقتل يوليوس قيصر في يوم الخامس عشر من آذار، فيريحون العراق و يريحونا من وطأة مجزرة يومية تحصد يوميا نفوسا جلها بريئة و لاناقة لها في الامر و لاجمل، فهل سيتوفق عرافوا شرم الشيخ؟ أتمنى ذلک من کل قلبي!

نزار جاف
nezarjaff@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف