أصداء

النظام السوري والرقص على مطرقة المحكمة الدولية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لاأحد يشك في أن "بانوميتر" العلاقات الدولية يعمل بناء ً عل تأشير الحرص على المصالح الستراتيجية وهذا ينطبق بشكل كبير على علاقتها مع أنظمة الشرق الأوسط حيث هنا مكمن الذهب الأسود والأصفر وأكبر سوق دولية لإستهلاك مفردات البطون وأنواع الأدوات الجارحة ومنتجات الموت وحركة التجارة والصناعة العالمية على أرضية استخدام المنطقة وشعوبها مختبرات بناء وخراب أي ضمان استمرار عمل الشركات متعددة الجنسية وتقدم مجتمعاتها والمزيد من الخراب والتخلف والفقر بالقرب من أكبر منابع الثروة العالمية، وعلية تتسم بالإضطراب الشديد والمستمر وعجز أنظمتها السياسية من الحفاظ على الحد الأدنى من المصالح الوطنية وكرامة شعوبها، وانخراط أنظتها في خدمة الستراتيجية الخارجية سواء ً بالفعل المباشر أو العجز المباشر أيضا ً عن تأدية دورها وتحمل مسؤوليتها السياسية والوطنية، وعليه لازالت الصراعات في ساحة المنطقة الجغرافية والبشرية والإقتصادية والحضارية وعليها تتحدد اتجاهات شكل المستقبل العالمي بشكل كبير وتؤشر على المتقدمين والمتخلفين والباقين والمنقرضين في عالم المستقبل.

وعليه ليس هناك مسطرة تحكم العلاقات الدولية غير مسطرة المصالح التي تستدعي السيطرة والحروب والإحتلال وغيرها من العوامل ضمن معادلة رموزها المتغيرة كثيرة وترتبط إرتباطا ً عضويا ً بثابت واحد هو الحفاظ على المصالح والأهم من هذا أن المتحكم بهذه المعادلة الدولية هي أنظمة ديموقراطية، بمعنى أن السلطة تداولية ومحددة قانونيا ً ودستوريا ً بشكل يمنع احتكارها، أي تتجدد باستمرار دوافع الحفاظ على مصالح شعوبها وبالتالي تتجنب الوقوع في فخ نقل الأهمية من المصالح الستراتيجية إلى الحفاظ على السلطة الفردية التي هي المصدر الأساسي للتخلي عن المصالح وعن التطوير وعن التنمية البشرية وتجيير كل إمكانيات الدولة لمصلحة فرد أو مجموعة أفراد، كما هو حال النظام السوري الذي مضى عليه نصف قرن في السلطة ولم يستطع أن ينتج غير النكبات والتخلف والإفتراق عن العصر.

وتأسيسا ًعلى ذلك إن ماجرى في مؤتمر شرم الشيخ في الخامس من أيار الحالي لايخرج عن الإطار أعلاه، وأن لقاء وزير الخارجية السوري وليد المعلم مع وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليسا رايس ومع العضو الآخر في " محور الشر " إيران على هامش الإجتماعات هو يقع في صلب الحفاظ على المصالح الستراتيجية الأمريكية في المنطقة وهذا ليس غريبا ً الغريب فيه هوعدم فهم الآخرين له وفهم حدود مصالحهم ومصالح شعوبهم والأخطر من ذلك هو عدم فهم الأنظمة وأولها النظام السوري لآلية الحكم والحفاظ على المصالح وعدم فهم سير الأحداث الدامية والركوب الساذج على أمواجها، وأيضا ً افتقاره إلى الحد الأدنى من المسؤولية السياسية والأخلاقية أمام الشعب السوري ولازال رغم كل عجزه وفشله وتهالكه أمام أمريكا وإسرائيل يظن أنه يمد في عمره ولم يفهم أن مستقبله لم يعد له وجود ولادور في لعبة المنطقة وليس له مكان ضمن قطار تطور الأحداث السريع الذي تطغى عليه لغة القوة المادية والدستورية.

وعليه لايمكن معرفة أهمية لقاء وليد المعلم مع الجانب الأمريكي سوى بفهم استراتيجية كل طرف والنظر إلى الموضوع بزاوية منفرجة تظهر داخلها بوضوح علاقات كل منهما مع أطراف الصراع من العراق إلى فلسطين إلى القوى الإقليمية الأخرى الموجودة على الساحة إلى مستقبل سورية نفسها، وأن حصر الموضوع بزاوية حادة جدا ً على قياس نظر النظام السوري المحدود والواهم بالخلاص من الضغوط الأمريكية والدولية حول الموقف من المحكمة الدولية، وبنظرة سريعة إلى آلية عمل النظام السوري نرى أنه لايملك ولايعرف شيء يسمى استراتيجية سوى استراتيجية القمع والحفاظ على السلطة على حساب فقر الشعب وفقدان سورية قوتها ودورها ولم يبق له من برنامج سوى تعطيل قيام المحكمة الدولية والعمل على أرض الواقع بما يوحي لأمريكا بأنه معها بل وينفذ أجندتها في المنطقة وهي محاربة "الإرهاب " وكأن أمريكا أصابها العمى ولم تعد ترى، وأجهزة استطلاعها بطل مفعولها وأدوات رصدها تعمل بقانون النظام السوري وهو الكذب والرشوة وأن أقمارها الصناعية تراقب المجتمع الأمريكي وتحبس أنفاس المواطنين وتكم أفواههم وتسرق لقمة عيشهم وجاءت إلى النظام السوري كي ينقذها مما هي فيه...!.

باختصار: هناك عقد استعصاء في سلسلة الإستعصاءات التي يعاني منها النظام السوري لأن استراتيجيته الوحيدة هي الإرتجال المتمحورة حول إستعداده الغير محدود على المساومة على مصالح الشعب السوري وشعوب المنطقة، والعقدة الرئيسية في طريق تطبيع العلاقت مع أمريكا هي علاقته مع إيران أولا ً وأن اللقاء يجب أن يفهم بعدم اللقاء الأمريكي مع الجانب الإيراني ثانيا ً وانعكاسات تحسن العلاقات مع سورية على التحالف الستراتيجي بين سورية وإيران ثالثا ً وأن العنب الذي تريده أمريكا هو في كرم افتراق سورية وإيران خامسا ً ً.

لانطبل ولانزمر لأحد ولانجيد هذا الدور ولانرتضيه ونحاربه في حياتنا ونقف ضده مهما كانت دوافعه ومصادره...وبصراحة نقول: أن هناك ارتجال وفوضى في تحركات كل الأطراف في الشرق الأوسط وملامحه هو استمرار التدهور على كافة المستويات، وفي حال أمريكا هو ارتجال وقتي تفرضه ظروف العراق المتدهورة وأمريكا دولة عظمى في الديموقراطية والعلم والقوة والمؤسسات واحترام حقوق المواطنين، في حين أن ارتجال النظام السوري مزمن وضمن نظام فردي ديكتاتوري ليس فيه قانون ولامشاركة سياسية ولاحرية وبدولة فقيرة ومتخلفة بحكم نهب النظام وأعوانه وإهانة شعبه وتخلفه عن أداء مسؤوليته، وعليه أمريكا على الأغلب تهز شجرة العلاقات الإيرانية السورية في خريفها وتهزها معها أيضا ً العديد من الأنظمة العربية التي تريد حلا ً سريعا ً في العراق وثباتا ً ولو نسبيا ً في موازين القوى التقليدية في المنطقة، وتنظر بمنتهى الريبة إلى التمدد الإيراني في نسيج المنطقة ومحاولة خوض حروبه الستراتيجية على أرضها وبحسابها، وعليه إن محور تفكير النظام السوري هو النفاذ بريشه من المحكمة الدولية وبقاؤه في السلطة في حين أن أمريكا وإيران تحركهما مصالحهما الستراتيجة بعيدة المدى وكل منهما يلعب بالنظام السوري خدمة ً لمصالحه، وفي هذه اللعبة التي تتقاذف الأطراف الدولية والإقليمة النظام السوري كما تريد ليست هناك مراهنات بل هو المقامر الوحيد على الخلاص من المحكمة الدولية وهي همه الوحيد وفيها بيت القصيد....!.

د.نصر حسن

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف