أصداء

صراع الأخوة في فلسطين

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لم يستطع الفلسطينيون الحفاظ على وحدة صفهم الوطني، و لم تنجح محاولات العقلاء من بينهم في تجنيب الدم الفلسطيني من الهدر على أيدي إخوة الدم، فاضحت الساحة الفلسطينية مسرحاً لكل أنواع الفوضى و الخراب و الإقتتال الداخلي المدمر. كل محاولات وقف إطلاق النار بين المتحاربين الفلسطينيين، حتى الآن، ذهبت أدراج الرياح، و ما يزال كل طرف يحمل الطرف الأخر مسؤولية التدهور المتصاعد.


عندما عقد إتفاق مكة بين حركتي حماس و فتح برعاية خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز قبل أقل من شهرين، إعتقد المراقبون أن من شان هذه الإتفاقية التي وضع السعوديون كل ثقلهم من أجل إنجاحها، ان تضع حداً للصراع الداخلي الفلسطيني، و أن تجسد بداية مرحلة جديدة من التفاهم و التنسيق الفلسطينيين، الضروريين لمواجهة إستحقاقات مفاوضات الحل النهائي بين إسرائيل و السلطة الفلسطينية، سيما و أن الإتفاق يستند على ظهر مبادرة سلام عربية، اجمع عليها العرب في القمة العربية الأخيرة في الرياض، إلا إحتدام الصراع على السلطة الذي بداً مع فوز حماس بالإنتخابات التشريعية الأخيرة، و رغبة هذه الأخيرة في إستكمال هيمنتها على باقي مفاصل الحياة الفلسطينية من خلا ل وضع إحدى قدميها في السلطة و الأخرى في المعارضة، جعلت كل الأوراق تختلط في الساحة الفلسطينية، بين ما هو سياسي و عسكري و أمني و إقتصادي.


فقد كان متوقعاً من حركة حماس، إنطلاقاً من خطابها السياسي المعلن، أن تنسحب من السلطة الفلسطينية بعد رفض المجتمع الدولي التعامل مع حكومة رئيس الوزراء إسماعيل هنية، الأولى و الحالية، بسبب رفض حماس مطالب اللجنة الدولية الرباعية، المتمثلة في الإعتراف بإسرائيل و نبذ العنف و القبول بالإتفاقات الدولية التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية مع إسرائيل. فقد كان من شأن تعنت قادة حماس في هذه المسألة أن يعرض الشعب الفلسطيني الى حصار إقتصادي و مالي خانق من قبل المجتمع الدولي و مؤسساته المالية، وأن يعرض قادة و مسؤولي حماس و وزرائهم الى العزلة السياسية و الدبلوماسية، حتى من كنف الأنظمة العربية و الإسلامية نفسها. فأية حكومة عندما تعجز عن تأمين المتطلبات الأولية من الخدمات المعيشية و الخدمية لمواطنيها، تجد نفسها، اخلاقياً، مطالبة بإعلان عجزها عن مواصلة القيام بدورها و مسؤولياتها في خدمة مواطنيها، حتى لو كان خلف هذا العجز أسباب سياسية. فحماس التي فشلت في إقناع المجتمع الدولي في فك الحصار الإقتصادي و المالي عن الشعب الفلسطيني، فضلاً عن فك عزلتها السياسية و الدبلوماسية، لا يمكنها أن ترد على الموقف الدولي بمضاعفة العقوبات على الشارع الفلسطيني من خلال إطلاق يد ذراعها العسكري في القوة التنفيذية و عز الدين القسام، لممارسة عمليات الإخلال بالأمن و زعزعة السلم الأهلي الفلسطيني عبر إرتكاب الإغتيالات و القتل بحق تشطاء الفلسطينين في حركة فتح، كما حدث على سبيل المثال لا الحصر، في محاولة إغتيال مسؤول الأمن الوطني في غزة شباك.


الهجوم الحمساوي على دوائر الأمن الفلسطينية، المحسوبة على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، كمقرات الحرس الرئاسي و الأمن الوطني و الأمن الوقائي في قطاع غزة و وضع اليد على حارات و شوارع غزة في محاولة لجعلها كانتونات كما التي شهدناها في اثناء الحرب الأهلية في لبنان، تشير الى نية حركة حماس لقلب المنقلة كما يقال على رأس الجميع، وهي لن تدفع بالطرف الأخر، الفتحاوي، إلا الى الرد، و بالتالي الى المزيد من العنف و القتل و المعاناة في صفوف الفلسطينيين.


فحماس، كما هو واضح من سلوكها و ممارساتها، غير مستعدة للقبول بخطورة الوضع الراهن، و لن تقبل الخروج من مغامرتها في المشاركة في السلطة و متطلباتها، دون ان تعرض الوضع الفلسطيني، إلا للمزيد من التصعيد و التدهور، الذي يدفع ثمنه باهظاً الشعب الفلسطيني. فلم يعد الفلسطيني يحلم بدولة مستقلة، بقدر ما يفكر في الوفاق و السلام بين أبناءه، و لم تعد تشغله هموم السياسة، بقدر ما يؤرقه سبل الحصول على لقمة العيش الرغيد لأبناءه، فصراع الأخوة قضى على كل الآمال و الطموحات، و هذه هي عادة السفهاء من الساسة...!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف