أصداء

الصراع بين المحافظين والاصلاحيين،هل تعود القصة من جديد؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

الصراع بين المحافظين و الاصلاحيين، هل تعود القصة من جديد؟

المتتبع للشأن الايراني يتذكر ان عنوان الصراع بين المحافظين و الاصلاحيين كان سائدا في وسائل الاعلام لمدة 8 سنوات اي خلال عهد الرئيس السابق محمد خاتمي (1997- 2005). فان فوز الرئيس محمود احمدي نجاد المعروف باتجاهاته المتشددة اعطى طابعا للجميع بان قصة " الصراع بين المحافظين و الاصلاحيين" قد انتهت، لان المحافظين بسطوا سيطرتهم على كافة الوزارات والمؤسسات الحكومية في البلاد حيث قاموا بحملات تسريح واسعة لكل المسؤولين الاصلاحيين في الدولة؛ بدءا من المدراء الصغار والحكام في المدن والمحافظات الى الوزراء والمسؤولين الكبار في العاصمة.
وتحدث وزير الداخلية السابق عبدالواحد موسوي لاري عن نحو 3 الاف مسؤول اصلاحي في عهد الرئيس السابق خاتمي تم اقصائهم في عهد الرئيس احمدي نجاد.

وقد احيل بعض هؤلاء على التقاعد طوعيا، فيما اتجه البعض الاخر للعمل في القطاع الخاص و عاد عدد لابأس به منهم للتدريس في الجامعات حيث كانوا يعملون هناك سابقا. ومن هؤلاء يمكن ان نشير الى المتحدث باسم الحكومة السابقة عبدالله رمضان زادة و وزير الخارجية السابق كمال خرازي و مساعده في الوزارة امين زادة و وزير النفط السابق زنكنة ووزير الثقافة السابق عطاءالله مهاجراني.


وقد أثارت حدة التغييرات و التبديلات، انتقادا وامتعاضا واسعا في البلاد وفي اعلى المستويات، مما ادى بمجلس تشخيص مصلحة النظام الذي يرأسه هاشمي رفسنجاني ان يتبنى مشروعا لمنع تكرار هذه الظاهرة في المستقبل. اذ اعلن امين المجلس، محسن رضائي ان مثل هذه التصفيات تبدد الرصيد الاجتماعي المتمثل بالمسؤولين المحنكين و المجربين في البلاد.


غيران الاحزاب و القوى الاصلاحية التي تعزوا فقدانها للسلطة الى اخطاء يمكن تصحيحها، اخذت تستعد لخوض معركة "العودة الى السلطة" وذلك بقراءة متأنية للاخطاء التي أدت الى خروجها من السلطة.
فالمحطة الاولى على طريق " العودة الى السلطة" كانت انتخابات المجالس المحلية التي تمت في ديسمبر الماضي. ويبدو ان النتائج كانت مشجعة للاصلاحيين كي يستعدوا من الان فصاعدا لمحطة ثانية تتمثل بالانتخابات التشريعية المقرر اجراءها في فبراير القادم.


فقد اسفرت انتخابات المجالس المحلية عن فشل ذريع للمتشددين الموالين للرئيس احمدي نجاد و لائحتهم الانتخابية المعروفة ب "الرائحة الزكية للخدمة الشعبية". اذ لم يحصل هؤلاء الا على نحو 6 في المئة من المقاعد في هذه المجالس؛ فيما يدعي الاصلاحيون انهم فازوا باكثر من 50 في المئة من المقاعد في ايران كلها وان نحو 44 في المئة منها كانت من نصيب المحافظين غير المتشددين.


فلانريد ان نخوض هنا في اسباب فشل المتشددين في انتخابات مجالس البلدية؛ لكن نشير بانها اقتصادية و سياسية بالدرجة الاولى و ناجمة عن اداء حكومة الرئيس احمدي نجاد خلال العامين الماضيين.
كما اننا شاهدنا خلال هذه الفترة نوع من التنسيق و التعاون بين الفصائل الاصلاحية والمعتدلة و التي تتبع معظمها الرئيسين السابقين هاشمي رفسنجاني و محمد خاتمي و رئيس البرلمان السابق مهدي كروبي.
وقد تحدثت وسائل الاعلام الايرانية مؤخرا عن لقاء مرتقب بين هذه الشخصيات الثلاث للمزيد من التنسيق بين الاصلاحيين و ترسيم خطة اصلاحية متكاملة لخوض الحملة الانتخابية القادمة.
وقد اثارت هذه التحركات غضب المتشددين الذين يخشون عودة الاصلاحيين و المعتدلين الى الحكم مرة اخرى.


وقد اخذ المتشددون و بعيد انتهاء انتخابات المجالس المحلية بتسديد نيرانهم على الفصائل الاصلاحية و رموزهم القيادية. وقد قسم هؤلاء المتشددون فيما بينهم وظائف الهجوم على جبهة الاصلاحات. حيث اخذ موقع "رجاء" المحسوب على مؤيدي الحكومة يهاجم هاشمي رفسنجاني و محمد خاتمي. فيما انيط الهجوم على مهدي كروبي الى صحيفة " كيهان" المتطرفة حيث بدأنا نشاهد ومنذ مدة انتقادات لاذعة توجهها هذه الصحيفة الى كروبي
و حزبه المعروف باسم " اعتماد ملي" - اي الثقة الوطنية -
و صحيفته التي تحمل نفس الاسم.
ويبدو ان حدة الهجوم على صحيفة كروبي يعود الى الدور البارز التي اخذت تلعبه بين المثقفين والطلاب و السياسيين و تأثيرها على الجماهير الايرانية وهذا ما يثير قلق المتشددين الذين فقدوا قسم من جماهيرهم المؤيدة خلال العامين الماضيين.


وقد وقعت مشادة كلامية بين مهدي كروبي و مؤيديه في صحيفة
"اعتماد ملي" و حسين شريعتمداري رئيس تحرير صحيفة
" كيهان" و رفاقه من جهة اخرى ظهرت بشكل مقالات و مقابلات غطت الصحيفتين خلال الايام الماضية.
ولم تنحصر المعركة الانتخابية المبكرة بين الصحيفتين المذكورتين آنفا بل تجاوزتها لصحف و مواقع اصلاحية و محافظة اخرى.


وكتبت صحيفة " اعتماد" - اي الثقة - التي يملكها البرلماني الاصلاحي السابق إلياس حضرتي في عددها الصادر يوم الاربعاء الماضي قائلة: " فيما تفصلنا من الانتخابات التشريعية الثامنة 10 اشهر بدأت هجمات جديدة تشُن ضد التيار الاصلاحي لكنها اشتدت بعد حلول العام الايراني الجديد (21 مارس الماضي). ويبدو اننا سنشهد اتساعا لهذه الهجمات كلما تقربنا من الانتخابات".


واضافت الصحيفة الاصلاحية:" ان الهجمات التخريبية ضد الزعماء الاصلاحيين و المعتدلين اصبحت على جدول اعمالهم، خاصة اننا لم نشهد نظيرا لما يطرح من قضايا تخريبية ضد مهدي كروبي من قبل وسائل الاعلام التابعة للمتشددين الاصوليين في الايام الاخيرة. وكان رد فعل كروبي حاسما حيث اعلن ان التيار الحاكم و بسبب فشله في ادارة البلاد اختار اساليب اخرى ليغطي على النتائج السلبية لسياساته".


وفي الجناح المقابل هدد مهدي محمدي رئيس القسم السياسي في صحيفة كيهان ان صحيفته ستكشف في الايام القادمة المزيد من القضايا غيرالمعلنة حول الانشطة السياسية و الاقتصادية لحزب كروبي.
وقال محمدي في مقابلة مع موقع "رجانيوز": " اننا نعرف السيد كروبي، فهو ليس تاجرا ولم يرث اموالا كبيرة لكن السؤال المطروح، ما هو المصدر المالي لتأمين المبالغ الباهضة لتدشين قناة فضائية و النفقات الكبيرة لحملته في الانتخابات الرئاسية؟"


وستظهر الايام و الاشهر القادمة الى أين يمكن ان يصل الصراع بين التيارين الرئيسين الاصلاحي و المتشددة على الساحة السياسة بعد ان خفت لمدة قصيرة يمكن ان نصفها باستراحة المحاربين. ويحدث كل هذا فيما تتعرض البلاد لضغوط خارجية لامثيل لها في تاريخ الجمهورية الاسلامية بسبب ملفها النووي.

يوسف عزيزي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف