ثورة حتى الكسر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
في غمرة ليل طويل بارد، انسلت فتن تستوطن بين الأزقة و الشوارع
فتن تعشش بين الجدران لتخترقها و تدخل بين الأجساد و النفوس المريضة
نفوس ظنت أنها تحارب فساداُ فاستوطن فيها فساد أعظم ينخر عظمها
نفوس تئن بأمراض خرجت إلى الشارع تفرض حكمها و نظامها المتخلف
نفوس ظنت أنها تحارب أقنعة سوداء فارتدت قناعاُ آخر لتلعب دوراُ أسوأ من غريمها
يا أم النكبات....يا أم الإنتفاضات....أذرفي دموعك بحوراُ و سيولا
كم من السنين بكيت...من أبناءك قبل مغتصبيك...
نعرف كم هو مؤلم هذا البكاء....فحرقة دموعه تكوي الجسد و القلب معا
إذ لا تبكي الأم من مغتصبها الحاقد المحتل..فهو حاقد و ظالم و جائر...
لكن حين يخرج المغتصب من الرحم....بأي دموع تبكي..
تبكي حمماُ و جحيماُ و غضباُ..
فالمغتصب الخارج من الرحم ليس إلا ابن حرام....
وهذه الأم الحرام....
غضبنا على الثوار القاطنين في فنادق و قصور تونس و الجزائر و عبدون ودير غبار و الشاطيء اللازوردي..
غضبنا عليهم إذ حضروا ليحكموا و يتحكموا بالأم الصامدة الصابرة مع أبناءها اليتامى..
غضبنا إذ أحضروا معهم كل جناة الليل و فاسديها يحميهم لفيف من اللصوص و كبار الأفاكين
غضبنا إذ أصبح العاهر يحكم المناضل...و السارق يتغنى بالنزاهة و الظالم يتباهى بالعدل و الحكم الرشيد
غضبت الأم على أبناءها..إذ باعوا الأشراف بالأحلاف...و اغتالوا الأبطال ليجلس مكانهم الأنذال
غضب الشعب و انقلب على ثوار أواخر القرن العشرين
جاءنا ثوار آخرون...و فرحنا بانطلاق القسام...
وفي ظلمة هذا المخاض العسير... انعكست الأدوار...فإذا بالثوار يدمنون الإقامة في فنادق الدوحة و طهران و دمشق...
انقلبت الأية و اعتاد الثوار عيش الرفاه و الفنادق متعددة النجوم و صارت الثورة تحلم أن تصبح مثل النجوم...تتصدرها مؤتمرات صحفية و منابر فضائية و دولارات إيرانية
دولارات....؟؟؟ إيرانية...؟؟؟؟؟
عندها ارتدى الثوار القناع الأخضر....
و انسلوا في حلكة الليل يفرضون اللحى و غطاء الرأس و يدمرون و يخطفون و يهددون و يرعبون...
أنقسم عمل القسّام فما عاد يعمل على تدمير العدو...
أخطأ القسّام هدفه...و عاد ليبدأ درس اللغة العربية الإبتدائية...
و يبدأ الدرس: قسّم..يقسّم..تقسيماُ..فهو قسّام
و شُحِنت البنادق بالرصاص الغادر.. و ارتدى الجميع أقنعة...و أنقسم المعسكران إلى قناع أسود و قناع أخضر....
و تفجر الوضع و الفلتان..حتى شعرت الأم بالغثيان....
أصبح الحماس انتكاس...و الفتح قدحا...
ظهرت في سابق البلدان مصطلحات لاقتتال الإخوة....
فمن بلقنة الأوضاع..إلى لبننتها..إلى صوملتها ثم عرقنتها....
لكن معكم...تحتار المصطلحات في وصفكم...
لم يبقى إلا وصف..فلتنة الأمور..
يا ويلكم من غضب أمكم عليكم...
يا ويلكم من غضب الله عليكم...
يا ويلكم من دمعة طفل و شهقة رضيع من الخوف
أعتذر لقرائنا على لغة البذاءة....
فهل هناك أسفل من بذاءة هؤلاء الفاتحين أو المتحمسين؟
أي فتح هذا و أي حماس..؟
يا من اختبأتم أمام عدوكم و انتصرتم على إخوانكم...
يا من بعتم الثورة بالكراسي.. و اللحى النتنه..
حتى لو لبستم كل أقنعة الدنيا...فلن تقدر أن تخفي ما تخبئه هذه اللحى البغيضة...
فهي تخفي أمراض الحقد السارية....التي لن تقدر أبداُ أن تعالجها ممارساتكم لما يشبه الركوع و السجود...
و الآخرون الذين فتحوا علينا "الفتح" المشين...
قبحكم الله جميعا....
سيأتي يوم تغرقون فيه من دموع الأمهات و الأطفال...
سيأتي يوم يدمركم صراخ الأبناء اليتامى...
ماذا اقول بعد...
إبكي يا عروس الأمم... يا أم اشرف الشهداء...
لكِ الحق أن تبكي... يا أم النكبات...
فهل من نكبة أكبر من أن يقتتل الأبناء... لينالوا شرف قيادة الفلتان؟
أم أنكم هانت عليكم غيبوبة شارون..فانتفضتم لتكملوا مهمته...؟
تباُ لكم يا أبطال الحقد و الطغيان...
يا من قلبتم ثورة أجدادكم إلى:
ثورة حتى الكسر
أكثم التل
كاتب و صحفي أردني - مستقل
Akthameltall@yahoo.com