أصداء

روسيا اليوم هل هى أنطلاقة ام بداية النهاية؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

سألنى احداهم قبل انطلاقتها..مارأيك فى قناة "روسيا اليوم"؟ قلت..اعتقد أنها ستلقى ترحيبا،وواصلت تعليقى قائلا..هل تعلم لماذا ستجد صدى افضل من قناة "الحرة"؟ لان القناة الأمريكية تروج لمواقف واشنطن التى تتعارض مع مصالحنا، اما مواقف روسيا فهى قريبة منا وداعمة لحقوقنا،لذلك لن تواجه "روسيا اليوم" الحملات التى تتعرض لها "الحرة".


هذا الوضع يجعل السؤال الأساسى بالنسبة للفضائية الروسية الناطقة باللغة العربية،ليس فى تقبل المشاهد العربى لها،وانما فى قدراتها على مخاطبة المشاهد العربى والتعامل مع أهتماماته، فى ظل سوق اعلامى عربى يتسع و يتطور كل يوم.


ومما لاشك فيه أنه بالرغم من التطور الملحوظ فى تقنيات واداء سوق الأعلام العربى،إلا انه مازال يعانى من ازمات حقيقية، ومازال غير قادر على تجاوزها،بدء من لغة الحوار مع المشاهد،مرورا بالعقلية الشمولية المسيطرة عليه،وسيادة الرأى الواحد وغياب الرأى الأخر،وانتهاءا بأزمة الصحفيين وعلاقة السلطة معهم.


ومن البديهى أن "روسيا اليوم" لم تظهر لتدلو بدلوها فى الملفات المطروحة على وسائل الأعلام العربى كواحدة من هذه المؤسسات، لان لديها مهمات اخرى تختلف عن مهمات وسائل الأعلام العربية.وكان الصديق والمستشرق يفجينى سيدروف مدير الفضائية الروسية واضحا فى تحديد هذه المهام،واعتبر أن دور المؤسسة الأعلامية التى يديرها هى ايصال صوت روسيا إلى المشاهد العربى باللغة العربية،مشيرا إلى حرص موسكو على ايصال رؤيتها ومواقفها للعالم العربى دون تشويه اومغالطة،لكى ينتقل التفاهم والتقارب من المستوى الرسمى إلى المستوى الشعبى.ما يعنى أن الحديث عن منافسة مباشرة بين الفضائية الروسية الناطقة باللغة العربية من جهة والجزيرة و العربية من جهة اخرى غير وارد بالشكل المتعارف عليه، لان "روسيا اليوم" قد تهتم بنقل اخبار تتميز بها عن المنطقة ولكن الأهم هو أن تنقل للمشاهد العربى رؤية موسكو وتقييمها لهذه الأحداث.
وتتمتع روسيا برصيد ثقافى لدى المثقفين والمتعلمين العرب،اولئك الذين كانوا يطالعون بشغف قصص جوركى ودستويفسكى وتشيخوف،يستمعون إلى موسيقى تشايكوفسكى وريمسكى كورسكاف،ويحرصون على مشاهدة بالية مسرح البولشوى،وعلى اهمية هذه المفاصل فى التعامل مع المشاهد العربى،فأن عوامل وجوانب اخرى فى عمل الفضائية الجديدة لابد أن تتوفر حتى تستقطب "روسيا اليوم" المشاهد العربى.واهم هذه العوامل هو تجنب الأداء الكلاسيكى لوسائل الأعلام الحكومية العربية والذى يمكن أن تنتقل عدوه إلى الفضائية الروسية لانها استجلبت اعلامين عرب قد يكون بعضهم متأثر بهذه المدرسة فى الأداء الأعلامى.وتحت وطأة الرقيب الذاتى تتسرب هذه الأساليب احيانا وليس دائما.والمقصود هو أن تكريس نشرات الأخبار والقناة لأخبار وتحركات ولقاءات وأجتماعات السيد الرئيس والسادة الوزراء،وبالرغم من أن اخبار السيد الرئيس مبارك والسادة الوزراء فى مصر تتناول احيانا قضايا لها علاقة بحياة المواطن، مثل زيارة مبارك لمشروع (توشكى) او اتخاذ قرارات تتعلق بالدعم مثلا، إلا أن هذا الأسلوب من العمل الأعلامى،الذى يعتمد تجاهل الحدث لحساب السلطة اصبح مرفوضا.هذا الأسلوب اصبح باليا على مستوى وسائل الأعلام العربية،وبالتالى ليس مقبولا من فضائية موجه إلى العالم العربى،لان هذه الأخبار لا تهم المشاهد. كما أن تجاهل القضايا السلبية فى المجتمع الروسى سيفقد هذه القناة مصداقيتها لان العالم اصبح قرية صغيرة فى ظل ثورة الأعلام والتقنيات والأنترنيت،ولن يفلح الرقيب الذاتى فى صرف اهتمام المشاهد عن هذا الملف او ذاك.


الجانب الثانى هو اننا لا نريد من الروس ان يحكوا لنا اخبارنا،وانسجاما مع سياسة القناة لابد أن تتعاطى القناة مع الخبر العربى من وجهة نظر روسية، واذا كانت وسائل الأعلام العربية معنية بصناعة الخبر العربى، فأن وسائل الأعلام الموجهة معنية بنقل رؤيتها للحدث،ما يمكن المشاهد العربى من معرفة مواقف طهران وموسكو وواشنطن وباريس بشكل مباشر بدون وسطاء.


وبالرغم من موقفى تجاه دور قناة "الحرة"،إلا ان اداءها المهنى يحتاج لتوقف ومتابعة وتقييم،لأنه اداء حرفى متميز، مما يعنى أن تميز الفضائية الروسية يحتاج بذل المزيد من الجهد فى اداء الكادر،وإلى تحديد محاور العمل،فلايمكن أن تنقل لنا "روسيا اليوم" رؤية ومواقف روسيا تجاه القضايا العربية والدولية من خلال تصريحات المسؤولين الروس فى مؤتمرات صحفيه عامة تحصل عليها القناة من رويترز او اسوشيد برس!!! ولا اعتقد أن الأمريكيين بحاجة لقناة جديدة تروج لموادهم الأعلامية المنتقاة بعناية؟


خاصة أن عدد من صحفيى الفضائية الروسية تتوفر لديهم القدرات المهنية على تحقيق ذلك،ورسم ملامح التغطيات الأخبارية بشكل يقدم الرؤية الروسية والمعلومات للمشاهد العربى بلغة صحفية جيدة.


ولابد أن نتذكر أن ظهور قناة "الحرة" جاء عقب سلسلة لقاءات لدبلوماسى الخارجية الأمريكية منذ ايام كولن باول، عقدت لبحث السبل التى تساعد على ازالة المزاج السلبى المعادى للولايات المتحدة فى العالم العربى،وذلك فى اطار تمرير سياسات واشنطن فى المنطقة بدء من ملف العراق ومرورا بمشروع الشرق الأوسط الكبير،أما "روسيا اليوم" التى لاتعانى من هذه الأزمة،فهى أن حددت هدفها فى ايصال صوت روسيا إلى المنطقة،فأن هذه الرؤية ليست هدفا،وانما هى وسيلة لتحقيق أهداف.وهو مايقود للسؤال الأزلى حول اهداف استراتيجية السياسة الخارجية الروسية تجاه المنطقة العربية،واولويات علاقاتها ومصالحها؟


من الصعب على الفضائية الروسية الحكومية أن ترسم هذه الأستراتيجية ولكنها ستكون الأداة لتحقيقها،لذا لابد وأن يحسم السياسيون الروس امرهم ماذا يريدون من العلاقات مع العالم العربى؟ وهل ما يريدون تحقيقه يساوى ما سيقدمونه من دعم ومساعدات وتنازلات؟
ويبقى أن اهمس للقائمين على الفضائية بأن لا ينجروا للعبة استقطاب المشاهد عبر العزف على المشاعر الدينية،لان من يستقطب عبر هذا الأسلوب لن يكون قطعا من الحريصين على متابعة هذه القناة الروسية،هم يتابعون الفضائيات التى تتحدث معهم وعنهم وتقدم لهم بن لادن والظواهرى،ولن نكون ملكيين اكثر من الملك،ولن يكون الخطاب الاسلامى الروسى مقنعا أكثر من خطاب الأخوان المسلمين لأتباعهم.

مازن عباس

صحفى مصرى مقيم فى موسكو

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف