مُذكرات رجل محكوم عليه بالإعدام 2
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
ويجب أن نذكر هنا مثلين أو ثلاثة أمثال لما حدث في بعض وقائع الإعدام، مما ينضح بشاعة وقذارة. يجب علينا أن نرهق أعصاب زوجات وكلاء النيابة، فالمرأة لها أثرها أحياناً في ايقاظ الضمير.
لحظة.. من يتحدث هنا هو ( فيكتور هوجو ) وليس ( جورج شكرى )
الرجل يريد ان يرهق اعصاب زوجات وكلاء النيابه ( لما للمرأه من اثر فى ايقاظ الضمير ولا ادرى ما الذى ذكرنى هنا بزوجة بيلاطس البنطى وتحذيرها لزوجها من المساس بالسيد المسيح )
صدقاً لا اريد ان ارهق اعصاب احد.. لكن ما حدث فى هذه الوقائع التى التقطها ( فيكتور هوجو ) من ساحة الإعدام وهو يمر من هناك ذات يوم بينما كانت ملقاة على الأرض في بركة من الدماء، تحت سلاح المقصلة الأحمر الرهيب ! شديد البشاعة والشناعة إلى الحد الذى ستُرهق معه اعصاب كل من يقرأ هذه الوقائع المأساوية التى لم يتأتى لأعاظم قصصى ومُخرجى افلام الرعب ان يأتوا بواحده مثلها
وحقاً لم يجد ذلك الأديب الفرنسى الداهية اقسى من تلك الواقعة ليقدم الدليل تلو الدليل فى مرافعته التاريخيه ودافعه المُستميت عن الغاء عقوبة الأعدام
دعونا نُرهق معاً...
في نهاية شهر سبتمبر الماضي على وجه التقريب، وفي أواسط فرنسا- ولا يحضرنا تماماً المكان، واليوم، واسم المحكوم عليه، ولكننا سوف نعثر على هذا كله اذا حدث أن شك أحد أو عارض في صحة هذه الواقعة - ونعتقد ان ذلك حدث في " بامية ". فقد دخلوا على رجل في سجنه حيث كان يلعب الورق في هدوء، فأعلنوه بأنه سوف يموت بعد ساعتين، فأرسل هذا القول رجفة قاسية في كل أوصاله. ذلك أنهم كانوا قد نسوا أمره لستة أشهر فلم يعد يفكر في الموت.. وحلقوا للرجل لحيته، وقصوا له شعره، وأوثقوه بالحبال، وجعلوه يعترف أمام القسيس. ثم أركبوه عربة " كارو " بين أربعة من الجنود، ومروا به خلال الجماهير حتى وصلوا الى مكان التنفيذ.
وإلى هنا، فالأمر يهون، اذ أنه يتم على هذا النحو. ولما بلغ الرجل مكان الآلة الرهيبة تلقاه الجلاد من القسيس، وحمله وربطه على المقصلة، ثم جعله يطاطئ رأسه وهوت السكين. لقد تحرك المثلث الحديدي الثقيل في صعوبة ثم هوى وهو يحك في مجراه ! وهنا بدأت البشاعة، فقد أخذت السكين تحز في رقبة الرجل دون أن تذبحه، فصاح صيحة بشعة. وحار الجلاد في الأمر فرفع السكين ثم تركها تهوي من جديد. فعضت رقبة المسكين مرة أخرى ولكنها لم تقطعها. فصرخ المحكوم عليه، وصاح الجمهور كذلك، فرفع الجلاد السكين مرة ثالثة وهو يأمل خيراً في الضربة الثالثة ولكن.. بلا جدوى !
ان الضربة الثالثة قد فجرت نهراً ثالثاً من الدماء أخذ يجري على رقبة المحكوم عليه ولكنها لم تطح برقبته !
والآن فلنوجز: ان السكين قد رفعت ثم هوت خمس مرات وخمس مرات جرحت المحكوم عليه، وخمس مرات صرخ الرجل من أثر الضربة، وهز رأسه الحي وهو يطلب الرحمة ! فثار الشعب وأمسك بأحجار ليرجم بها الجلاد التعس، فهرب الجلاد تحت المقصلة واحتمى خلف خيول الجنود.. ولكن هذه ليست نهاية المأساة..
ان المحكوم عليه حينما وجد نفسه وحيداً على المقصلة، اعتدل على اللوحة الخشبية وظل واقفاً هناك بمنظره المفزع، وهو يقطر دماً ويسند رأسه نصف المقطوع، الذي كان يتدلى على كتفه، وراح يطلب في صياح مبحوح أن يفكوا وثاقه !
فغمرت الشفقة قلب الجمهور، وهم بأن يقتحم نطاق الجنود وأن يخف لنجدة هذا البائس الذي نفذ فيه حكم الإعدام خمس مرات. وفي تلك اللحظة بالذات، صعد على المقصلة صبي الجلاد، وهو شاب في نحو العشرين من عمره، وأمر المحكوم عليه بأن يستدير كي يفك وثاقه، ثم استغل وضع هذا الرجل المشرف على الموت، الذي كان يسلم نفسه اليه بسلامة نية، فوثب على ظهره وشرع يقطع له في صعوبة ما كان قد تبقى من رقبته بسكين جزار !
ان هذا قد حدث ورآه الناس رأى العين.. نعم، رأوه رأى العين !
وكان هناك بحسب نص القانون، قاض يشهد تنفيذ هذا الحكم. وكان يستطيع بإشارة منه أن يوقف كل شئ فماذا كان يفعل هذا الرجل اذن وهو في عربته بينما كانوا يغتالون انساناً؟ ماذا كان يفعل معاقب القتلة هذا في الوقت الذي كانت عملية اغتيال تجرى في وضح النهار، أمام عينيه، وتحت خيول عربته، وتحت زجاج نافذتها؟
لم يقدم القاضي للمحاكمة ! ولم يقدم الجلاد للمحاكمة، ولم تحقق أية محكمة في هذا الافناء الوحشي لجميع القوانين في شخص مخلوق مقدس من مخلوقات الله !
في عصر همجية القانون الجنائي في القرن السابع عشر، ابان حكم " ريشيليو " وحكم " كريستوف فوكيه "، حينما أعدم السيد " دي شاليه " أمام الناس في ميدان بمدينة " نانت " على يدي جندي غير ماهر ضربه أربعاً وثلاثين ضربة بآلة حادة يستعملها صانع البراميل في تجميع الخشب، وذلك بدلاً من أن يضربه ضربة واحدة بسيف، بدا هذا على الأقل أمراً غير مشروع في نظر برلمان باريس، فأجرى تحقيقاً وأقيمت قضية. ولئن كان ريشيليو لم يعاقب، ولئن كان كريستوف فوكيه لم يعاقب فإن ذلك الجندي قد لقي جزاءه. كان هذا ظلماً دون شك، ولكنه ظلم يكمن العدل وراءه !
أما هنا، فلم يحدث شئ على الإطلاق. لقد وقع هذا الحادث بعد شهر يوليو في وقت سادت فيه الطباع الرقيقة والتقدم، وبعد عام واحد من" محزنة " البرلمان المشهورة على عقوبة الإعدام ( سوف نذكر لكم تفاصيل هذه المحزنة )
ان هذا الحادث لم يذكره أحد على الإطلاق، ونشرته صحف باريس كأنه حكاية عادية، ولم يحاكم أحد بسببه ولم يوجه الإتهام إلى أحد ! كان كل ما عرفوه أن المقصلة قد أتلفت عمداً، أتلفها شخص كان " يريد أن يضر بمنفذ أحكام القضاء "، كان هذا الشخص هو أحد خدم الجلاد، وقد دبر هذه المكيدة لينتقم من سيده لأنه كان قد طرده من خدمته.
لم تكن هذه إلا مكيدة خادم،
فلنتابع سرد أمثلتنا اذن:
وفي مدينة " ديجون "، سيقت امرأة منذ ثلاثة أشهر إلى ساحة الإعدام، " تصوروا.. امرأة !"، وفي هذه المرة أيضاً لم تؤد سكين الدكتور ( جيوتان ) - وهو مخترع المقصلة ) عملها كما يجب، فلم تقطع الرأس تماماً بحيث ينفصل عن الجسم. وعندئذ، تعلق مساعدو الجلاد بقدمي المرأة، وفصلوا رأس البائسة عن جسدها وهي تطلق صرخات مدوية، بأن انتزعوها انتزاعاً بقوة الشد والجذب.
وفي باريس، نعود إلى الوقت الذي كان يجري فيه تنفيذ عقوبة الإعدام في السر. فنظراً إلى أنهم كانوا فى بعض الأحايين لا يجرءون على تنفيذ احكام الإعدام في ساحة الإعدام، وإلى أنهم كانوا خائفين، وبما أنهم كانوا جبناء، فإن هذا هو ما حدث
لقد أخذوا أخيراً من سجن " بيستر " رجلاً محكوماً عليه بالإعدام، يدعى
" ديزاندريو "على ما أعتقد، ووضعوه في شئ يجر على عجلتين، مغلقاً من كل نواحيه كسلة، ومقفلاً قفلاً محكماً بالأقفال والمزاليج، ثم ساروا به دون جلبة وبلا جمهور يرافقه، بين جنديين أحدهما أمامه والآخر من خلفه، ثم ألقوا بالسلة والرجل الذي فيها في وسط الحقول خارج باريس، فيما وراء حي " سان جاك ".. وكانت الساعة الثامنة صباحاً في مطلع النهار عندما وصلوا إلى هناك، وكانت هناك مقصلة " طازجة " لم تستعمل بعد أعدت خصيصاً لهذا الرجل، وكان الذين شهدوا هذا المنظر بضعة غلمان صغار اجتمعوا على كومة أحجار قريبة حول تلك الآلة التي نصبت على غير انتظار.. ثم أخرج الرجل من السلة في سرعة، ودون أن تتاح له أية فرصة ليلتقط أنفاسه، ثم قطع رأسه خلسة في صورة تنطوي على الخيانة والعار!.. وهذا هو ما يسمونه " عملاً رسمياً وعاماً من أعماله العدالة الكبرى "، فيالها من سخرية دنيئة!
فكيف اذن يفهم رجال الملك كلمة المدنية ؟ وفي أي عصر نعيش ؟ ان العدالة قد انحطت حتى أضحت حيلاً وخططاً فيا للشناعة !
ان الشخص المحكوم عليه بالإعدام اذن شئ مخيف للغاية يخشى المجتمع بأسه، ويأخذ حذره منه الى هذا الحد وعلى هذا النحو !
ومع ذلك، فلنكن منصفين ! ذلك أن تنفيذ عقوبة الإعدام لم يكن بطريقة سرية تماماً. ففي الصباح، نادى المنادون كالمعتاد، وبيع حكم الأعدام في شوارع باريس وميادينها.. ويبدو أن هناك أناساً يعيشون من بيع هذه الأشياء، فهل تسمعون ؟ أنهم يتخذون من جريمة انسان سيئ الحظ ومن عقابه وعذابه واحتضاره سلعة تباع الورقة منها بدرهم! فهل في وسعكم أن تتخيلوا شيئاً أكثر قبحاً من هذا الدرهم الملطخ بالدم؟ فمن ذا الذي يلتقطه اذن من بينكم ؟
تلك وقائع كافية، كافية أكثر مما ينبغي.. أليس هذا كله شيئاً مروعاً ؟ فماذا لديكم تستطيعون به أن تؤيدوا عقوبة الإعدام ؟
لا انا بل نعمة الله التى معى
جورج شكرى
George02002@gmail.com
LG1712006LG@yahoo.com