أصداء

كسب قلوب وعقول الارهابيين

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

انقسم الشعب الفرنسي على نفسه في تفسير اسباب فترة الارهاب والرعب التي اعقبت الثورة الفرنسية سنة 1789. اعتقد البعض ان الثورة استبدلت الاضطهاد السابق باضطهاد جديد ولكن من نوع أخر.
بالنسبة لأخرين فان مرحلة مابعد الثورة بينت بوضوح الطبيعة الوحشية والانتقامية للأنسان وبرروا ضرورة ايجاد سلطة مطلقة للامور الدنيوية والدينية. بينما ذهب فريق ثالث الى الاعتقاد بان الفرنسيين كانوا متحمسين للحرية قبل النظام rlm;‫لكن كان يفترض ان يكون للنظام الاسبقية الاولى اي انه يأتي قبل الحرية.

(اقتبست الفقرة اعلاه من كتاب"أفكار" لبيتر واتسون ص 648) لعلاقتها الكبيرة بالوضع الراهن في العراق لان نفس هذا الانقسام الشعبي يحصل الان في العراق في محاولة فهم أسباب الوضع الذي خلف القضاء على مرحلة الاضطهاد المتمثل بالنظام الصدامي البعثي.

أريد ان اتبنى في هذا المقال راي الفئة الفرنسية الثالثة والتي اولت النظام اهتماما اكبر من الحرية. لايختلف اثنان على ان الحرية اصبحت من المفاهيم المطلقة والتي تناضل كل شعوب الارض من اجلها وهي حق من الحقوق التي يتفق عليها الفريقان من المفكرين،المثاليين والطبيعيين، فهي حق الهي وطبيعي ولكن من خلال نظرة للتاريخ البشري نجد ان هذا الحق الطبيعي للانسان(الحرية)قلص أو عطل تماما في مراحل حرجة من تواريخ الامم.


أنا شخصيا واعتمادا على "التسلسل الهرمي لأحتياجات الانسان"-لعالم النفس ماسلو- أعتقد أن الأمن يأتي قبل الحريات

في هذه المرحلة الخطيرة من مراحل الصراع الايديولوجي المسلح الذي يشكل ارهاب الاسلام السياسي احد اطرافه والذي يحاول الغاء كل ماتوصل اليه الانسان في مجال الحقوق والحريات او اعادة صياغته وفق مفاهيم باليه أكل الدهر عليها وشرب. لايجب ان يعطى للارهابيين حق الاحتماء بقوانين يقاتلون لالغائها، ببساطة لانهم سلكوا طرقا غير نبيلة للحرب وتبنوا أساليب حرب بدائية بربرية خالية من ابسط مفاهيم الشهامة وهم لايمثلون جيوش دول ولا يعترفون ب"معاهدة جنيف ".أنهم ليس الا عصابات خارجة ليس فقط على القانون الدولي بل وحتى على قوانين دولها وشراذم من زمر"السايكوباث" لم يجمع بينها الا الشبقية لمرأى شخب الدم.

اتهمت السلطات الامريكية بانها استعملت الاساليب التقليدية لاستنطاق واستجواب الارهابيين المحتجزين في سجن جزيرة"كوانتانمو" واذا ثبتت صحة هذا الاتهام فأنا أراه عين الصواب حيث ان الطرق التقليدية هي الوسيلة الوحيدة الناجعة لحمل الارهابيين على الاعتراف بجرائمهم-واني ومن هذا المنبر الاعلامي اتحدى كل الذين لايوافقونني الرأي في ايجاد الية فعالة و انسانية بالوقت نفسه في حمل الارهابيين على الاعتراف بما اقترفوا من جرائم-. لقد عرف الارهابيون في العراق لعبة القوانين الدولية لحقوق الانسان وبدأوا يوظفونها لصالحهم أفضل توظيفا.

علمنا ان تعليمات قادة الارهابيين للعناصر الارهابية في العراق هي تجنب المقاومة مع افراد قوات التحالف لان قوات التحالف سوف تطلق سراحهم بعد أيام أو أسابيع. كل ماهو مطلوب منهم عدم الاعتراف باي شيء والاكتفاء بنكران كل التهم الموجهة لهم. وفعلا فان هذا هو الاجراء الذي تتبعه قوات التحالف منذ 2003 وتم التقيد به بشكل اكثر بعد حادثة أبوغريب.
هذا التقيد الشديد بمؤتمر جنيف لحقوق الانسان في التعاطي مع الارهابيين الذين يفاخرون بازدراء كل الحقوق والحريات ويعرضون مشاهد جز رؤوس ضحاياهم على الفضائيات-كالجزيرة- والأنترنت (تم عرض صورا مقززة من دليل تعذيب الاسرى الذي عثرت عليه قوات التحالف في احد أوكار القاعدة في محافظة ديالى على القناة الامريكية سي.أن.أن) جعل نسبة لايستهان بها من العراقيين يميلون الى تصديق نظرية المؤامرة حيث تعج الصحف العراقية هذه الايام في كل اقاليم العراق بمواضيع التواطيء الامريكي المزعوم مع الارهابيين.
ومما زاد الطين بلة ان المحققين الامريكان لايتحدثون العربية واستنطاقهم للأرهابيين أصبح موضع تندر وسخرية للعراقيين، والأنكى من هذا ان الانتفاض السياسي والاعلامي والشعبي الامريكي لسوء معاملة الارهابيين من قبل السلطات العراقية غير المسبوق وضع علامات أستفهام كبيرة في مخيلة أغلب العراقيين في غاية الامريكان من وراء ذلك فهم كما يقول المثل الشعبي العراقي "لايندل ولايخليني أدليه". يتساءل العراقيون: "هل يعامل الامريكان الارهابيين الذين يسقطون بيد العدالة داخل الولايات المتحدةالامريكية بنفس الطريقة التي يعاملونهم بها في العراق؟" أذا لا، اذن كيف تفسر القوات الامريكية هذا التناقض؟.على قوات التحالف ان تجد تفسيرا لهذا التناقض قبل ان يفسره العراقيين على ان الدم العراقي أرخص من الدم الامريكي.

هذه الاجراءات جعلت قوات التحالف تخسر ود وتعاطف نسبة لايستهان بها من العراقيين في حربها ضد الارهاب وقد يؤدي ذلك الى فشل محاولات اشراك الاغلبية الصامته في العراق في الحرب الدولية ضد الارهاب خصوصا بعد ان بدت حملة كسب ود العراقيين وكأنها حملة لكسب ود الارهابيين.

على الامريكان ان يعيروا اهتماما أكبر لتفاصيل قد لاتبدواهامة لهم لكنها قد تغيرمجرى الاحداث وتبدل المواقف 180 درجة،علما ان قوى اقليمية تلقي بكل ثقلها في هذا الاتجاه، وان تكون سياساتهم واضحة وشديدة لبث اليأس والاحباط في نفوس الارهابيين.

ان التصريحات الاخيرة لممثل السيد علي السيستاني في كربلاء والتي اتهم فيها قوات التحالف باتلاف أضابير مئات الارهابيين قبل تسليمهم الى المحاكم العراقية ليتم أطلاق سراحهم لاحقا لعدم كفاية الادلة دليل خيبة الامل لدى الذين كانوا بالامس حلفاءا لامريكا وخيبة الامل هذه كانت نتيجة طبيعية لتعامل قوات التحالف اللين مع الارهابيين واعطائهم فرصا اخر-عن دون قصد- للعودة للاعمال الارهابية بعد أطلاق سراحهم.

اكدت الاخبار الواردة من العراق ان كثيرا من الارهابيين العتاة الذين قتلوا او اللذين تم القاء القبض عليهم مؤخرا كانوا نزلاء سجون قوات التحالف وافرج عنهم ليلتحقوا من جديد بالنشاط الارهابي.
لقد أختلط على قوات التحالف مفهوم"كسب قلوب وعقول العراقيين" ليفهمها بعضهم على انها "كسب قلوب وعقول العرب" وهما نقيضان وكسب احدهما لايتم الا من خلال خسارة الاخر. أن هذه السياسات التي تنم اما عن جهل الامريكان بفهم الشخصية العراقية المركبة والانفعالية أوالاستماع الى نصائح مضلة ستجعلهم يخسرون" الخيط والعصفور". لقد أصبحت خسارة امريكا لحرب ال"بروباكاندا" جلية وبدأ أغلب السياسيين والمثقفين العراقيين الذين كانوا من أكثر الناس تحمسا للمشروع الامريكي في الشرق الاوسط بدأو يتنكرون لمواقفهم السابقة ومن يدري لعلهم يقودون عصيانا للالتحاق بركب المقاومة"الشريفة"علها تغفر لهم سقطتهم بالتعامل مع قوات التحالف لتغيير النظام البعثي.
تلك المقاومة التي تعمل أيران وسوريا جاهدة على توحيد شقيها السني والشيعي لتلقن أمريكا درسا على تراب العراق وأجساد العراقيين. أتمنى أن لا يشبه الوجود الامريكي بالاحتلال البريطاني للعراق في بداية القرن الماضي وما ال اليه ويعيد التاريخ نفسه ليدرس أبناؤنا في دولة العراق الاسلامية أوالبعثوسلفية او الولاية فقيهية وفي مادة التاريخ كيف اندحر "الاحتلال الامريكي الغاشم وعملائه بهمة الغيارى المجاهدين(الارهابيين) من أبناء الوطن "ويامحلى النصر بعون الله".

نعيم مرواني
شروكي عراقي مهجر
Marwan1997@yahoo.co

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف