أصداء

مابين فوزي كريم وسعدي يوسف

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لم يؤثر في أقوام العرب فن،كما فعل فيهم الشعر فصيحا ً وعامياً،لذلك فهم أقوام سميت جزافا ً بـ(الأمة العربية )،إعتمادا على لغة تاريخية حضارية كتب فيها المقدس والمفضوح،فبات الشعر فيهم هو المتنفس في الحالتين.

وكان المنطق الثابت الذي لايتحرك،إلا حسب المصلحة الذاتية أو مصلحة أولياء الأمر،هو منطق الشعر،أما الناس فمنطقهم متغير في كل الأحوال،وجرت الأمور بما لايتفق مع التاريخ الذي درسناه وتعودنا على سماعه،فقد درّسنا البعثيون العراقيون في مناهجهم الدراسية قصائد السوداني محمد الفيتوري والفلسطيني محمود درويش ثم إختزلوا وبكل بساطة قصائد أهم الشعراء العرب وهم الشعراء العراقيون،فعاد واحدنا يعد بلدان العرب أوطاني،وحين دار الزمان علينا،وجدنا في رفحاء كرم العروبة،فحوصرنا في صحراء لامدد لها،ولازال بعضنا يحلم بكوابيس البدو ومدرعاتهم.

لايطيق العراقي الأصيل تذكر ظلم العراق لأبنائه من فئة الشعراء والكتاب خاصة منذ 1958،وقد مات بعضهم سريريا ً أو فقر ا ً أو عوزا ً وبعضهم أعدمهم النظام السياسي،وقيمة الأحياء منهم كما هي قيمة الموتى لحد الأن.

تم إختصار الثقافة العراقية بالشعر،فألتبس الأمر على الناس ليس في بغداد ولكن في جنوب البلاد وشمالها الكردي،في الجنوب يتغزل الريفي وابن المدينة معا ً بقيم مشتركة فيسب الجنوبي الحكومة بطريقة (الأبوذية )، وفي بغداد تحيا المقامات ويلتهي الناس بأعمالهم اليومية،وفي كردستان تهتز الكرديات على النهاوند بينما البشمركة يحاربون المستحيل لتأسيس دولة ما.

كان من مؤسسي العراق الحديث السياسي الجغرافي شعراء،فقد برزوا وشكلوا من وجدان أمة مختلفة الأنواع والبشر حسب القياس الشرقي الإسلامي ووفق القياسات الأمبراطورية البريطانية دولة عنوانها العراق،وكان العراق عضوا ً في عصبة الأمم المتحدة وعضوا ً مؤسسا في جامعة الدول العربية وعضوا ً هاما في الحرب الباردة حتى مطلع التسعينيات.

لم يبدر على راس شاعر عراقي مغترب أو(داخلي) خمسيني أو ستيني أوسبعيني...إلخ،أن تسقط البلاد كلها على رأسه،فهو لم يساهم في الهدم وكذلك لم يساهم في البناء وأيضا ً لم يساهم في التغيير،لكن للثقافة العراقية الشعرية دورا ً في التسكين والمديح والنفاق والحماسة والتأليه والبكاء والهم والغم واللطم وتخريب الذائقة الوطنية.

علاما يختلفان إذن فوزي كريم وسعدي يوسف،الثاني يقول أنا من الشعب وإليه أعود ووطن حر وشعب سعيد، وألأول يقول لاتتهمني بالخيانة.. فلست قمامة، وأين الشعب،الشعب يحكم نفسه بالمتاهات،متاهات الشعر التي وضعناها أمامه وأمامنا،أليس الشعر هو جزء من ثقافة مجتمع،فنحن ليس لدينا ثقافة زراعة ولا صناعة ولا تعليم،ولا تجميل،وكذلك ليس لدينا فهم كيف تسير السيارات واشارات الطرق وليس لدينا كهرباء ولا ماء،فلماذا يتعارك الأستاذان الكبيران؟

كيف يجيب الشعراء العراقيون جميعا ً على السؤال أعلاه،والشيخان يوسف وكريم هما من رموز الشاعرية العراقية المناضلة الباسلة في عهد جميع الدكتاتوريات.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف