أصداء

النظام السوري واستجداء سلام الضعفاء

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

الواضح أن النظام السوري قد تقلصت دائرة مناوراته وأصبح محشوراً بخيارات سياسته الفاشلة على كافة المحاور الداخلية والخارجية، وأخطرها هو فشله على مستويين اثنين يحددان بشكل كبير مستقبله،الأول مستوى الداخل السوري نفسه، التي أوضحته مسرحية الإستفتاء الأخيرة وطريقة إخراجها الغوغائية واستمرار تصاعد وتيرة الإعتقالات وزيادة حدة الإحتقان السياسي والأهلي، والثاني مستوى تعامله مع الوضع اللبناني و دفع عصاباته إلى لبنان لجر الجيش اللبناني إلى دائرة النار والمراهنة على تفتيته وتفجير الوضع اللبناني من الداخل كما يجري في نهر البارد، مصراً على اتباع سياسة رعناء فاشلة وخائبة خاصة ً بعد صدور القرار(1757) القاضي بتشكيل المحكمة الدولية، وفي هذه الظروف الخطيرة سورياً ولبنانياً وعربياً، بدل محاولة التعامل مع الأمور بقدر من العقلانية والمسؤولية.

والمنظور يفيد بأن النظام يتساقط بسرعة إلى الهاوية،إذ تستمر خساراته ففي لبنان خسر الأكثرية والشرعية اللبنانية السياسية والشعبية، وخسر الرهان على تعطيل المؤسسات الدستورية لعرقلة قرار تشكيل المحكمة الدولية، وخسر الرهان على أعوانه، وعليه قرر نقل تآمره على لبنان من مرحلة التصعيد إلى مرحلة التفجير، التي بدأت في مخيم نهر البارد، ليقامر بمصير لبنان وسورية على مذبح المساومة على السلام الغائب، مرسلاً الوسيط تلو الآخر والإشارة تلو الأخرى علناً وسراً، ولم يدرك بعد أن استئناف المفاوضات معه هو موضوع متعدد الأطراف،إسرائيل طرف مباشر فيه وأمريكا طرف مباشر فيه والأمم المتحدة طرف فيه والإتحاد الأوروبي طرف فيه، ومشروع العولمة هو إطاره الحقيقي، واهماً أن دق الباب الإسرائيلي هو آخر الطرق للدخول إلى الملجأ الإسرائيلي، ولم يدرك بعد ولن يدرك شيئ من الحسابات الإستراتتيجية الإسرائيلية التي استهلكت الديكتاتور الأب في دوامة مبادراتها ولم يصل سوى للهزائم، ولم ولن يستطع أن يدرك طبيعة السياسة الإقليمية والدولية ومفاعيلها البعيدة المدى التي تحرك المنطقة،وهو لازال يستجدي " السلام العادل والشامل "، ويستهلك مصالح شعوب المنطقة في سلسلة البرامج الخارجية التي لها أول وليس لها آخر، والنظام لايعرف أولها من آخرها...!.

مرةً أخرى يصر على قراءة اللوحة اللبنانية والإقليمة والدولية بوحي وهمه، ويحلم أن اتباع أمثاله الضعفاء سياسة الأشقياء في لبنان والمنطقة ستجبر اللبنانيين والعرب والعالم على تقديم الولاء له وتقرير الحاجة إليه وغض الطرف عن جرائمه، وتمديد دوره متناسياً أنه المسبب الرئيسي لكل مظاهر عدم الإستقرار من العراق إلى فلسطين إلى لبنان، ولعله لم يدرك بعد أن فشله المطلق في لبنان خاصةً، كاف لفتح العيون والعقول بأقصى مداها ليرى ويفكر ماذا حل به وبنظامه وبسياسته القائمة على البيع والشراء بكل حقوق ومصالح شعوب المنطقة، فشل ذريع قاده إلى أن يكون الرقم الأول على قائمة المساومين ومصدري الإرهاب وأدواته إلى كل دول المنطقة، من العراق إلى دول الخليج حيث خلاياه النائمة هناك، إلى لبنان إلى فلسطين حيث الرفض العام لتلاعبه بمصير الشعب الفلسطيني وقضيته ومعاناته.

ماذا حدى مما بدى ؟ النظام السوري الذي حاصر الراحل ياسر عرفات حتى موته، وحاصر خياره في " سلام الشجعان " الأقوياء في حينها، وعمل كل مابوسعه لشق الصف العربي والفلسطيني بوقوفه ضد خيار الشرعية الفلسطينية وخيارات الشعب الفلسطيني، وفي سياسة يعرفها كل العرب وخاصة ً أبناء فلسطين، تهدف إلى استمرار التلاعب بالقضية الفلسطينية لحساباته الواهية والمتهالكة والتي أنتجت تغييب الراحل ياسر عرفات، نراه يرجع اليوم إلى استجداء " سلام الضعفاء " وبأية طريقة وعبر أي وسيط وبدون أية شروط وبتنازل عن كل الحقوق الوطنية والقومية، واستعداد المساومة على فلسطين ولبنان والعراق وسورية، لقاء عقد صفقة تطيل عمره في السلطة، ويظن أنها تنقذه من قفص المحكمة الدولية التي أصبحت واقعاً.

بقي أن نقول: حتى " سلام الضعفاء " هذا الذي يتهالك عليه ويحلم به هو أكثر من وهم، لأن مايمارسه من دور خطير على مستوى سورية ولبنان والمنطقة هو أبعد مايكون عن سياسة السلام الذي يصون الحقوق، والورقة التي يظن أنه يملكها وهي الجولان، يعرف تماماً أن الديكتاتور الأب سددها ثمناً لدور لعبه ومرحلة عاشها ومررها، وبالتالي فقدت قيمتها العسكرية والسياسية والتفاوضية من الجانب الآخر، لأنه باعها وقبض ثمنها عداً ونقداً وهوثمن البقاء في السلطة إلى أجل مسمى هو على حافاته، والآن وفي ظروف المنطقة الخطيرة المهزوزة مفاصلها والراقصة أطرافها على مسلسل الدم والبارود والتشظي،يدخل النظام السوري ساحة اللعبة الخطرة وهو في أضعف أيامه، ساحة الإرهاب الذي وجد فيها دوره ومنهجه، وجعل من سورية " كوريدوراً " لمرور الإرهابييين ومحطةً للتزويد بالوقود المادي والمعنوي والخطط والبرامج وكل أدوات التدمير، ومفصل لتوزيع المتطرفين على كل دول المنطقة،مصراً على خلخلة الركيزة الأخيرة الباقية في مسلسل الإنهيار وهي لبنان وسورية وبالتالي دفع المنطقة كلها إلى الإنهيار...!

د.نصر حسن

لقراءة مقالات اخرى في ايلاف

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف