وطنية الصدر فاقت كل التوقعات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ليس خافيا على أحد الوطنية والغيرة الاسلامية التي تحلوا بها أسرة ال الصدر في تاريخ العراقي الحديث. فقد كانت المرجعيات الدينية الصدرية وأسرها معارضين على الدوام للحكومات والانظمة السياسية التي لم تمثل ارادة الشعب العراقي ووقفوا بوجه الظلم والطغيان و ضحوا بكوكبة غالية من العلماء االعظام الذين قادوا اهم نضالات ومعارك من اجل سيادة العراق واستقلاله منذ ايام الاحتلال العثماني الى مشاركتهم في ثورات العراق الخالدة من ثورة العشرين ضد الانكليز الى ثورة 14 تموز المجيدة واعلان العهد الجمهوري الجديد في العراق . وبعد استشهاد المرجع العراقي الكبير محمد باقر الصدررحمه الله مرت العراق بفترات عصيبة، حملت بعضها دلالات ايجابية وأخرى مؤشرات الهلاك والوقوع في فخ الطائفية والمناطقية، وفي خضم هذه الاحداث والتناقضات على الساحة السياسية العراقية برز الزعيم الوطني مقتدى الصدر ليلعب دوراً وطنيا كبيراً في الكثير من القضايا السياسية والأمنية والدينية في العراق.
ومن ضمن المفارقات التي برزت على الساحة العراقية بعد اسقاط نظام صدام حسين من قبل الولايات المتحدة واحتلاله لبغداد، التباين في المظهر الشعبي لرفض او قبول هذا الاحتلال، ولكون السيد مقتدى الصدر قد ترعرع في مدرسة جهادية صحيحة في مدينة النجف الدينية المقدسة فاستمرعلى نفس مسار الشهيد الصدر الثاني، فلم يمر مناسبة وطنية في العراق الا خرج هو وانصاره ومؤيدوه منددين ضد الاحتلال الامريكي ومطالبين برحيله.
وحظي مقتدى الصدر وتياره الوطني بتاييد كبير من غالبية الشعب العراقي بعدما خاضوا معارك تلك النضالات في النجف و تكاتفوا مع اهل الفلوجة المظلومة في محنتهم حينذاك . وبعدما اثبت السيد مقتدى الصدر تلك الحضور الجماهييري، حاولت قوى سنية دينية وزعامات احزاب و بعض التيارات القومية مثلما ذكرنا والتي تسمي نفسها عقائدية الذين لم يحتملوا ضوابط النظام الديمقراطي الجديد والتنظيم والتزام خطوطه، ووقعوا فريسة سهلة في ايدي عملاء اجهزة استخبارات الدول الأقليمية والمتورطين حتى النخاع في تأجيج النزاعات الدينية والاهلية في بغداد ان يستغلوا وطنية التيار الصدري لغرض الاستفادة من مواقفه وانجازاته اعلاميا ولذلك قاموا مثلما زعمت تلك القوى ببناء جبهة تحالف مع التيار الصدري وانتهجوا سياسة مشاكلة النظام الديمقراطي وتجاوزوا الخطوط الحمر وتعدوا على الضوابط السيادية للعراق دون الاعتبار للأمن الداخلي العراقي والحس الوطني والواجب الديني جراء ايواءهم للعصابات الاجرامية التي دخلت العراق بشكل غير شرعي لتفريق بين العراقيين وتشتيت صفوفهم والسيد مقتدى الصدر وتياره الوطني ذات نفس العراقي الاصيل براء مما كانوا يفعلون.وبعد وقوع حادثة تفجير مرقد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء ابتعد التيار الصدري من تلك الزعامات والقوى السنية و أمر الصدر بتشكيل "جيش المهدي" لتوفير الامن والحماية للمرجعيات الدينية والمراقد المقدسة، بعدما تامرت الزعامات السياسية السنية التي تحالفت مع التيار الصدري ولهفوا وراء فعل الخيانة لايذاء العراقيين و لتتحول جيش المهدي والتيار الصدري على اثره الى شريك أساسي في العملية السياسية في البلاد، وبعد ذلك شارك التيار الصدري في العملية الدستورية في البلاد واصبحت تمثل اهم التيارات الوطنية داخل البرلمان العراقي.
وفي ظل الظروف الحساسة التي يمر بها العراق جراء الاحتلال والتدخلات الاقليمية يؤكد لنا السيد مقتدى الصدر على أواصر العلاقات التاريخية للعراق مع تركيا الا انه اكد بوجود الكرد والعرب كمكون موحد لا ينفصل عن بعضه و يمثل ألانتماء القومي للعراق حيث وضح للاتراك في بيانه الذي نشر الامس بايلاف بأن لا يحاولوا ان يستفيدوا من زمن التراجع العراقي فيمارسوا الابتزاز على جبهتين: يبتزون اكراد العراق الصامدين مع اخوتهم من الشيعة في القتال وفي ومواجهة أعدائهم التكفيريين والصداميين، فينتزع منهم الاقرار بغربة العراق عنهم،،وتفرده،، ويبتزون أهل السنة المستضعفين بتخلي أخوانهم عنهم وبرداءة النماذج الرسمية للعروبة اي تلك الانظمة البائسة المتسمة بمختلف سمات التخلف والقمع والاقتتال على السلطة والتفريط بمصالح المنطقة او حتى سيادته والاستسلام امام الغاصب والطامع فينتزع منهم الواقع الانتدابي او الاحتلالي كحقيقة نهائية وبالتالي الاقتراب أكثر فأكثر من النموذج السعودي او التركي واعتباره المطمح و القدوة وجار الرضا والنصير على أهل السوء والطامعين بالعراق.
وقد وضح بيان الزعيم الوطني مقتدى الصدر جملة من الحقائق واتمنى من قادة الكرد ان يدركوه يحطوه محل تقديروأهتمام.
واولى تلك الحقائق، بان الكرد هم العنصر الاساسي في العراق، الوطنيون حتى النخاع،المقاتلون والمستشهدون من عراق الوطن، هم الضمانة الاولى والاهم،ويجب أن تتأكد صفتهم هذه مرة والى الابد، ان لا يظلوا مدانين بالداخل بتهمة الولاء للولايات المتحدة الامريكية، ومتهمين في بعض دول الاقليمية بالقصور والطمع بحيث يحتاجون الى وصي او الى ضامن!
ثانية تلك الحقائق ان قوة العراق تكون بقوة وجود الكرد فيه وجودا قويا،- ومهما كانت الدولة قوية في بغداد فستظل ناقصة بقدر النقص او الضعف في أمن أقليم كردستان فكيف اذا وصل بهم الامر الى انكار هذه الحقيقة الحيوية؟!
ثالثة تلك الحقائق مهما حاولت الولايات المتحدة الامريكية ان تدعم تركيا في موقفه وأعطائه الغلبة وهم يتحكمون بسياسة العراق مع الجوار، الا ان ذلك ستتغير عند العراق حين تتوفر لها شروط النهوض والقوة، لأن الشعب، الناس في بغداد والموصل وكردستان والبصرة هو الباقي وليس الحكم وهو الذي لا يغير موقفه وموقعه مع تقلب الريح ودوران الفلك.
اما الحقيقة الاخيرة والمهمة الذي طرحه السيد مقتدى الصدر للخارج والداخل كان مفاده ان معركة الدفاع عن كردستان، كردستان الامان،السلام والتاخي و التصدي والصمود وساحة العمل الوطني العراقي الحر، ليست الا قتالا على خط الدفاع الاول، عن بغداد وكربلاء والنجف ووصولا الى البصرة.
راوند رسول
rawandrasul@hotmail.com