أصداء

من نهر البارد إلى غزة كلهم شركاء في الجريمة مع الفران

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

ماذا يجري في نهر البارد، ولحساب من؟! ماذا يجري في غزة؟! ماذا يجري في العراق؟ ماذا يجري بصمت أكثر أو بكبت أكبر في بقية هذا العالم العربي الذي أصبح أشلاءً مباحة على قارعة الطريق؟! وإذا كان مفهوماً أن مايجري في نهر البارد والعراق وبقية خيام البؤس العربي من تداخل القوى الشريرة،وتبادل وتكامل الأدوار بين عدو خارجي واضح، وبين أعداء داخليين يلبسون ألف ثوباً وثوب،وينتج هذا الموت المتدحرج من مكان إلى آخر، ويحصد الأبرياء ويخيم غيوماً سوداء على حياة الشعوب، ليختلط فعلهم إلى الحد الذي يضفي على الصورة الدموية الضباب لتفقد العيون وظيفتها،والعقول قدرتها والأعصاب تماسكها، ليخوض العالم العربي حكاماً ومحكومين، جهلة وعاقلين، وكفرة ومؤمنين وعلمانيين وملائكة وشياطين في الحيرة والنحيب والقال والقيل والتفسسير والتأويل...! لكن من غير المفهوم والمعقول والمقبول هذا العار الذي يجري في شوارع غزة، ولحساب من؟! ومن هم تلك الأدوات الرخيصة والمأجورة التي تنفذ لعبة الموت الدنيئة ضد المدنيين في آخر قلعة تحمل راية فلسطين؟! لحساب من تختلط دماء الفلسطينيين بخطط المشبوهين، بسمسرة تجار الموت وأمراء الحرب وأجراء المخططات السياسية الخارجية وأدواتها لحراسة الجريمة والمجرمين في وضح النهار الفلسطيني، الذي تحول وللأسف الشديد إلى أشلاء ودماء وظلم وظلام لايطاق، وليس له مبرر أو تفسير؟!، وأي تفسير يبقى عندما يتقابل السلاح الفلسطيني مع الفلسطيني نفسه وجهاً لوجه وتدور تلك التصفيات في شوارع غزة؟! في مسرحية دموية غير أخلاقية وهمجية، تعكس أشد الصور مرارة في تاريخ القضية الفلسطينية! ماذا جرى؟! وأين الفصائل الفلسطينية كافة وماذا تبقى لها من شرعية وجودها، ومن وعودها بالتحرير؟! ومن عهودها بحرمة سفك الدم الفلسطيني،وحرمة..وحرمة...؟!

لاأستطيع وصف شعوري وشعور الملاييين من العرب، عداكم عن شعور الطفل الفلسطيني والمرأة الفلسطينية والإنسان الفلسطيني والشهيد الفلسطيني والشعب الفلسطيني الذي أصبح مشرداً في غزة وبشكل أسوأ من بقية شتات الأرض، ماذا نقول عندما يصاب الشعب الفلسطيني بوباء فصائل ليس لها أية وظيفة سوى حراسة الموت وإضفاء الشرعية عليه والسمسرة بكرامة الناس وحياتهم؟! ماذا نقول عن سلطة أو حكومة بكل أطرافها؟! عندما لاتستطيع أن تحمي طفلاً وامرأة أو مستشفى أو وزارة، وتعجز عن تأمين أدنى درجات الأمن لمواطنيها؟! ولاتسطيع أن توفر حليباً لطفل، ولاكسرة خبز لجائع،ولادواء لمريضة،وفوضى السلاح والمسلحين تعبث بتلك الحرية والأمان والكثافة،وتقتل بكل ذلك الإنحطاط والفجور وبالجملة في شوراع غزة؟! أهو العار الذي أصبح وشماً في جبين كل أمراء السياسة والحروب والبارود الذي ينساب إلى غزة بسهولة غريبة وسيولة عجيبة، ويتكدس في مخازن دعاة المقاومة والتحرير والجهاد، وأكثر من الخبز والماء والدواء؟! أم هو الدور الذي يشترك فيه الكل جميعاً بدون استثناء ولانتهم أحداً، بقدر ما تؤشر به الصور من قتل وقتال عبثي همجي، وتمثيل وحرق وسحل ورمي الجثث من سطوح المنازل..ولاأدري ماذا....لكن الصور ببساطة تنظق وتقول : " كلهم شرحاء في الجريمة مع الفران "؟!.

لم يعد الكلام المهذب مفيداً، ولم تعد الرموز والإشارات والتورية ممكنة، ولم يعد هناك فرقاء متمايزة تفرض على العقل بعض الرصانة والحياد، ولم يعد للعقلاء وجوداً لافي هذا الفريق أو ذلك، ونقولها بمنتهى المرارة والأسى والألم أن الكل متهمين ومشتركين، قد نجحوا بالإساءة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، في حين فشل أعداؤه على مدى أكثر من نصف قرن،وفي ظل سلطة أو حكومة أو فصائل تحت شتى الأسماء والمسميات وكلها مجتمعة ً تسفك الدم الفلسطيني ويسيل في الشوارع كأنه ماء وأرخص، نقول أنها مجتمعةً لاتملك الأهلية السياسية والأخلاقية، وتفتقر إلى الحد الأدنى من المسؤولية الوطنية، والدم الفلسطيني الذي يسفك في شوارع غزة وبالقرب من الإحتلال، هذا العارهو الذي يتهم ويؤشر بوضوح على المستهترين بالدم الفلسطيني.

مالذي استجد؟! حتى تصاب كل الفصائل بالفلتان، وتفقد عقلها وتفلت خيوط السيطرة من أيديها، وتفقد صوابها وتنسى العهود التي قطعتها على نفسها قبل شهور في مكة، وتكفر بمقدساتها وتتمسك بقدرتها الوحيدة على التناحر والتقتيل وإسالة الدماء؟! هل هزلت لديها قدسية الدم وقدسية المكان وقدسية الرسالة وقدسية الإنسان؟!وهل نسيت الخطوط الحمراء التي رسمتها ووقعت على عدم تجاوزها؟! هل هو توقيع المناورة وتجاوز المأزق الظرفي لتوفر بعض الهدوء والسيولة والبارود لتصفية بعضها بعضاً؟! هل هو الوجه الآخر لما يجري في نهر البارد ودفع الشعب الفلسطيني لحرب أهلية بالتقسيط والتدريج وبدون أي هدف سوى القتل واستعراض الأشاوس عضلاتهم وأسلحتهم وانحطاطهم على شعب أعزل من كل شيء، وقتل حلمه وإيمانه في شبه حياة وشبه وطن!.

مايحدث معيب ومخيف، وكل الخشية أن تكون الدماء التي تسفك في شوارع غزة هدية للمحتل على طريق نفخ الحريق ليتواصل مع حرائق أخرى، ليشتعل الحري الكبير في ظل عواصف المنطقة ويكون هذا الصيف شاذاً، أيكون هو صيف الحريق الكبير وللأسف وقوده البشر الممتد من نهر البارد إلى غزة إلى بغداد إلى مدن عربية أخرى مربوطة بالأحزمة الناسفة وفتائل الحريق، وهي تنتظر لحظة التوصيل والتفجير؟! غزة في طريقها إلى النحر، والفصائل الفلسطينية كلها في طريقها إلى الإنتحار...مالم تتوقف هذه المجازر والمهازل، ومالم تفرض الفصائل قدرتها على ضبط السلاح والمسلحين، ومالم تكن قادرة على جمعه وحصره وإسكاته لأجل مسمى...تكون الفصائل كلها قادرة على توفير الخبز والماء والدواء والأمن...وقادرة على امتلاك مشروع سياسي واضح قادرعلى صيانة قضية مقدسة يركع العالم كله أمام قدسيتها وتضحياتها وعدالتها وحقها في الحرية والإنعتاق...لكن يضيع الحق ويكفر بها ويسفهها أبناؤها...المشكلة ليست مستحيلة إلا إذا تحولت الفصائل الفلسطينية إلى نظام يقف في طابور الأنظمة العربية الفاقدة الإرادة والإستقلال معاً...!.
وأخيراً هل هناك من يتوقع وينتظر مثل تلك الهدية في الذكرى الأولى لحرب تموز 2006؟! ربما ولكن ليس بهذا الإحمرار والدمار، وليس بهذا السخاء والسمسرة بالدم الفلسطيني.!.

د.نصر حسن

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف