أنقذوا الأسلام والا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لاشك ان الأسلام دين سماوي يخاطب العقل، فخلى تقريبا من القصص الخرافية أو الخوارق الطبيعية التي غالبا ماكانت تميز الديانات السابقة له كأمثلة تعجيزية ليس للبشر القدرة على انتاج مثلها كاثبات على مصدرها الألهي وحث على العلم في أول سورة في القران(الفاتحة) فكانت تأمر بالقراءة و تتحدث عن العلم والقلم.
لذلك لم يجد المعتزلة صعوبة في التوفيق بين العلوم والفلسفات اليونانية والقران فوضفوا المنطق الأرسطي في أثبات حقاثق دينية ( أثبت التاريخ كارثية تداعيات وانعكاسات فكر الذين أختلفوا معهم على الاجيال المعاصرة) فأسسوا ماسمي لاحقا ب"المدرسة العقلية" في الأسلام.
ولم يجد المتصوفة تصادما بين الأسلام وبقية الديانات التوحيدية (اليهودية والزرادشتية والمسيحية) ولا حتى مع بعض الديانات الاسيوية المعاصرة كالبوذية وغيرها فوفقوا بينها ليصبح مذهبهم خليطا متجانسا وموزائيك لكل أنواع الجمال الفكري البشري والالهي الذي ربط وبشكل خلاب الدين بالدنيا وجسر الفجوة بين الافكار الالهية والافكار الوضعية.
ان أحد أهم أسباب أنتشارونجاح الدين الاسلامي هي قابليته على مسايرة التقدم أو التغير الدائم الذي هو سمة الفكر البشري فحق بذلك للمسلمين ادعائهم لصلاحيته لكل العصور(الأسلام كان أسرع الديانات انتشارا في أمريكا الشمالية حتى مجزرة نيويورك في الحادي عشر من أيلول عام2001).
الأسلام كان أكثر الديانات تسامحا مع شعوب الدول المفتوحة(المحتلة)، صحيح ان المسلمين فرضوا الجزية على غير المسلمين(سكان الدول المحتلة اللذين أطلق عليهم لقب الذميين فيما بعد) لكن الجزية التي فرضت على "الذميين" كانت بسيطة وهي أقل من الضريبة التي فرضتها الأمبراطورية البيزنطية على مواطنيها وكانت ثورة مثلت سابقة في مجال حقوق الانسان في ذلك العصر الذي كان شائعا فيه ممارسات تخيير الدول الغالبة لسكان الدول المغلوبة بين الموت أو التحول للدين الجديد.
كان لهذه السياسة الفضل للتقدم العلمي والدور الكبير الذي لعبه المسيحيون واليهود والزرادشتيين وغيرهم في الحضارة الاسلامية.
لكن الغزو المغولي وتدمير العاصمة" الرمزية" للدولة الأسلامية بغداد ولد صدمة كبرى للمسلمين وكان سببا لبداية الحركات الأصولية فتراجعت علوم اللاهوت الاسلامية تراجعا مخيفا تكلل بولادة أفكارا أستبدادية سوداوية رفضت قبول اي طريق الى الله غير طريقها وعزت سقوط الدولة الأسلامية(العباسية) الى تبني الفلسفة والعلوم اليونانية واعتماد العقل من قبل " المتفلسفة والقرامطة والباطنية والغلاة والجهمية....الخ فأعادت بذلك التقدم الفكري الأسلامي الى المربع الأول ووضعت القوالب والأسس التي تمنع أي تطور فكري مستقبلي فأقفلت باب الاجتهاد وأكتفت بسير"السلف الصالح" وألغت استعمال العقل لاستنباط الاحكام ومواقف الاسلام من القضايا الحياتية المستجدة فكان تشخيص خاطئا أدى الى تفاقم سوء حالة المريض(الدولة الاسلامية) وقد يؤدي الى موت ماتبقى منها اذا لم يتدارك الامر.
على عاتق قادة العالم الاسلامي (لاأقصد القادة السياسيين بل الدينيين) تقع مسؤولية اعادة الفكر الأسلامي الى مساره الصحيح لأنتاج فكرا يتماشى مع مفاهيم حقوق الانسان التي كان الأسلام سباقا اليها كما أسلفنا، متسامحا يدعو الى تعايش سلمي وحوار ديني حضاري والا فان الاسلام سوف ينحسر ليعود الى من حيث بدأ (الجزيرة العربية وقد تؤدي تصرفات الشرطة الدينية التعسفية الى انحساره حتى في الجزيرة نفسها). أقول على القادة الدينيين تقع مسؤولية التغيير لأن التاريخ أثبت ان التصحيح الديني يجب ان يلد من رحم المؤسسة الدينية ولنا في الحركة التصحيحية المسيحية في القرون الوسطى التي قادها "مارتن لوثر " لخير مثال على ذلك.
الأفكار الأسلامية السائدة في الشارع الأسلامي هذه الأيام هي أنحرافا خطيرا للافكار التصحيحية التي بدأها الجيل الأول من المجددين من أمثال عبد الرحمن الكواكبي وجمال الدين الافغاني ومحمد عبده،والذين اتهموا بالماسونية لمحاولاتهم التقريب بين الأديان، وانعكاسا للافكار المتطرفة لمحمد عبد الوهاب ورشيد رضا وأبو الأعلى مودودي وحسن البنا وسيد قطب والخميني وموسى الصدر ومحمد صادق الصدر وكل المتطرفين من مفكري هذه المدرسة التي تبنت العنف كوسيلة للتغيير.
على قم والنجف ومكة والمدينة المنورة والقاهرة تحمل مسؤولياتها التاريخية وتخليص الاسلام مما لحق به دنس فكري واعادة قطار الفكر الأسلامي المشرق الى سكته التي انحرف عنها ولايتم هذا الا من خلال انتاج فكر اسلامي يوازي الفكر المتشدد لعلماء المدرسة انفة الذكرفي الجودة ويعاكسه في الاتجاه.
وان لم تستطع المراجع الاسلامية من انتاج فكر جديد فعلى الاقل تتفق على نبذ العنف واحياء التعايش السلمي في ظل التعدد الفكري والمذهبي والديني الذي ميز الحضارة الاسلامية.
لقد أصبح من العسير علينا اقناع الاخرين من معتقدي الديانات الاخرى بحقيقة كون الأسلام دين محبة وتسامح لاقتران الاسلام بمشاهد الذبح المقدس للخرفان البشرية من على شاشات الانترنت والبرامج التلفزيونية التي على شاكلة برامج فضائيات الجزيرة والمنار و برامج منظمة "حماس" للاطفال التي حولت شخصيات الكارتون الشهير"توم اند جري" الى أرهابيين يحملون الة القتل ال"كلاشنكوف".
لقد ثبت بالتجربة ان العنف لايمكن ان يحل مشكلة لأن لايمكن السيطرة عليه وتوجيهه لتحقيق هدف معين (كما يجادل البعض) فهو كالوحش الكاسر ما ان ينفلت من عقاله حتى يهاجم كل من يصادفه في طريقه لايميز صديقا من عدو.
ياسادة أصحاب السمو والرفعة والعلو في حوزات قم والنجف وهيئات افتاء مكة والمدينة المنورة وجامع الأزهر ان التحدي كبير وهو أكبر بكثير من النجاسات والطهارات ورضاع الكبير وختان البنات وبركات بول النبي وعلاقة الفروج بالسروج وتحريض بعضكم على بعض فهل من حياة لمن أنادي؟. اذا لم يكتب لكم النجاح بتحديث الموروث الاسلامي، فبعد مئة سنة من الان سوف يستحدث قسم في المتاحف للأديان المنقرضة التي لم تستطع مواكبة التقدم وسيكون قسم الأسلام عبارة عن خيمة تحوي نسخا من كتب "المسند والاشربة" لأحمد بن حنبل و"بغية المرتاد" لابن تيمية و"كتاب التوحيد" لمحمد بن عبد الوهاب و"معالم في الطريق" لسيد قطب، و"سبيل الثورة الاسلامية" لأبو الأعلى مودودي و"الحكومة الاسلامية وكشف الاسرار" للخميني، وعمائم بيض وسود وخضر،بوابيج، كوفيات بيض، يشماغات حمر، خناجروسيوف معقوفة وكلاشنكوفات وقبب ومنائر مطلية بالذهب والفضة وصورة مجسمة لسيارة مفخخة وتماثيل شمعية لرجال دين عوران أو عميان بلحى كثة وطويلة بجانبها تمثالا لجثة امراة مقتولة غسلا للعار و"دشاديش" قصيرة وغالون من النفط الخام. هذا كل ماسيذكره التأريخ عن الأسلام.
نعيم مرواني
شروكي عراقي مهجر
Marwan1997@yahoo.com