ردا على مقالة المسيحية والنصرانية واليهودية2
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
ردا على مقالة المسيحية والنصرانية واليهودية- الحلقة الثانية
(12 لانه لا فرق بين اليهودي واليوناني لان ربا واحدا للجميع غنيا لجميع الذين يدعون به. 13 لان كل من يدعو باسم الرب يخلص..... 16 لكن ليس الجميع قد اطاعوا الانجيل لان اشعياء يقول يا رب من صدق خبرنا. 17 اذا الايمان بالخبر والخبر بكلمة الله )(روميه2: 12 - 17) هكذا بدأت المسيحية، يهودي ويوناني بلا فرق، لم يكن هناك فريقان ، ولم يكن هناك ابدا تناحر وحروب ولا اغتيالات بين القادة، بل محبة اخوية، او اختلاف بود (اعمال 15) وحتى لا نطيل في المقدمة، فسأدخل مباشرة الى الرد على المقال الثاني للاستاذ سعد الله خليل المنشور بجريدة ايلاف الالكترونية بعنوان ( المسيحية والنصرانية واليهودية 2/2) بتاريخ الاربعا 13 يونيو 2007
وبداية احب أن اوضح ان هذا المقال ليس للدفاع عن اليهود - كما اشاع البعض - بل هي توضيح لايماننا المسيحي المبني على الكتاب المقدس ( التوراة والانجيل ).
مدة خدمة المسيح:
جاء في المقال ( لم يطق اليهود صبرا على المسيح، فلم يسمحوا له بالتبشير سوى أشهر جدا قليلة، وربما لا تتعدى الشهرين أو الثلاثة أشهر. لأنهم كانوا يعرفون عاقبة تبشيره عليهم. بضعة أشهر فقط، هل كل المدة التي بشر بها السيد المسيح- خلافا للشائع لدى الناس- فقد بدأ المسيح بنشر تعاليمه وهو في سن الثلاثين تقريبا، وصلبه اليهود وأسلم الروح وهو في الثلاثين من العمر.. ). ويقول الدكتور أسد رستم مؤرخ الكرسي الإنطاكي في كتابه- 3 مجلدات- كنيسة مدينة الله إنطاكية العظمى: (وأسلم السيد الروح معلقا على الصليب يوم الجمعة في ما يعادل في حسابنا السابع من نيسان من السنة 30 بعد الميلاد).
وهنا لا بد من وقفة لصالح التاريخ والحقيقة، ولنبين للقاريء كيف ان الكاتب لم يقم باي بحث ولكنه نقل بدون دراسة ولا تمحيص وخلص الى استنتاجات غير دقيقة، فالسيد المسيح بدأ خدمته في سن الثلاثين ( حسب شريعة الناموس لبدء الخدمة لليهودي - راجع سفر العدد الاصحاح الرابع) ولكنه خدم مايقارب ثلاثة سنوات ونصف السنة، واذا كان الكاتب قرأ الانجيل ( ولا اقول عمل دراسة او بحث تاريخي) لاكتشف ببساطة ان المسيح قطع الرحلة الى اورشليم لحضور عيد الفصح 3 مرات (غني عن التعريف انه عيد يأتي مرة واحدة في السنة) : الاولى (يوحنا 2: 13-25) والثانية ( يوحنا 5: 1- 47) والثالثة (يوحنا 12: 12-19) وهي التي تم القبض عليه فيها وتقديمه للصلب والمحاكمة، ولنبين كيف وصل الكاتب الى استنتاجه من قراءة ان المسيح صلب سنة 30 ميلادية فقام بحسبة سريعة مفترضا ان المسيح مولود سنة 1 ميلادية، (بحساب التاريخ 4 ق.م)، كيف نفهم هذا؟ نضع ايضا هذه الدراسة التاريخية المختصرة، لعلنا نكون قدمنا ردا وافيا على هذه النقطة :
جاء في الموسوعة العربية ما يلي (التقويم الميلادي: اقترح الراهب ديونيس إكسيجيوس عام 1285 رومانية (أي بعد 532 سنة من ميلاد المسيح عليه السلام) أن يكون ميلاد السيد المسيح مبدأ للتاريخ. ولما كان هذا الميلاد، كما يرى ديونيس، عام 754 رومانية، عدّ أول يناير عام 754 مبدأ للتاريخ الميلادي، وكان ذلك يوم السبت. ينتج عن ذلك أن التاريخ الروماني يزيد على التاريخ الميلادي 753 سنة.) ولكننا نضيف ما ذكره المؤرخ اليهودي يوسيفوس يظهر بوضوح أن هيردوس الكبير مات قبل العام 754 رومانية، فيكون على الارجح انه مات قبل هذا التاريخ باربعة أعوام، (اي 4 ق.م ) واذا اضفنا ماجاء في الانجيل من ان هيرودس بعد ولادة المسيح بوقت قصير ( متى 2: 19 - 22) ويكون مولد المسيح قبل ذلك اما في اواخر سنة 5 ق.م او اوائل سنة 4 ق.م وفي بعض الاراء 7 ق.م
ولهذا فعمر المسيح وقت الموت على الصليب يكون 30 عاما مضافا اليها حوالى اربعة اعوام، وهو ما يطابق رواية الانجيل ومدة خدمة المسيح باكثر من ثلاث سنوات، هذه النقطة قصدت الاستفاضة فيها لكي ابين للقاريء ان الكاتب لم يبذل جهدا في تقصي الحقائق التي نقلها في مقاله.
السبب الحقيقي في رغبة اليهود في قتل المسيح:
جاء في المقال (ما أن لامست هذه الأقوال أسماع زعماء اليهود وكهنتهم وشيوخهم، حتى استشعروا بالخطر المحدق بهم، وبسلطتهم وديانتهم، فاضطربت عقولهم، وطار صوابهم، وعصف الشر بقلوبهم. فتحالفوا ضده، وتآمروا عليه، وقرروا قتله) يريد الكاتب ان يقول أن رؤساء الكهنة ارادوا قتل المسيح لتعاليمه السامية التي تهدم تعاليمهم، ولكن في الانجيل السبب الحقيقي شيء آخر معلنا بوضوح، فقد حاول اليهود اكثر من مرة قتل المسيح رجما بالحجارة ( بتهمة التجديف لانه يعادل نفسه بالله ) وهي نفس التهمة التي حاكموه من اجلها ومات المسيح على الصليب متهما بها، واليكم بعض هذه المحولات بالنص من الانجيل (ولهذا كان اليهود يطردون يسوع ويطلبون ان يقتلوه لانه عمل هذا في سبت. 17 فاجابهم يسوع ابي يعمل حتى الآن وانا اعمل. 18 فمن اجل هذا كان اليهود يطلبون اكثر ان يقتلوه.لانه لم ينقض السبت فقط بل قال ايضا ان الله ابوه معادلا نفسه بالله)(يوحنا 5: 16- 18)
اذا فالتهمة واضحة وهي ان المسيح نسب الى نفسه اللاهوت، وقد فهم هذا اليهود - بحسب معرفتهم لاسماء الله وصفاته في التوراة والتي نسبها المسيح لنفسه - وقد استمرت محاولاتهم في كل مرة يقول فيها المسيح اشارة الى لاهوته، فقد حدث هذا عندما اعلن ازليته (قال لهم يسوع الحق الحق اقول لكم قبل ان يكون ابراهيم انا كائن. 59 فرفعوا حجارة ليرجموه.اما يسوع فاختفى وخرج من الهيكل مجتازا في وسطهم ومضى هكذا)(يوحنا 8 : 58 - 59) ومرة اخرى عندما قال المسيح ان المؤمنين محفوظين في يد الآب، ثم اضاف انه محفوظين في يده وختم بالقول انه والآب واحد (خرافي تسمع صوتي وانا اعرفها فتتبعني. 28 وانا اعطيها حياة ابدية ولن تهلك الى الابد ولا يخطفها احد من يدي. 29 ابي الذي اعطاني اياها هو اعظم من الكل ولا يقدر احد ان يخطف من يد ابي. 30 انا والآب واحد 31 فتناول اليهود ايضا حجارة ليرجموه. ) (يوحنا 10 : 27 - 31)
المرة الاخيرة كانت في المحاكمة التي انتهت بحكم الصلب (فاجاب رئيس الكهنة وقال له استحلفك بالله الحي ان تقول لنا هل انت المسيح ابن الله. 64 قال له يسوع انت قلت.وايضا اقول لكم من الآن تبصرون ابن الانسان جالسا عن يمين القوة وآتيا على سحاب السماء. 65 فمزّق رئيس الكهنة حينئذ ثيابه قائلا قد جدّف.ما حاجتنا بعد الى شهود.ها قد سمعتم تجديفه. 66 ماذا ترون.فاجابوا وقالوا انه مستوجب الموت.)( متى 26: 63 - 66)
من الجدير بالتنويه هنا ان السيد المسيح اعلن عن لاهوته (كونه المسيح ابن الله ) لتلاميذه في اكثر من مناسبة ولكنه كان دائما يوصيهم الا يقولوا لاحد الا بعد القيامة (واوصاهم كثيرا ان لا يظهروه) (مرقس 3: 12) (متى 12: 16 ) (16 فاجاب سمعان بطرس وقال انت هو المسيح ابن الله الحي. - 20 حينئذ اوصى تلاميذه ان لا يقولوا لاحد انه يسوع المسيح)(متى 16: 16 - 20) وايضا (وكانت شياطين ايضا تخرج من كثيرين وهي تصرخ وتقول انت المسيح ابن الله.فانتهرهم ولم يدعهم يتكلمون لانهم عرفوه انه المسيح )(لوقا 4: 41) وكان هذا ايضا تحقيقا للنبؤات ( متى 12: 16 - 20) (لان لو عرفوا لما صلبوا رب المجد.)(1 كورنثوس 2: 8)
فان المسيح قد جاء من اجل الفداء وكان يعّلم بالصليب ويخبر به قبل حدوثه، فلم يكن موت المسيح نتيجة لتعاليمه السامية ولم يكن موته مصادفة او عرضا ولم يكن موته مخافة اليهود على شرائع موسى فالمسيح اعلن منذ بداية خدمته (لا تظنوا اني جئت لانقض الناموس او الانبياء.ما جئت لانقض بل لاكمّل. 18 فاني الحق اقول لكم الى ان تزول السماء والارض لا يزول حرف واحد او نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل. )(متى 5: 17 - 18) لم تكن هذه النقطة سبب خوفا من اليهود مطلقا، ولكن كان موت المسيح هو لتتميم خطة الله للفداء المعروفة قبل تأسيس العالم ( أفسس 1: 4) و ( 1 بطرس 1: 20)
لم يكن اليهودي يرفض ان المسيح المنتظر والآتي الى العالم هو ابن الله ( يهوه الظاهر في الجسد ) وكان هذا هو السؤال المطروح من رئيس الكهنة في المحاكمة، وذلك لانه يعرف جيدا من النبؤات ان يهوه قادم الى هيكله (هانذا ارسل ملاكي فيهيء الطريق امامي ويأتي بغتة الى هيكله السيد الذي تطلبونه وملاك العهد الذي تسرّون به هوذا يأتي قال رب الجنود)(ملاخي 3: 1) وايضا تعبير ابن الانسان الذي طالما استخدمه المسيح كان بالنسبة لليهودي اعلان الهي (كنت ارى في رؤى الليل واذا مع سحب السماء مثل ابن انسان اتى وجاء الى القديم الايام فقربوه قدامه. 14 فأعطي سلطانا ومجدا وملكوتا لتتعبّد له كل الشعوب والامم والألسنة.سلطانه سلطان ابدي ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض) ( دانيال 7: 13 - 14) ولكن استغرابهم ان المعلمين كانوا يقولون ان المسيح ابن الله سوف يظهر فجأة على جناح الهيكل، وهم كانوا يتسائلون دائما (أليس هذا هو الذي يطلبون ان يقتلوه. 26 وها هو يتكلم جهارا ولا يقولون له شيئا.ألعل الرؤساء عرفوا يقينا ان هذا هو المسيح حقا. 27 ولكن هذا نعلم من اين هو.واما المسيح فمتى جاء لا يعرف احد من اين هو)(يوحنا 7: 25 - 27)
اما موت الصليب فلم يكن اختيارا يهوديا، فان كل الشرائع اليهودية بالقتل رجما، اما الصليب فكان العقوبة الرومانية للقتل، وكان اليهود في ذلك الوقت محتلين من الرومان ولهم صلاحيات حكم ذاتي في ادارة شئونهم الدينية والحياتية ولكن في امور الدولة والعقوبات كان يطبق القانون الروماني، ولهذا جاءت عقوبة الصلب، لتحقيق النبؤة ان يعلق على خشبة ليصير المسيح لعنة من اجلنا لينقذنا من لعنة الناموس ( غلاطية 3: 13)
ما هي تعاليم المسيح وهل كانت تخالف الناموس:
اعتقد اننا قدمنا في الرد السابق توضيحات لبعض النقاط التي اثارها الكاتب بالنسبة لموقف المسيح من المرأة الزانية ( فلا داعي للتكرار ) ولكن نناقش هنا مثلا تعاليم المسيح بالنسبة ليوم السبت، فالمسيح - كما قلنا - كان يعود بالتعاليم الى نقائها بحسب الشريعة ويخلصها مما شابها من تعليم الكتبة والفريسيين بما اسماه ( التقليد ) واليك على سبيل المثال هذا الحوار الذي حدث مع السيد يسوع المسيح في تصحيح موقف عادات الفريسيين مقابل تعليم الناموس (2 لماذا يتعدى تلاميذك تقليد الشيوخ.فانهم لا يغسلون ايديهم حينما ياكلون خبزا.3 فاجاب وقال لهم وانتم ايضا لماذا تتعدون وصية الله بسبب تقليدكم. 4 فان الله اوصى قائلا اكرم اباك وامك.ومن يشتم ابا او اما فليمت موتا. 5 واما انتم فتقولون من قال لابيه او امه قربان هو الذي تنتفع به مني.فلا يكرم اباه او امه. 6 فقد ابطلتم وصية الله بسبب تقليدكم. 7 يا مراؤون حسنا تنبأ عنكم اشعياء قائلا. 8 يقترب اليّ هذا الشعب بفمه ويكرمني بشفتيه واما قلبه فمبتعد عني بعيدا. 9 وباطلا يعبدونني وهم يعلمون تعاليم هي وصايا الناس 10 ثم دعا الجمع وقال لهم اسمعوا وافهموا. 11 ليس ما يدخل الفم ينجس الانسان.بل ما يخرج من الفم هذا ينجس الانسان. ) ( متى 15: 2 - 11)
ان السيد المسيح كان ينادي بوحدة قلب وجوهر الانسان مع مظهره، فهو يرفض مظاهر التدين على حساب الصدق الداخلي، ونقاء اليد والمظهر بدون نقاء القلب وطهارته (ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لانكم تنقون خارج الكاس والصحفة وهما من داخل مملوآن اختطافا ودعارة. 26 ايها الفريسي الاعمى نقّ اولا داخل الكاس والصحفة لكي يكون خارجهما ايضا نقيا. 27 ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لانكم تشبهون قبورا مبيضة تظهر من خارج جميلة وهي من داخل مملوءة عظام اموات وكل نجاسة. 28 هكذا انتم ايضا من خارج تظهرون للناس ابرارا ولكنكم من داخل مشحونون رياء واثما. )( متى 23 : 25 - 28)
ان السيد المسيح لم يكن ينقض الناموس، بل على العكس كان يعود به الى نقائه الاول باخلائه من شوائب العادات والتقاليد المظهرية الفارغة، هذا ينطبق على راجة السبت ايضا، (ففي الفترة الواقعة بين عزرا والمسيح زاد اليهود عددا من القوانين التقليدية التي يجب حفظها في يوم السبت، تاركين الرحمة والحق التي هي الامور الرئيسية الواجبة فيه، وعندما جاء المسيح كان موضوع حفظ السبت هو مادة النزاع الاولى بين المسيح وشيوخ اليهود، فقد ارادوا حفظ اليوم حرفيا كعبيد للسبت، بينما المسيح كان يعلم ان السبت انما جعل لاجل الانسان ( مرقس 2: 27 - عن قاموس الكتاب المقدس) ولكن قيامة المسيح فجر الاحد جعلت المسيحيين يحتفلون به عيدا اسبوعيا بديلا عن السبت التقليدي ، فالمسيحي لا يلتزم بحرفية الكلمة بل بروحها (الذي جعلنا كفاة لان نكون خدام عهد جديد.لا الحرف بل الروح.لان الحرف يقتل ولكن الروح يحيي)(2 كورنثوس 3: 6).
مثال آخر هو قول المسيح (سمعتم انه قيل عين بعين وسن بسن. 39 واما انا فاقول لكم لا تقاوموا الشر.بل من لطمك على خدك الايمن فحوّل له الآخر ايضا.)(متى 5: 38 - 39) لم يكن هذا نقضا للناموس، فالمسيح كان يشير الى الناموس بكلمة ( مكتوب ) اما (سمعتم انه قيل )، فهي اشارة الى تعاليم الكتبة والفريسيين الدخيلة، المسيح هنا كان يتكلم مع جموع الناس، ويطالبهم بعدم الاخذ بالثأر بأنفسهم بل الارتقاء الى مستوى اعلى من التعامل وهو المحبة والتسامح، اما عن وصية الناموس فهي لا تعطي الحق للانسان ان يأخذ حقه بنفسه ( عين بعين وسن بسن )، وقد اخذ الناس هذه الفقرة من سياقها واستعملوها في الانتقام الشخصي، وهي ليست كذلك في الاصل، فقد كانت الوصية معطاة للكهنة والقضاة لتنفيذها في محاكمة لها شروط خاصة (اذا قام شاهد زور على انسان ليشهد عليه بزيغ 17 يقف الرجلان اللذان بينهما الخصومة امام الرب امام الكهنة والقضاة الذين يكونون في تلك الايام. 18 فان فحص القضاة جيدا واذا الشاهد شاهد كاذب قد شهد بالكذب على اخيه 19 فافعلوا به كما نوى ان يفعل باخيه.فتنزعون الشر من وسطكم. 20 ويسمع الباقون فيخافون ولا يعودون يفعلون مثل ذلك الامر الخبيث في وسطك. 21 لا تشفق عينك.نفس بنفس.عين بعين.سن بسن.يد بيد.رجل برجل ) ( تثنية 19 : 16 - 21)، وهكذا عاد المسيح مرة اخرى من ( سمعتم انه قيل ) الى تعليم راقي جديد ( اما انا فاقول لكم )
وتقترب المساحة المتاحة للرد سريعا الى نهايتها، فاختصر الرد على بعض النقاط بسرعة :
عمم الكاتب اتهام المسيح لكل اليهود، والحقيقة ان الانجيل يوضح ان المسيح كان وديعا ومتواضعا مع الجميع، ولكنه كان يوجه كلامه القاسي للمرائين من الكتبة والفريسيين وليس لجموع اليهود (ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون)(متى 23 : 29)
ولكي نفهم الفرق بين عامة اليهود والفريسيين انقل عن قاموس الكتاب المقدس ( الفريسي كلمة من الآرامية ومعناها " المنعزل" وهو احدى فئات اليهود الرئيسية الثلاث التي كانت تناهض الفئتين الاخريين - الصدوقيين والاسينيين - وكانت اضيقها رأيا وتعليما ( اعمال 26: 5) من ناحية العقيدة كانوا يقولون بالقدر ويجمعون بينه وبين ارادة الانسان الحرة، وكانوا يؤمنون بخلود النفس وقيامة الجسد ووجود الأوراح ومكافأة الانسان ومعاقبته في الآخرة بحسب صلاح حياته الارضية او فسادها، غير انهم حصروا الصلاح في طاعة الناموس فجاءت ديانتهم ظاهرية وليست قلبية داخلية، وقالوا بوجود تقليد سماعي عن موسى تناقله الخلف عن السلف، وزعموا انه معادل لشريعته المكتوبة سلطة او أهم منها، فجاء تصريح المسيح بان الانسان ليس ملتزما بهذا التقليد ( متى 15: 2-6) والفريسيون كان لهم يدا بارزة في المؤامرة على حياة المسيح.)
اما عن الكتبة (فهو كاتب الناموس والاجزاء الاخرى من العهد القديم، وقد ظهر منهم فئة الكتبة المتأخرين الذين كان عملهم تفسير الناموس، وقد دعاهم العهد الجديد بالكلمة المترجمة " ناموسيين" او " معلمي الشريعة " وقد خصصوا انفسهم لدرس الناموس وتفسيره وشرحه، كما هو معروف عنه مدنيا ودينيا، وكانوا يحاولون تطبيقه على تفاصيل الحياة اليومية، وقد اصبحت قرارات عظماء الكتبة شريعة شفاهية تدعى التقاليد وقد بلغ اوج نفوذهم على الشعب في ايام المسيح، واشتركوا ايضا في التآمر على قتل المسيح ).
ويختم الاستاذ سعد مقاله بقوله (لقد انبثقت المسيحية من قلب اليهودية واستندت إلى نبوءاتها، لكنها ما لبثت أن امتدت وانتشرت، فتجاوزتها بمراحل كثيرة، ولا أظنها بعد بحاجة إلى كتبها، فقد أصبحت مرجعية بذاتها. لا بل إن سذاجة تلك القصص، وأوامر القتل والذبح والطرد أصبحت عبئا ثقيلا عليها، وعلى إنسانيتها وتسامحها وتميزها. ) ونرد فنقول لا ننكر ان (الخلاص هو من اليهود) (يوحنا 4: 22) هذا قول المسيح نفسه، وذلك لان الله اختار منذ فجر التاريخ خطا واضحا لمجيء المسيح، منذ قوله للحية القديمة (واضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها.هو يسحق راسك وانت تسحقين عقبه)( تكوين 3: 15) ويستمر الخط واضحا في التوارة من ابراهيم نزولا الى اسحق ويعقوب و يهوذا وداود الى ان ينتهي بالمسيح سواء بالولادة الجسدية من العذراء ( سلسلة النسب بحسب لوقا ) او بالابوة القانونية من يوسف النجار رجل مريم امام اليهود ( سلسلة النسب بحسب متى) ونجمع كمسيحيين كتاب التوراة مع الانجيل في كتاب واحد باسم الكتاب المقدس، هذا هو ايماننا النبؤة والتحقيق، اما الرد على الجزء الخاص بالاتهامات الموجهة الى الله ( يهوه ) فسوف افرد لها ردا خاصا. ان شاء الرب وعشنا.
خادم الرب :
ميلاد عبد المسيح
(melad_abdelmaseh@yahoo.com)