أصداء

الدور الايراني في تفجير الأماكن المقدسة شك أم يقين؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

تتوجه الأنظار بقوة نحو التورط الإيراني في الانفجارات الدامية التي تشهدها المقامات و الأمكنة المقدسة في العراق، سواء منها الانفجارات التي حدثت في يوم عاشوراء في مدينتي الكاظمية و كربلاء في عام 2004م أو الحادثة الدامية التي شهدتها مدينة النجف في يوم الجمعة التاسع والعشرين من شهر آب عام 2003م والتي راح ضحيتها المئات من القتل والجرحى lsquo;وكذلك تفجير مقام الأماميين في سامرا في المرتين. و لم يأتي هذا التوقع من فراغ و إنما له ما يبرره عند المشتبهين بالدور الإيراني. فمن جملة هذه المبررات رزمة من الإثباتات التي كشفت عن الدور الايراني في حوادث مشابهة وقعت سابقاً، ومنها على سبيل المثال تفجيرات مكة المكرمة في الثمانينيات التي أثبتت ضلوع أجهزة الاستخبارات الإيرانية في تنفيذها وذلك بعد اكتشاف سلطات مطار جدة السعودي عدداً من المتفجرات التي كانت مخبئة في أمتعة الحجاج الإيرانيين ( لمعرفة تفاصيل القضية يمكن مراجعة مذكرات الشيخ علي المنتظري ) الأمر الذي لم تستطع القيادة الإيرانية إنكار الأمر ولكنها وللخروج من مأزقها ألقت التهمة فيها على أحد مسؤلي قوات ( الحرس الثوري ) مهدي الهاشمي صهر الشيخ ألمنتظري الذي اعدم بتهمة كشف زيارة مستشار الأمني القومي الأمريكي " ماك فارلين" السرية لطهران منتصف الثمانينيات lsquo; وقد اتهمت السلطات الإيرانية الهاشمي بالوقوف وراء نقل المتفجرات الى مكة بعد أن كان قد مضى على إعدامه أكثر من ثلاثة سنوات مدعية أن ما تبقى من خطوط مهدي الهاشمي في مليشيات الباسداران هي من كانت وراء تلك الحوادث. ولكن مسلسل الاعتداءات على الأماكن والمدن المقدسة لم يتوقف عند حوادث مكة المكرمة، بل طال المقدسات الشيعية هذه المرة أيضا حيث وقع في يوم العاشر من المحرم عام 1415هـ الموافق ليوم 19/6/1994 م انفجارا قويا في ضريح الإمام علي بن موسى الرضا أسفر عن سقوط العشرات من القتلى والجرحى، وعلى الفور وجهت السلطات الإيرانية أصابع الاتهام إلى منظمة مجاهدي خلق المعارضة متهمة إياها بالوقوف وراء ذلك الحادث الدامي، ورغم نفي مجاهدي خلق لهذه التهمة وأدانت هذا العمل الإجرامي، إلا أن السلطات الإيرانية أصرت على موقفها من تحميل التهمة لهذه المنظمة وأعلنت عن إلقائها القبض على الفاعل و عرضه على شاشة التلفزيون وهو يعترف بجريمته ويشرح سيناريو العملية، ولكن بعد مضي خمسة سنوات على تلك الحادثة خرج أكبر كنجي الذي كان من قادة حرس الثورة واحد عناصر الاستخبارات- سابقا- واصبح فما بعد من أنصار خاتمي ومن أعضاء إدارة جريدة ((صبح امروز))lsquo; ليقول في لقاء له مع جريدة آريا الصادرة في يوم 4/12/99: أن الاستخبارات هي التي قامت بهدم مسجد أهل السنة في مشهد( جامع الشيخ فيض ) ثم قامت بتنفيذ حادثة تفجير حرم الإمام الرضا لتلقي تبعته على من تسميهم بالمنافقين. وتساءلت جريدة آريا: إن القضاء العسكري نسب في بيانه عن حادث الانفجار في مشهد إلى عصابة سعيد إمامي ( وكيل وزارة الاستخبارات والمسؤول عن سلسلة الاغتيالات التي طالت السياسيين والمثقفين الإيرانيين في 1997-1996م )lsquo; فهل يمكن القول إن الوقائع التي حدثت سابقا في مشهد مثل هدم مسجد أهل السنة وانفجار الحرم الرضوي وhellip; كان من عمل هذه العصابة؟. فيجيب كنجي: إن ما يقوله القضاء العسكري أن بقايا تلك العصابة اقترفت هذه الأعمال، يحمل في طيه نكته ملفقة وهي إن هذه العصابة لم تنته بعد، ولم يلقى القبض على جميع أعضائها بعد! فإني أعتقد أن هناك بيوت أشباح مظلمة أطنب فيها السادة الرماديون، ومازالوا مشغولين بالمؤامرة، وانفجار مشهد وهدم المسجد السني في مشهد كان واحدا من أعمالهم.
علما أن حادث هدم مسجد الشيخ فيض لأهل السنة في مدينة مشهد تم في عام 1994 بأمر من مرشد الثورة علي خامنئي وكان المسجد يقع بجوار منزل والدهlsquo; وفي اليوم التالي لهدم المسجد في مدينة مشهد جرى اعتراض سلمي في مدينة زاهدان في إقليم بلوشستان والمدن السنية الأخرىlsquo; الآمر الذي دفع عناصر مليشيات الباسداران بمهاجمة المسجد المكي في زاهدان، عند صلاة الظهر وبدءوا بإطلاق النار على المصلين وقتل من قتل وجرح من جرح حتى امتلأ المسجد بالدماء ثم أعلنوا بعد ذلك أن تجار المخدرات اجتمعوا في المسجد مما دفع قوات الأمن لمهاجمتهم!.
و قد بقيت تهمة تفجير مرقد الإمام الرضا موجهة إلى منظمة مجاهدي خلق حتى جاء انفجار مرقد الإمام علي في مدينة النجف في التاسع والعشرين من آب 2003م والذي أدي إلى مقتل رجل إيران الأول في الساحة العراقية الشيعية محمد باقر الحكيم رئيس تنظيم (المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق ) والعشرات من مرافقيه إضافة إلى عدد كبير من زوار المرقد، و قد وجهت أصابع الاتهام حينها إلى المقاومة إلا انه وبعد أن نفت المقاومة العراقية مسئوليتها عن الحادث حولت قوات الاحتلال الأمريكية والقيادة الإيرانية أصابع الاتهام إلى تنظيم "القاعدة " وقد أدلى الشيخ علي يونسي وزير الاستخبارات الإيراني وقتها بتصريح قال فيه، أن "القاعدة " هي من كان وراء تفجير مرقد الإمام الرضا عام 1994م وان السلطات الإيرانية رفضت الإفصاح عن ذلك حينها حرصا منها على الوحدة السنية الشيعية على حد زعمه، وجاء هذا الاتهام عقب تصريحات نشرتها وسائل إعلام إيرانية معارضة وأخرى عربية منسوبة للأحد أفراد عناصر استخبارات فيلق القدس التابع لمليشيات الباسداران، ويدعى " أمير " أواخر شهر تشرين الأول 2003م بعد هروبه من إيران ولجوئه إلى أحد الدول الأوروبية، حيث ادعى انه أحد المشرفين عملية اغتيال الحكيم و شرح تفاصيل العملية و أسماء المسؤولين الذين كانوا ورائهاlsquo; إضافة الى عدد العناصر التي قامت بتنفيذها و أسمائهم ( لمعرفة التفاصيل يمكن مراجعة صحيفة الشرق الأوسط عدد 30تشرين الأول 2003)، الأمر الذي أربك السلطات الإيرانية التي دفعت على الفور بعبد العزيز الحكيم شقيق المقتول محمد باقر الحكيم والرئيس الجديد للمجلس الأعلى إلى الإدلاء بتصريحات ينفي فيها تورط إيران بمقتل أخيه ويكرر التهمة إلى تنظيم "القاعدة" والمقاومة العراقية. ورغم انه كان قد سبق لبعد العزيز الحكيم والشرطة العراقية و محافظ النجف الإعلان عن إلقاء القبض على أكثر من تسعة عشر قيل انهم من الفاعلين و ينتمون إلى جماعة تنظيم "القاعدة "الا أن كل هذه الاتهامات بقيت حبر على ورق ولم يقدم دليل واحد على صحتها حتى جاءت الأحداث الدامية التي هزت مدن كربلاء و الكاظمية في يوم الثلاثاء الثاني من مارس عام 2004م لتسلط الضوء من جديد على التورط الإيراني في هذه الأحداث، خصوصا بعد رفض العديد من علماء الشيعة العرب من أمثال السيد محمد حسين فضل الله والشيخ الخالصي وغيرهم من رجال الدين الشيعة توجيه التهمة لحركة المقاومة العراقية أو لأي جماعة سنية في هذه الحوادث، غيران قوات الاحتلال الأمريكية والنظام الإيراني سارعا الى توجيه التهمة للمقاومة العراقية وتنظيم " القاعدة " كما فعلتا من قبل. ولكن ما كان ملفتاً انه وبعد وقوع التفجيرات أعلنت الشرطة العراقية عن اعتقال خمسة إيرانيين مشتبه في تورطهم بالقيام بهذه الهجمات وهو ما دفع بوسائل الإعلام الإيراني التي لم يكن باستطاعتها نفي اعتقال الإيرانيين المشتبه بهم إلى رمي التهمة على عاتق الإيرانيين السنة lsquo; حيث نشر موقع (باز تاب )، التابع للجنرال محسن رضائي القائد السابق لمليشيات الباسداران والأمين العام الحالي لما يسمى بمجلس تشخيص مصلحة النظام، في اليوم الثاني من وقوع الهجمات خبرا نسبه الى مصادر استخباراتية الإيرانية أن من بين المعتقلين الإيرانيين سني من أهالي إقليم بلوشستان ولديه انتماءات وهابية حسب زعم الموقع، وعقب ذلك الخبر بيوم أذاع الموقع ذاته خبر آخر قال فيه أن أجهزة الاستخبارات تمكنت من إحباط محاولة لتنظيم " القاعدة" كان يحاول القيام بقصف احتفالات عاشوراء في مدينة قم المقدسة حيث تمكنت الأجهزة الأمنية من العثور على مدفع هاون على سطح أحد المباني القريبة من مرقد السيدة معصومة كان معدا لاطلاق خمسة قذائف، وبعد إشاعة هذا الخبر قال نائب حاكم محافظة قم لوكالة الأنباء الفرنسية أن هذا الخبر عار عن الصحة وأنه لم يعثر على أي سلاح لا في داخل الحرم ولا خارجه لكننا لا ننفي انه كانت هناك تهديدات عبر الهاتف باحتمال شن هجوم من هذا النوع. ورغم هذا النفي الا أن وزارة الاطلاعات ( الاستخبارات) عادت وأكدت عبر بيان لها على شبكة الانترنيت أن تنظيم "القاعدة" فشل في تنفيذ مخططه بقصف احتفالات عاشور في مرقد السيدة معصومة حيث أن سكان قد ابلغوا الجهات الأمنية عن وجود أدوات مشبوهة في الأراضي الزراعية الواقعة عند مدخل المدينة وتبعا لتلك الإخبارية قامت عناصر من الاستخبارات بمتابعة الأمر وقد تم العثور على مدفع هاون مع سلاح أخر (لم يعلن عن نوعه).
هذه التصريحات دفعت ببعض المراقبين الإيرانيين وقتها الى التعليق على خبر إحباط محاولة تفجيرات قم المزعومة متسائلين lsquo;أن حركات المعارضة الإيرانية في الداخل القديمة منها والجديدة هي معارضة غير مسلحة ومن يملك هذا النوع من الأسلحة هي وحدها مليشيات الباسيج وجماعات ما يسمى بأنصار حزب الله ومليشيات الباسداران (الحرس) والوحدات التابعة لها مثل لواء القدس وغيره، وعليه فالبحث عن العناصر التي كانت وراء انفجارات عاشوراء الدامية في مدينتي كربلاء والكاظمة والتي أدت إلى مقتل 170 شخصا يجب أن يبدأ من خلال العناصر أو الجهات التي كانت وراء وضع مدافع الهاون في أطراف مدينة قم، ويجب أن نضيف أن حدس وتكهنات الرأي العام في مثل هذه الحوادث عادة ما تسبق نتائج المحللين والخبراء الأمنيين في الوصول إلى معرفة الفاعلين والدليل على ذلك يتبين من الرجوع الى الأسئلة التالية:
اولا: لماذا وبعد وقوع الانفجاريين قام العراقيون بالاعتداء على الزوار الإيرانيين وضربهم.
ثانيا: لماذا قام المسؤولين الإيرانيين بإرسال أكثر من نصف مليون أيراني إلى كربلاء والنجف و الكاظمية دفعة واحدة آنذاك وهم على علما بالأوضاع الأمنية في العراق.
ثالثا: من أين كانت تغذى أعمال العنف والكراهية التي أبداها العراقيون الشيعة ضد الزوار الإيرانيين عقب وقوع الانفجارات حيث لم يرأفوا حتى بالجرحى وقد شاهد الجميع الصور التلفزيونية التي بثتها قناة ألـ بي بي سي والتي أظهرت كيف كان يجري إخراج الجرحى الإيرانيين من سيارات الإسعاف و يتم ضربهم.
رابعا: من هم الذين تم نقلهم على وجه السرعة بعد ساعات من وقوع الانفجارات الدامية بقوارب سريعة تابعة للحرس الثوري من الجانب العراقي لشط العرب إلى الساحل الإيراني.
و إذا ما رجعنا الى حادث تفجير مئذنتي مزار الأماميين والهادي والعسكري الأخيرة في مدينة سامراء نجد أنها جاءت بعد يومين فقط من التهديدات التي أطلقها وزير الخارجية الايراني " متكي" والتي قال فيها" إننا سنجعل الولايات المتحدة الأمريكية تندم على استمرار احتجازها لخمسة دبلوماسيين إيرانيين".
تصريحات المسؤولين الإيرانيين هذه، إضافة الى السوابق التي أشرنا أليها في ما يتعلق بأحداث مكة المكرمة ومرقد الإمام الرضا و تهديم مسجد الشيخ فيض السني lsquo; جميع هذه الأمور دفعت بالمراقبين الى الاعتقاد بتورط النظام الايراني في الأحداث الدامية التي تشهدها المدن والمراقد المقدسة في العراقlsquo; وهو يقوم بذلك في محاولة لخروجه من عنق الزجاجة التي دخلها بسبب مشروعه النووي الغير سلمي وانتهاكاته المستمرة لحقوق الإنسان ودعمه المستمر للإرهاب lsquo; وذلك بهدف الضغط على الولايات الأمريكية والمجتمع الدولي الذي اخذ يصعد من ضغوطه على طهران.


صباح الموسوي
رئيس المكتب السياسي لحزب النهضة العربي الأحوازي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف