أصداء

لسنا فى خندق واحد انتبه يا ابومازن

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

عندما طرحت واشنطن مشروعها الكبير للشرق الأوسط لم نعترض بشكل جذرى على محتوى المشروع، واعترضنا على ان تسرق الولايات المتحدة احلامنا فى الديمقراطية واهدافنا فى النهوض بالمجتمع العربى ومختلف شرائحه لتستثمر هذا النهوض لحساب شركاتها وأحتكاراتها،لقد رفضنا سرقة بوش لمستقبل العرب، لكى يحوله لأموال تتدفق على خزائن شركاءه..


واليوم عندما ندين المشروع الطائفى وندعو لمواجهته،فهذا بالضرورة لا يعنى أننا من انصار الحل الأمريكى، ويحلو للبعض أن يتناسى أن من جعل المشروع الطائفى يتحول إلى ألة دموية حية هو البيت الأبيض الأمريكى،ومن قبله المخابرات البريطانية التى قامت برعاية نشأة هذا المشروع ثم واصلت بعدها واشنطن رعايته وامداد بالسلاح،كما حدث مع الطالبان فى افغانستان،وكما حدث فى البلقان،وكانت جماعات الأخوان الأداة المنفذة للسياسة الأمريكية فى هذه المناطق وغيرها.


لذلك لا يمكن أن يكون صحيحا الأستعانة بواشنطن فى مواجهة مغامرات حركة حماس المدمرة،وبالتأكيد ليس صحيحا الألتقاء اليوم مع اولمرت،لاننى لا افهم ماذا سيكون محتوى هذه المحادثات؟عن اى موضوع سيتحاور الطرفان؟واذا كانت اختيارات ابو مازن فى حل حكومة هنية وتعيين حكومة طؤارى من وزراء مستقلين قد تميزت بالمرونة والحنكة السياسية الساعية لأيجاد مخرج عبر تسليم السلطة لطرف ثالث،فأن لقاءه مع رئيس حكومة اسرائيل غير مفهوم،وغير صحيح و يعطى اوراق لكل الأطراف التى تريد ضرب القضية الفلسطينية وتسعى لاهدار مكاسب الفلسطينيين وإلغاء الأعتراف بحقوقهم.
ان المشروع الليبرالى فى المنطقة يمثل توجه يتعارض مع سياسة واشنطن تمارس سياسة انتقائية تجاه الديمقراطية،فترفضها أذا فرزت من يعارضها ويتصدى لتدخلاتها فى مصالح شعوبنا،وتقبلها اذا اوصلت للسلطة من يخدم المصالح الأمريكية،وهو ما كشفت عنه انتخابات البرلمان الفلسطينى والثورات البرتقالية،لذا عندما نتحدث عن مشروع ليبرالى ديمقراطى عربى لابد أن ندرك ان تحقيق ذلك سيتطلب مواجهات ليس فقط مع القوى الطائفية والحكومات العربية،وانما ايضا مع الأمريكيين والأسرائيليين والقوى التى تسعى إلى الهيمنة على ثروات بلادنا ومقدرات شعوبنا.


ولابد أن ندرك أن المرونة السياسية تختلف عن مرونة المطاط،لان ما يحكمها هو مصالح شعوبنا ورؤيتنا لمستقبل بلادنا..ولابد ان نعرف الخطوط الحمراء التى اذا تجاوزنها اصبحنا مجرد سياسيين انتهازيين نبحث عن سلطة ونفوذ واموال.التحالفات ليست هوية..والصراعات السياسية ليست مجرد حركة تقوم بها لآن الحركة بركة،لابد أن نعى الفوارق بين التحالفات التكتيكية والأستراتيجية،ونفرق بين التنازل الذى يمكن القبول به والتسوية التى تجر سلسلة التنازلات لتنهى مستقبل شعوبنا.
ولا يمكننى..ولا يحق لى.. أن ازعم أمتلاك الرؤية التى تراعى كل هذه الملاحظات،ولان هذه الرؤية لا يمكن أن تكون إلا نتاجا لعمل جماعى.


ومع ذلك فى الوقت الذى ارى أن المشروع الطائفى يقود بلادنا إلى الدمار والخراب،اعتقد جازما أن المخرج ليس الأرتماء فى احضان الجبهة الأمريكية- الأسرائيلية،على العكس تماما،اعتقد أن التيارات الدينية المتطرفة هى الوليد الشرعى للسياسات الأمريكية- الأسرائيلية،والتى ستقود إلى لتحقيق اهداف هذه السياسات عبر تدمير كل ما تحقق خلال عشرات السنين منذ مرحلة الأستقلال الوطنى فى الخمسينات من القرن الماضى، فهى قد ظهرت بدعم بريطانى ثم امريكى آنذاك لتواجه موجة التحرر التى تمردت على السياسات الغربية وسعت نحو الأستقلال.


سيقول قائل من المروجين للنموذج الأمريكى(الليبراليين الجدد)..عبد الناصر ديكتاتور..ومش عارف مين سفاح،نعم هم كذلك،وكفانا سذاجة لقد حاولوا كما فهموا وعرفوا تحقيق الأستقلال الوطنى بشقيه السياسى والأقتصادى،وكانت سياسة القمع..وسياسة التجربة والخطأ،وعارضناهم ورفضنا ديكتاتوريتهم،ولكننا لم نرفض مجانية التعليم وبناء المصانع والسد العالى..الخ.كنا على الأقل نحاول بناء الذات،اليوم نحن نحاول الحفاظ ليس على الذات وانما على بعض منها؟؟ويكفى عبث بالمسميات والمصطلحات..نريد أن نعيش..نعيش ياعالم، أن نمارس حقنا فى تقرير مصيرنا،ان نضمن لأطفالنا مستقبل.


المسألة ليست فى أن نقبل الحل الأمريكى لانه الأفضل..او نرفضه ونسعى للحل الطائفى لانه المبادئ...
المسألة وبأختصار..نكون أو لا نكون،ماذا نريد؟هل نريد أن نحقق مصالحنا ام نريد الأستسلام والزوال...
ولعلمكم العامل الدينى لا يشكل جوهر القضية،لاننا كلنا من نعيش على هذه الأرض..نعيش منذ آلاف السنين متعددى العقيدة والأنتماء الدينى،ومازلنا نعيش سويا، وسنظل نعيش على هذه الأرض،ومصالحنا مشتركة.


نكون او لانكون؟ نعيش ام نقتل بعضنا البعض لنسهل مهمة القادمين من الغرب؟

مازن عباس

صحفى مصرى

موسكو

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف