بهدوء.. من هو الذبيح من أولاد أبراهيم؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بهدوء... أرجو ان يتسع صدر القراء لمناقشة هذا الموضوع الهام، اعرف انه سوف يكون صدمة للكثيرين، ولكننا نريد ان نتناوله بكل الحب والتقدير لكل المؤمنين ناظرين بعين الباحث عن الحقيقة لا غير، وسنحاول أن نتناوله بطريقة سهلة ومختصرة باتباع اسلوب خير الكلام ما قل ودل من جهتنا مع التعزيز الوفير بالادلة من الكتاب المقدس و القرآن و المصادرالاسلامية.
أشيع بين المسلمين ان الذبيح هو اسماعيل، ولست ادري السبب وراء تسمية الذبيح بغير ما سماه التوراة والانجيل والقرآن ايضا، وحيث ان الاسم قد ورد صراحة وبدون مواربة في التوراة والانجيل بأنه إسحق ابن ابراهيم، فسوف يكون الحظ الاوفر في الدراسة هي من القرآن.
1- التوراة (العهد القديم للمسيحيين) تقول الذبيح هو اسحق :
"وحدث بعد هذه الامور ان الله امتحن ابراهيم.فقال له يا ابراهيم.فقال هانذا. 2 فقال خذ ابنك وحيدك الذي تحبه اسحق واذهب الى ارض المريّا واصعده هناك محرقة على احد الجبال الذي اقول لك. 3 فبكّر ابراهيم صباحا وشدّ على حماره واخذ اثنين من غلمانه معه واسحق ابنه وشقّق حطبا لمحرقة وقام وذهب الى الموضع الذي قال له الله. " ( سفر التكوين 22: 1 - 3)
2- الانجيل ( العهد الجديد ) يقول ان الذبيح هو اسحق :
" بالايمان قدم ابراهيم اسحق وهو مجرب.قدم الذي قبل المواعيد وحيده 18 الذي قيل له انه باسحق يدعى لك نسل. 19 اذ حسب ان الله قادر على الاقامة من الاموات ايضا الذين منهم اخذه ايضا في مثال. "(عبرانيين 11: 17 - 19) وايضا " ألم يتبرر ابراهيم ابونا بالاعمال اذ قدم اسحق ابنه على المذبح"(يعقوب 2: 21)
3- القرآن يقول الذبيح هو ابن البشارة:
نأتي للجزء الاسلامي، وسوف نفهم ببساطة من البحث ان القرآن ذكر ان الذبيح هو الغلام الذي تمت البشارة به، وسوف نستدل من المفسرين ان غلام البشارة هو إسحق، ثم نستدل من اقوال المفسرين أقوالهم عن الذبيح إسحق وطرح ومناقشة مدى إمكانية ان يكون اسماعيل، ثم مراجعة اقوال الصحابة والتابعين والحديث الشريف.
اولا : الأدلة القرآنية
لم يذكر القرآن اسم الذبيح مباشرة، ولكنه أعطى دلالة واضحة ومباشرة في أن الذبيح هو الغلام الذي بشرت به الملائكة لسيدنا ابراهيم وزوجته السيدة سارة، ولم يتم البشارة الا باسحق ( فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيم ٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) (الصافات: 101 و 102)
ومن الواضح في القرآن ان الغلام الذي بشرت به الملائكة هو ابن ابراهيم من السيدة سارة ( إسحق) وليس ابنه من السيدة هاجر ( إسماعيل) بدليل قوله (وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عجيب) ( هود 71 و 72) (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ {24} إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ {25} فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ {26} فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ {27} فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ {28} فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ {29} قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ 30 ) ( الذاريات24 - 30)
اذا فابن البشارة هو إسحق ابن ابراهيم وسارة وهو كلام منطقي ومقبول حيث أن السيدة سارة كانت عجوز ولا تستطيع ان تلد بحسب التقدير البشري فكانت البشارة بالمعجزة، اما (إسماعيل) فلم يتم البشارة به ولم يخبر القرآن بأنه تمت البشارة بولادته العادية.
وبالرجوع الى الآية الواردة في سورة الصافات (101 و 102) فأن الغلام الحليم العليم الذي تمت به البشارة هو نفسه الغلام الذبيح الذي افتداه الله بذبح عظيم.ويؤكد هذا الفهم سياق المعنى للآيات التابعة والتي تنتهي بالمكافأة لابراهيم وإسحق ( فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ {101} فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ {102} فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ {103} وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ {104} قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ {105} إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ {106} وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ {107} وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ {108} سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ {109} كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ {110} إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ {111} وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ {112} وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ {113} (الصافات : 101 - 113)
ثانيا : الادلة من أقوال المفسرين:
-----------
غلام البشارة هو اسحق
ذكرالقرطبي في تفسيره لآية ( فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ ) (الصافات 101) :
أَيْ إِنَّهُ يَكُون حَلِيمًا فِي كِبَرِهِ فَكَأَنَّهُ بُشِّرَ بِبَقَاءِ ذَلِكَ الْوَلَد ; لِأَنَّ الصَّغِير لَا يُوصَف بِذَلِكَ، فَكَانَتْ الْبُشْرَى عَلَى أَلْسِنَة الْمَلَائِكَة كَمَا تَقَدَّمَ فِي ( هُود ). وَيَأْتِي أَيْضًا فِي ( الذَّارِيَات ) ثم ذكر في تفسيره للآية التالية ( وليس هناك انه بشر بولد الا اسحق )
ذكر الطبري في تفسيره لنفس الآية
القول في تأويل قوله تعالى : { فبشرناه بغلام حليم } يقول تعالى ذكره : فبشرنا إبراهيم بغلام حليم، يعني بغلام ذي حلم إذا هو كبر، فأما في طفولته في المهد، فلا يوصف بذلك. وذكر أن الغلام الذي بشر الله به إبراهيم إسحاق. ذكر من قال ذلك : - حدثنا محمد بن حميد، قال : ثنا يحيى بن واضح، قال : ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة : { فبشرناه بغلام حليم } قال : هو إسحاق. - حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة { فبشرناه بغلام حليم } بشر بإسحاق، قال : لم يثن بالحلم على أحد غير إسحاق وإبراهيم. ويقول القرطبي في تفسير (وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ) ( الذاريات 28)
أي بولد يولد له من سارة زوجته. وقيل : لما أخبروه أنهم ملائكة لم يصدقهم، فدعوا الله فأحيا العجل الذي قربه إليهم. وروى عون بن أبي شداد : أن جبريل مسح العجل بجناحه، فقام يدرج حتى لحق بأمه وأم العجل في الدار. ومعنى " عليم " أي يكون بعد بلوغه من أولي العلم بالله وبدينه. والجمهور على أن المبشر به هو إسحاق. وقال مجاهد وحده : هو إسماعيل وليس بشيء فإن الله تعالى يقول : " وبشرناه بإسحاق " ( الصافات : 112 ). وهذا نص.
وقال الطبري في تفسيره لنفس الآية : (قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ)(الذاريات : 28)
يعني : بإسحاق، وإنما قلت : عنى به إسحاق ; لأن البشارة كانت بالولد من سارة، وإسماعيل لهاجر لا لسارة.
-----------------
من اقوال المفسرين : غلام البشارة هو الذبيح
ذكر الطبري أيضا عن الذبيح (في تفسير الصافات 102 )
قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي اأَذْبَحُكَ
وكان فيما ذكر أن إبراهيم نذر حين بشرته الملائكة بإسحاق ولدا أن يجعله إذا ولدته سارة لله ذبيحا ; فلما بلغ إسحاق مع أبيه السعي أري إبراهيم في المنام، فقيل له : أوف لله بنذرك، ورؤيا الأنبياء يقين، فلذلك مضى لما رأى في المنام، وقال له ابنه إسحاق ما قال.
وايضا يقول : { وقالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب } 11 72 إلى قوله : { حميد مجيد } قالت سارة لجبريل : ما آية ذلك ؟ فأخذ بيده عودا يابسا، فلواه بين أصابعه، فاهتز أخضر، فقال إبراهيم : هو لله إذن ذبيح ; فلما كبر إسحاق أتي إبراهيم في النوم، فقيل له : أوف بنذرك الذي نذرت، إن الله رزقك غلاما من سارة أن تذبحه، فقال لإسحاق : انطلق نقرب قربانا إلى الله
ثالثا : أسماء التابعين والصحابة الذين قالوا ان الذبيح هو اسحق:
ذكر القرطبي عن الذبيح ( في تفسير الصافات 102)
اختلف العلماء في المأمور بذبحه. فقال أكثرهم : الذبيح إسحاق. وممن قال بذلك العباس بن عبد المطلب وابنه عبد الله وهو الصحيح عنه. روى الثوري وابن جريج يرفعانه إلى ابن عباس قال : الذبيح إسحاق. وهو الصحيح عن عبد الله بن مسعود أن رجلا قال له : يا بن الأشياخ الكرام. فقال عبد الله : ذلك يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله صلى الله عليه وسلم. وقد روى حماد بن زيد يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم صلى الله عليهم وسلم ). وروى أبو الزبير عن جابر قال : الذبيح إسحاق. وذلك مروي أيضا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وعن عبد الله بن عمر : أن الذبيح إسحاق. وهو قول عمر رضي الله عنه. فهؤلاء سبعة من الصحابة. وقال به من التابعين وغيرهم علقمة والشعبي ومجاهد وسعيد بن جبير وكعب الأحبار وقتادة ومسروق وعكرمة والقاسم بن أبي بزة وعطاء ومقاتل وعبد الرحمن بن سابط والزهري والسدي وعبد الله بن أبي الهذيل ومالك بن أنس، كلهم قالوا : الذبيح إسحاق. وعليه أهل الكتابين اليهود والنصارى.
وقد ناقش القرطبي فرضية ان يكون الذبيح او الغلام صاحب البشارة هو اسماعيل، وقد فنّد كل هذه الاقوال وختمها بقول موجز : وهذا الاستدلال كله ليس بقاطع
رابعا : الحديث الصحيح:
رواه البخاري برقم 3139
(rlm;عن النبي rlm; rlm;صلى الله عليه وسلم rlm; rlm;أنه قال rlm; rlm;الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم rlm; rlm;يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم rlm; rlm;عليهم السلام) يقول فتح الباري بشرح صحيح البخاري ( rlm;قوله : يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ) rlm; rlm;وفي رواية الطبراني من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه " يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله " وله من حديث ابن عباس " قالوا يا رسول الله من السيد ؟ قال : يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله، قالوا : فما في أمتك سيد ؟ قال رجل أعطي مالا حلالا ورزق سماحة ") ولكن البخاري ضعف اسناده.
بقي ان ننهي بحثنا بالقول ان ابن كثير كتب في تفسيره ان الذبيح هو اسماعيل ولكنه لم يؤكد اقواله بأي من اقوال الصحابة أو التابعين،ولكنه قال شيء يستحق التعليق، فقد كتب في تفسيره :
"وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الذبيح هو إسحاق وحكي ذلك عن طائفة من السلف حتى نقل عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أيضا وليس ذلك في كتاب ولا سنة وما أظن ذلك تلقي إلا عن أحبار أهل الكتاب وأخذ ذلك مسلما من غير حجة وهذا كتاب الله شاهد ومرشد إلى أنه إسماعيل فإنه ذكر البشارة بغلام حليم وذكر أنه الذبيح ثم قال بعد ذلك " وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين "
والحقيقة ان المتابع للآيات القرآنية كلها يجد انه لم يتم البشارة بغير اسحق ( كما ذكر القرطبي في تفسيره للصافات 102) وفي سرد الاحداث بترتيبها في سورة الصافات نجد انه تم البشارة بغلام حليم، ثم يأتي امر الله بتقديم هذا الغلم نفسه ذبيح، وينتهي الموقف بالبشارة بمكافأة ابراهيم وابنه اسحق بالتشريف بالنبوة ( جزاء المحسنين ) فهل يعقل ان يكون الذبيح هو اسماعيل ثم يتم مكافأة اسحق بالنبوة ؟؟ الا اذا كان الغلام الحليم الذي تمت به البشارة في القرآن كله بالاسم ( اسحق ) ويكون هو نفسه الغلام الذبيح الذي تم مكافأته وتكريمه بالنبوة.
و اخيرا فنجيب على سؤال قد يسأله الاخ المسلم، كيف يقول الكتاب المقدس لابراهيم ( خذ ابنك وحيدك الذي تحبه ) نقول ان في هذا الوقت كان ابراهيم قد صرف هاجر وابنها اسماعيل ولم يكن لديه ابنا سوى اسحق، وهو ابن زوجته سارة، ابن البشارة الغالي الحبيب، فيكون صحيحا انه كان الابن الوحيد في ذلك الوقت، وها نحن نضع هذا البحث امامك يا عزيزي القاريء، ولا اقول لك خذه كحقائق مسلّمة، بل ابحث عن الحقيقة، واترك لك السؤال الذي بدأنه به، من هو الذبيح من أولاد ابراهيم ؟؟
خادم الرب:
ميلاد عبد المسيح