أنا وعباس وهنية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لا أدعي الفخر..ولم يصبني الغرور كما قد يتصور البعض للوهلة الاولى عندما أقول بأني نجحت فيما فشل فيه عباس وهنية..!!
نعم..
فمنذ أربع سنوات وأنا أقود مؤسسة تعليمية متواضعة كرئيس معين وغير مرض عنه من الزعماء الكبار..!! ومؤسستي تضم أكثر من ألفا ومائة من المنتفعين وخمسين من الموظفين لكل واحد منهم فكره ورأيه فمنهم الحمساوي المتشدد ومنهم الفتحاوي العنيد ومنهم السلفي ومنهم الرفيق ومنهم الجهادي.. ومع ذلك استطعت أن أصل بالسفينة إلى بر الأمان من خلال منظومة أخلاقية في غاية البساطة وهي أننا من الطبيعي أن نختلف ولكن من الضروري ان نتفق على هدف مشترك بالحوار واحترام الآخر..!!
أربع سنوات....ونحن نكون أسرة واحدة متحابة..لم يحاول أحدنا أن يتربص بأخيه أو ينقلب عليه..ولم يحاول آخر أن يقصف نده من برج ويحاصره.ولم يصر ثالث على إخراج زملائه على الفضائيات بالملابس الداخلية..!!
أربع سنوات..لم يكفر أو يخون أحدنا الآخر ولم يشن عليه حربا مسموعة ومرئية دعائية ضروس كما حدث في غزة.. ولم يفكر أحد أن يقتحم أفكار الآخر ويعتقلها أو حتى يخونها ولم يكن بيننا الذي يجروء على دوس صور الرموزالتاريخية بقدميه..!! أو ينزع في غمرة زهو الانتصار والتمكين علم الوطن ويستبدله بعلم فصائلي فوق مبان محروقة ومستباحة.. أو يهدم الجندي المجهول الذي يرمز الى شهدائنا جميعا!!
لم نكن بحاجة أبدا للامن الوقائي ولا للتنفيذية وكانت تكفينا الشرطة الزرقاء المنزهة عن أي فصيل لمعالجة أي انفلات..فالانفلات خارج مؤسستنا الصغيرة كان ينبع من منطق "دود المش منه فيه "
لم نكن بحاجة أيضا لاتفاق مكة..ولا لمؤتمر شرم الشيخ!! ولالدايتون ولا لانقلابتون ولا للايمان المغلظة من سين وصاد أمام الكاميرات بان دمنا خط أحمر ليكتشف الجميع بعد أسابيع قليلة أنه أحمر شفايف..!!
أربع سنوات لم يزايد على بعضنا البعض.. ولم يتآمر بعضنا على بعض ولم يستعن بعضنا بالأجنبي لنصرته أمام تعصب وغطرسة الآخر..!!
كانت لنا همومنا وتحدياتنا ومشكلاتنا اليومية ولكن كنا نواجهها بقناعة و باتفاق وطني غير مكتوب..يسعى الى حلها بصمت وهدوء دون التفكير في تصعيدها داخليا حسب أجندة ما.. أوتصديرها للخارج..!!
كنت كرئيس غير منتخب.. محترما لنفسي وللاخرين.. محبا للجميع..أبا.. حكيما..خادما..حازما في غير عنف..لينا في غير ضعف.. مدافعا وبشراسة عن حق من يعارضني مهما كلف الثمن..
كنت أولهم في الصعب وكنت آخرهم في الكسب وكان يكفي هذا لكي يلتف حولي الجميع
وأولهم رئيس وزرائي الذي لم يقل عني انتماء وهمة..!!
لم أسمح لنفسي بأن تكون لي حاشية..ولم ألق بالا إلى تحريض ما أو شائعة مغرضة وإنما كان مدى الإخلاص في العمل ميزاني الوحيد وكذلك فان مساعدي لم يكن عينا ولا يدا ولا بوقا لي أو لغيري وإنما كان عونا على الحق وتوجيه الدفة باتجاه الهدف.
كنا جميعا نترك ألواننا على باب المؤسسة.. أو على الأقل نخفيها في أعماقنا ولا نشحذها سيفا كل في وجه الآخر..!!
كنا نلتقي على كأس الشاي في الفسحة ونفترق على محبة خالصة وكانت الابتسامات والضحكات والقفشات ديدننا حتى في أحلك الأوقات
ولم يفكر أحد مطلقا أن يطلق النار أو يسحل أو يسحب الكرسي من تحت زميله ان قدر.
كنت كقدوة للجميع أعترف على الفور بخطئي..ولا أخجل من الاعتذار على الملأ ولا أحاول تبرير الخطأ بعذر أقبح من ذنب أو ألفق التهم جزافا لزميل حتى ولو كان غاية في السوء..!!
لم تكن جمهورية أفلاطون..ولم أكن ملاكا ولن أكون..فأنا إنسان يحب ويكره ويفرح ويغضب ويخطئ..!!
لكني..لا أتجاوز الحقيقة عند ما ادعي باني استطعت أن أخرج بمسئوليتي على جزء صغير جدا من الوطن وعلى مدار سنوات أربع دون انقلابات أو حرب أهلية أو حتى فصل الهم الواحد الى همين..!!
بعد أيام من حرب غزة الأخيرة.عدنا لنباشر عملنا في جمهوريتنا الصغيرة الصابرة وكان أول ما رجوت زملائي:الا يصافحني من سولت له نفسه وهواه التنظيمي أن يحمل سلاحا ويقاتل أخاه فأني لن أنسى ولن أغفر ما حييت جرائم شنعاء شاهدتها سمعت عنها بين أبناء الدم الواحد حتى ولو زينتها عشرات الفتاوى والحجج..بمنطق أن قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار!!
لم أقصد من وراء عرض نجاحي في قيادة جمهوريتي الصغيرة أن أبين عبقريتي أو قدراتي الفذة..معاذ الله فانا إنسان عادي جدا..آكل البصارة وأتلذذ برأس البصل أو الفجل واستمع إلى الشيخ عبد الباسط غالبا وبعض الأغاني القديمة نادرا وأشجع اللعب النظيف..وأنفر من التزمت والمغالاة في التشدد.. وألاعب أولادي وأحفادي.. وأحب وطني الجريح حتى الموت..فهو بوصلتي ومعنى وجودي..أعتز بإسلامي البسيط بعيدا عن القاعدة وفتح الإسلام..ولا أمن بصلاتي ونسكي على أحد..!!وأحن إلى عروبتي الضائعة وأجاهر بكراهيتي الشديدة للفساد وغطرسة أمريكا وعدوان إسرائيل..!!
وهذا يكفي..
وبرغم فارق المقارنة بين هموم عباس وهنية وهموم العبد الفقير فقد كان من الممكن أن يكون حالنا أفضل مما نحن فيه الآن لو نظف عباس البيت قليلا ولو تخلي رهط مشعل وهنية عن طموح الحكم الأوحد..!!
أمور كثيرة.. تشغل البال خارج جمهوريتي الصغيرة وابدي فيها رأيي لنفسي على الاقل ومنها:
أن حماس تستطيع من موقع اللحظة أن تفخر بالهدوء وتنظيم البسطات في غزة ذلك الامرالذي لم يتحقق في عهد الحكومة الوطنية وماقبلها لانتهازية فتح وحماس معا وخوفهما من خسارة الشارع..!!
ولكن حماس لا تستطيع المراهنة على المستقبل من موقع الثبات وخاصة بعد زوال مايسمى بصدمة الانقلاب..!!
كما واني استهجن أن يقوم التلفزيون الفلسطيني مثلا وهو من المفترض أن يكون تلفزيون الجميع بالسماح لنفسه ولو للحظة بالانجرار وراء مقارعة تلفزيون فصائلي ردحا وتحريضا وكأن ما يعنيهما فقط هو المزيد من الفضائح..!!
لقد استمعت جيدا إلى ساعة غضب لعباس على فضائية فلسطين فلم أتحمس..واستمعت بأناة إلى ساعتي تبرير لهنية على الجزيرة فلم اقتنع..!! واعتقد أن على الأول أن يفتح باب الحوار دون شروط وعلى الثاني قبل ذلك أن يتنصل صادقا مما ترتب على الانقلاب ويعيد المؤسسات الأمنية إلى الرئاسة الشرعية دون قيد أو شرط كذلك..!!
هذا رأيي الخاص والمتواضع فليؤيد من يؤيد ولينكر من ينكر دون شتم أو أو تكفير أو مزايدة..لأني أعتقد أن هذا الرأي يعبر عن أغلبية صامتة يجب على كل من المتحاربين أن يضعها بالحسبان..!!
في الختام..
أسال الله..أن يلهم قادتنا الحكمة..والنزاهة والترفع عن الصغائر ويلموا شعث الأمة ففي استمرار اعتقال غزة أو عزل الضفة ذبح متعمد لوطن لا نملك سواه وهنا لن تنفعنا ولولة فتح ولا صيحات حماس وسيذهب بنا الطرفان ان لم يستيقظا من وهم الوجاهة السلطان إلى نهاية مخجلة من صنع أمريكا..!!
وليرجع المكابرون..إلى تحليلات العم هيكل..لعلهم يفهموا ما هو ابعد من موطئ أقدامهم..!!
لم أجد ما أختم به سيل دمى هذا أروع من ذلك النشيد الروحي المعبر الذي يغمرني للتو ويهدهدني قليلا ويعيد إلى الأمل في أن القادم سيكون أفضل..
الله يا ربي..يا كاشفا كربي..يا غافرا ذنبي..يا ساترا عيبي..الله يا لله..!!
توفيق الحاج