قناة روسيا اليوم بين اصدقاء اسرائيل و انصار حماس
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
فى خضم انفجار ازماتها وصراعاتها الداخلية بدأت قناة روسيا اليوم الناطقة باللغة العربية تقدم برامج للمشاهد العربى تتباين بل وتتضارب فى طبيعتها واطروحاتها السياسية،ولم يعد موضع النقد للمتابعين تخلى الفضائية الروسية عن الحرفية الصحفية فى التعاطى مع الحدث وفى صناعة الخبر،وانما اصبحنا نطالبها بأن تحدد لنا رؤية ما تنطلق منها،ويطالبها بعض المتفائلين بأن تلتزم على الأقل بمواقف الدبلوماسية الروسية الرسمية فى التعاطى مع الحدث العربى بأعتبارها قناة حكومية روسية.ولكن وسيلة الأعلام المذكورة لاتعبأ للأنتقادات او الملاحظات،حتى لو كان الموضوع يناقش تجاهلها لأصول العمل الصحفى؟؟
القناة الروسية الناطقة باللغة العربية،والتى يفترض انها تتوجه للمشاهد العربى لتنقل وجهة نظر روسيا ومواقفها دون المرور عبر فلتر غربى،او تشويه مغرض لسياسة روسيا،اصبحت تنقل مواقف ووجهات نظر الكثير من الأطراف بأستثناء رؤية روسيا ومواقفها ازاء الوضع الراهن فى الشرق الأوسط.
المؤسسة الأعلامية الروسية التى اسسها الكرملين لمخاطبة الرأى العام العربى مازالت تصر على استشارة المحللين الروس الموالين لأسرائيل وتعرض تقييمهم لتطورات الوضع فى الشرق الأوسط وخلفيات الضربات العدوانية الأسرائيلية وتتجاهل الرأى الأخر،ويحتكر شاشات الفضائية الروسية محللين على غرار ستانوفسكى و شموميلين المعروفين بموالاتهما لحكومات تل آبيب على اختلاف الوانها، بأعتبارها انها حكومات الوطن المحبب للقلب (اسرائيل)،ولا تقوم بأستضافة الأتجاه الأخر من المحللين الروس الذين لهم وجهة نظر اخرى فى سياسات اسرائيل.ويؤكد جهابزة التحليل السياسى او الشرعى المذكورين على أن الحل الوحيد للأزمة الفلسطينية هو استعادة اسرائيل لسيطرتها على قطاع غزة وربما الضفة الغربية ايضا،لأحلال الأمن والأستقرار وذلك عبر برامج اساسية للفضائية المذكورة مثل (بانوراما) و( الحصاد).وتتجلى الكوميديا السوداء فى أن هذه البرامج يفترض انها تبث للمشاهد العربى لنقل وجهة النظر الروسية ورؤية الكرملين الخاصة بسبل حل الأزمات المتفجرة فى المنطقة.ولا أدرى كيف يجب أن اتعامل مع هذا الهزل،عندما اجد بيانات الخارجية الروسية وتصريحات المسؤولين الروس- وفق قدراتى المتواضع فى الفهم- تتعارض جملة وتفصيلا مع ما تبثه الفضائية الروسية الناطقة باللغة العربية.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد،الذى يمكن ان نعلقه على شماعة سيطرة اللوبى الصهيونى على الأعلام الروسى، وانما تطالعنا القناة الموقرة بنوع جديد من الأداء يقوم به العاملين فيها،وهو المراسل-المحلل،وبذلك تختصر الفضائية الروسية حوارين فى حوار واحد،وتقلص نفقاتها،حيث تفاجأ بأن بعض مراسلين روسيا اليوم عندما تناول احداث ساخنة فى المنطقة العربية على غرار احداث نهر البارد فى لبنان واغلاق سوريا لحدودها مع لبنان،بأن المراسل- المحلل ينبرى بأتهام هذا النظام العربى او ذاك بالعمالة والتورط،او يقدم شهادة حسن سير وسلوك لهذه الحكومة اوتلك، بذلك يتجاوز حدود عمله المهنى فى صناعة الخبر ونقل الحدث،ليس فقط إلى تحليله،انما ايضا لتقييم صانعى الحدث والحكومات العربية،بعبارة اخرى هو يقوم بتعليم المشاهد العربى (ان وجد - فرض جدلى-) ما هو الصح وما هو الخطأ!!!
وتستكمل الفضائية الروسية مسيرة تجاهل اصول العمل الصحفى وهى مازالت فى بدايتها، بسلسلة مواضيع تبثها نشراتها الأخبارية لا تقتصر عن الدعم الواضح والمباشر والصريح لحركة حماس حركة فتح،وانما تركز هذه المواضيع على التعبير عن التضامن والدعم العلنى للحركات الأسلامية فى البلدان العربية،وهو ما يمنح قناة (روسيا اليوم) الفتية حق المطالبة بالحصول على توكيل جماعة الأخوان المسلمين فى روسيا!!!
أن سخرية الموقف تكمن فى أن توجهات نشرات الأخبار اصبح يمكن تحديدها بمعرفة رئيس تحرير هذه النشرة او تلك!!! وفى هذا السياق لابد أن تنعدن اى أمكانية للحديث عن احترام المهنية والتزام الموضوعية فى التعاطى مع الحدث،لأن الفضائية الرشيدة بدلا من ان تصنع خبر وتنقل تطورات الحدث تختصر الطرق بمساندة طرف ضد طرف وتحديد مهم المحق ومن هو المذنب!!!
واصبحت المسألة متضاربة بين رؤساء تحرير روس يقدمون بيانات الخارجية على شاشات الفضائية،او نشرات اخبار اسلامية تروج ليس فقط لحماس وسلوكها وانما ايضا لبقية الجماعات الأسلامية المتشددة.
ولم يعد مفهوما ما يحدث على شاشات روسيا اليوم،فهى اما أن تكون قناة روسية او قناة اسلامية ؟
يحدث هذا عقب انطلاقة الفضائية الروسية بأقل من شهرين،وعقب تغييرات جذرية فى ادارتها،يقول البعض انها طالت مدير الفضائية الروسية يفجينى سيدروف الذى تولى ادارتها لشهور قليلة.
ان ما يحدث من قناة ( روسيا اليوم) وفى قناة (روسيا اليوم) يعيد السؤال الذى طرح منذ شهور للأذهان..... ماذا تريد موسكو من هذه القناة؟ واذا كانت حقا تريد مخاطبة الرأى العام العربى فهل ما يحدث هو الأسلوب الأمثل لتحقيق هذا الهدف؟؟ وهل ضاعت فى الزحمة خبرات روسيا التاريخية فى الأعلام الموجه؟؟؟
مازن عباس
صحفى مصرى