مناقشة لموضوع صداقة المرأة والرجل

العزيزة إنجي تكتب بأستمرار تعليقات في ايلاف، وتمتاز تعليقاتها بنضج الاسلوب وتكثيف الافكار، ولاأستبعد ان تكون كاتبة محترفة تتفضل وتشرفنا هنا في ايلاف بتعليقاتها التي توقعها بأسم إنجي.

كتبت يوم أمس تعليقاً على مقالتي: (( لماذا لاتوجد علاقة صداقة عميقة بين النساء؟)) وقد جاء في التعليق العديد من الافكار التي هي جديرة بالمناقشة نظرا لما تمثله من قناعات لدى قطاعات كبيرة من الناس، وتحتاج الى نقاش يرتكز على مفاهيم التحليل النفسي، وليس المثاليات الاخلاقية التي في أحيان كثيرة لاتتطابق مع حقيقة النفس البشرية وتشكل عبئاً ثقيلاً على حياة الانسان.

وقبل الدخول في مناقشة أفكارها بودي نقل نص تعليقها كاملاً:
(( العنوان: حقيقة لاداعي إنكارها
الأسم: إنجي

الحقيقة يا أستاذ خضير-رغم رأيي بكتاباتك-إلا أنك لم تبعد عن الحقيقة هذه المرة-ونتفق على عدم التعميم-فحقيقي هذا يحدث بين النساء-وأنا شخصياً لي أشقاء وليس لي شقيقات-ولم يمنعني إختلاف نوع الجنس-بيني وبين أشقائي-أن تكون علاقتي بهم علاقة أخوة وصداقة متينة أيضاً-وفي نفس الوقت يحدث خلاف بين شقيقات وليس هناك صداقة بينهم-وفي الغالب يحدث-الخلاف بين المرأة والأخرى-بسبب طبيعتها الشخصية من إعتزاز المرأة وعنادها بما هي عليه-و لها ملكة الإستحواز والإمتلاك والتحويط على كل ما يخصها-وخشيتها الدائمة لفقدانها ما بين يديها-نجد مثلا جرائم تحدث بين سيدتان يشتركان في الجوار-فتقوم جريمة لمجرد-خلاف بين صغارهما!!-وأيضاً إذا كانت هناك إمرأتان كلٌ منهما تملك علماً أو جاهاً ومكانة إجتماعية-فياله من صراع-يكون كصراع الجبابرة-وأنا شخصياً صابني الأذى من تحول النفوس والقلوب!!-فليس صحيحاً أن المرأة تحتوي المرأة الأخرى(أكرر لا نعمم فهناك نماذج رائعة من صداقات النساء)-شكراً0

بالنسبة لقول إنجي ان لديها أشقاء وعلاقة اخوة وصداقة، ومؤكد يشاركها الكثير من الرجال والنساء في هذا التوصيف المثالي البعيد عن حقيقة مشاعر الانسان العفوية.

فمن منظور التحليل النفسي لاتوجد علاقة صداقة أخوية بريئة بين الرجل والمرأة مهما كان المستوى الاخلاقي والحضاري والإلتزام الديني لكلا الطرفين، والسبب في هذا هو ان التجاذب الجنسي بين الرجل والمرأة يحدث بصورة عفوية لاأرادية بعيدا عن اختيار الطرفين، اذ تنبعث الجاذبية الجنسية منهما نحو الطرف الاخر بشكل تلقائي عفوي، وتحرك المشاعر الجنسية للرجل والمرأة نحو بعضهما البعض سواء كانوا زملاء او جيران او اصدقاء أو غرباء أو اقرباء.. تحرك الشهوة الجنسية ليس له أرتباط أبداً بدرجة الرقي الاخلاقي والحضاري والألتزام الديني ودرجة الاشباع الجنسي.

فالمشاعر الجنسية لدى البشر عادة تكون عفوية لادخل للارادة والعقل بها في لحظة تحركها نحو الطرف الاخر.

وبعد عملية تحرك المشاعر الجنسية نحو الطرف الاخر تتحرك في الانسان - المرأة والرجل - معا القيم الاخلاقية ودرجة التحضر والالتزام الديني للتعامل مع هذه المشاعر الجنسية المنبعثة في الداخل فيكون التعامل معها: أما محاكمتها وفق منظومة القيم والدين والتحضر والخوف من القانون والمجتمع وبالتالي يتم قمعها في الداخل وإرتداء قناع المثالية ووصف هذه العلاقة بالزمالة أو الصداقة البريئة الاخوية.

أو اطلاق العنان لهذه المشاعر والدخول في علاقة جنسية محرمة.

ما يهمني التأكيد عليه هو خطأ الشعور بالأثم والذنب والحرمة من المشاعر الجنسية العفوية التي تراود الانسان خلال حياته اليومية، فلا يجوز ان يلوم الانسان نفسه على هذه المشاعر التلقائية التي ليس له فيها خيار، وكذلك من الخطأ النظر اليها على انها وساوس شيطانية وبالتالي الشعور بالأثم والذنب وتطور الامر الى أصابة الشخص بالامراض النفسية، فالمطلوب هو التعامل معها كحالة طبيعية تحصل للانسان مادام لاتؤدي الى إرتكاب فعل جنسي محرم وهي ليس لها ارتباط بالاخلاق والتحضر والالتزام الديني.

خضير طاهر

kodhayer@netzero.com