أصداء

المثقفون الدينيون في ايران

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

اصبح مصطلح "المثقف الديني" رائجا في ايران بعد ان خمدت نيران الحرب العراقية - الايرانية (80 - 1988) و بدأت ايران عهدا اخذ يعُرف بعهد الاعمار الذي تزامن مع ولايتي الرئيس الاسبق هاشمي رفسنجاني.
وتعتبر الجامعات الايرانية المعقل الرئيسي لفئة اجتماعية تعرف هنا ب" روشنفكران ديني" حيث يعزو الزعماء الفكريين والسياسيين لهذه الفئة الاجتماعية جذورهم الى المنورين الاسلاميين في اواخر القرن التاسع عشر و على رأسهم جمال الدين الافغاني والنائيني.
و في الحقيقة ان "المثقفين الدينيين" هم نتاج لوضع اجتماعي خاص يمر به المجتمع الايراني. اي بما ان المجتمع الايراني يمر بمرحلة انتقالية بين التراث و الحداثة في كل مناحي حياته الاقتصادية و الاجتماعية و الفكرية فان فئة " المثقفين الدينيين" هم ايضا فئة انتقالية خاصة بهذه المرحلة التاريخية التي تمر بها البلاد.


واجتماعيا تمثل هذه الفئة، قسم من الطبقة الوسطى التي تتطلع الى الحداثة دون ان تنقطع نهائيا عن ارومتها التقليدية وهي تتمايز بذلك عن الفئات المجتمعية التقليدية المتمثلة في مؤسسة رجال الدين
و الفئات المجتمعية التي تنتمي الى الشرائح التحديثية في الطبقة الوسطى و التي يتصف مثقفيها بالمثقفين العلمانيين.
ورغم اعتراض بعض المفكرين العلمانيين على مصطلح "المثقف الديني" وتأكيدهم على ان مفهوم "المثقف" لايقبل اضافة اي نعت او صفة اخرى، فان منظري هذه الفئة ومنهم عبدالكريم سروش
و رجل الدين محمد مجتهد شبستري لايزالون يؤكدون على وجود هذه الفئة و صحة تسميتها.
وفيما نرى ممثلي هذه الشريحة المجتمعية في مجالات الفكرالديني و علم الكلام و السياسة و الصحافة لانرى اي اثر لهم في مجال الادب و خاصة كتابة القصة والرواية.


ويعد المفكر الراحل علي شريعتي (المتوفي 1976) الاب الروحي لهذه الفئة حيث استمر على دربه مفكرون دينيون كعبدالكريم سروش و محمد مجتهد شبستري و منوشهر كديفر و سعيد حجاريان؛ رغم انتقادهم لتأكيد شريعتي على ادلجة الدين في المجتمع الايراني.
هناك فصائل سياسية تقول بانها تنتمي الى فئة المثقفين الدينيين مثل حزب جبهة المشاركة و منظمة مجاهدي الثورة الاسلامية و حركة حرية ايران و حركة المسلمين المناضلين و مجموعات سياسية صغيرة اخرى. و تنتمي معظم هذه الفصائل الى الحركة الاصلاحية في ايران و تنفتح بمعظمها على " الرأي الاخر" فيما لم تنفصل عن
"الخطاب الاسلامي" الذي يعتبر احد اربع خطابات فكرية و سياسية في ايران و يضم كل التيارات الاسلامية بما فيهم التقليديين
و المتشددين.


وكما قلنا فان الجامعات الايرانية تعد المعاقل الرئيسية للمثقفين الدينيين حيث ينتظمون في الجمعيات الاسلامية التي يصل عمرها الى العقد الثالث من عمر جامعة طهران وهي اول جامعة انشأت في ايران في العام 1934.
و في الجامعات، تحالف المثقفون الدينيون في اوائل الثورة مع السلطة الاسلامية الوليدة حيث انشأوا منظمة "تعزيز الوحدة " - سازمان تحكيم وحدت - التي قامت بقمع المجموعات الطالبية العلمانية و الماركسية و التابعة للقوميات غير الفارسية آنذاك.
غيران شهر العسل هذا انتهى بانقسام السلطة الى اصلاحيين
و متشددين اثر وصول خاتمي الى الرئاسة في العام 1997 ووقوف منظمة" تعزيز الوحدة" الى جانب الاصلاحيين.
وقد انقطعت شعرة معاوية بين " تعزيز الوحدة" و الاصلاحيين في الولاية الثانية لعهد خاتمي حيث اعلنت المنظمة افلاس الحركة الاصلاحية في القيام باي اصلاح حقيقي في السلطة و عزت ذلك الى " استحالة الاصلاح في السلطة الاسلامية" كما ادعت و طالبت بفصل الدين عن الحكومة.
واثر هذا لم يستمر طويلا الشهر العسل الثاني ايضا بين الحكومة الاصلاحية و منظمة تعزيز الوحدة التي تحولت الى اتحاد للجمعيات الاسلامية في الجامعات الايرانية و هي بمثابة النقابات المسموح لها وفقا لقوانين الجامعات.
وقد فتح الاتجاه الجديد، الطريق لدخول عناصر علمانية و ماركسية و لبرالية الى " الجمعيات الاسلامية" في الجامعات الايرانية، مما اثار ازمة هوية اخذت تعاني منها هذه الجمعيات مؤخرا.

يوسف عزيزي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف