الشريعة والقانون وشغل جلا جلا..2
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
آلان جونستون صحفى بريطانى إختطف فى غزة على يد "جيش الإسلام!" بناء على فتوى، ثم أطلق سراحه بناء على فتوى برضه لكن مغايرة! عندما أفتى القرضاوى بشرعية ضرب أفغانستان، ألح عليه الإسلامويون أن يرجع عنها لأنها على حد قولهم "مسمومة"! لا أتذكر إن كان قد رجع عنها بفتوى مضادة أم لا ولكن تكفى إمكانية ذلك فى عرف الإسلامويون! أيضا أفتى أستاذ أزهرى برضاع الكبير ثم إعتذر بفتوى من الشريعة برضه! الأدهى والأمر أن الجماعات الإسلامية المصرية قد قتلت ماشاء لها القتل بناء على فتاوى، ثم تراجعت أو أظهرت التراجع بناء على فتاوى مضادة! واضح جدا لكل ذى نظر أن كل شىء يجوز، وهذا الشىء ذاته قد لا يجوز بناء على فتوى مستخرجة من "الأحكام الشرعية"!
الإمام أبا حنيفة النعمان أحل شرب النبيذ أو قليل منه بفتوى قاطعة ولها سند لا يرد. ( من يريد الإستزادة عليه أن يبحث بنفسه عن المراجع وسيذهل من قوة السند الذى أقام عليه أبا حنيفة فتواه تلك)، طبعا جميع الفقهاء الآخرين حرموا ولو قليل منها بفتاوى برضه ولكل حكم منها سنده! أستطيع أن أستمر إلى ما لانهاية فى عرض حكم أفتى به وحكم آخر ضده وكلاهما إستند على سند قاطع. لا أعتقد أن أشد عصور الإسلام ظلاما وظلمة قد حفل بذلك العدد الرهيب من مدعى العلم والمتصدين للفتيا لمجرد حفظ بضعة أحاديث أو التحصل على شهادة (العالمية) من الأزهر، أو حتى بدون هذا أو ذاك. فقهاؤنا المعاصرون وما أكثرهم شاطرين جدا فى شغل الجلا جلا وفتح عينك تاكل لبن، وهم لذلك يستخرجون من الفسيخ شربات ومن الشربات فسيخ نتن. وشطارتهم هذه هى المسؤلة عن بعض الفتاوى التى تستعصى على الفهم والمنطق والأخلاق أيضا والتى قد لا ترد صراحة فى الأثر حتى ولو كان غير شريف!
وقد أورث هؤلاء الفقهاء شطارتهم وخداعهم وألاعيبهم للقانونيين الأعراب مشرعين وتنفيذيين وقضاة أيضا! أورثوا غموض أحكام الشريعة وإحتمالها للرأى ونقيضه لكل المنظومة القانونية سواء كانت دستور أم قانون مدنى أو جنائى أم غيره... ولذلك لم تعد الأحكام القانونية بوصفها حاكما وضابطا لسلوك الأفراد والإدارة معروفة، وإنما صارت الأحكام حسب المزاج ويسمونه أحيانا من باب الخداع برضه وكعادتنا فى إطلاق أسماء لا تنطبق على المسميات، أطلقوا على "المزاج" إسم "الضمير".
وقد شبعنا من مقولة أن لا سلطان على القاضى إلا ضميره! والضمير هذا غير مفهوم ومستحيل أن ينضبط تعريفه بشكل جامع مانع... والضمائر أيضا ليست كلها مصنوعة من قالب واحد...وهل يشك أحدا ان القاتل والسارق والمرتشى إنما ينام قرير العين مرتاح "الضمير"!؟ الأصح أن يقال أن لا سلطان على القاضى إلا للقانون وكذلك على الإفراد.. فيكون فهم الحكم القانونى مشاعا للعامة الذى وضع القانون لتتنظيم حياتهم إبتداء... أما حكاية الضمير هذه فهى من موروثات الأحكام الشرعية التى قصد أن لا يعرف الإنسان مقدما ما تنطوى عليه، ليصير لكل مقام مقال، ولكل إنسان معاملة على المقاس...
وإلى تتمة فلا زال فى القوس منزع.
عادل حزين
نيويورك
Adel.hazeen@gmail.com