أصداء

الدولة الوطنية من سايكس بيكو إلى المحكمة الدولية 4

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

بعد أن استعرضنا بعضا من عناصر مفهوم الدولة السورية من منظور انوجادها داخل حركية السلطة والمجتمع، نجد في هذا القسم الأخير من هذه الدراسة أن نتعرض للتوصيف الذي يتصل بالوطنية من زاوية! التأشير على أنها مؤسسة تخص وطن بعينه! وإلا هل يوجد هنالك دولة غير وطنية! فإما أن تكون مافوق

الدولة الوطنية من سايكس بيكو إلى المحكمة الدولية 1

الدولة الوطنية من سايكس بيكو إلى المحكمة الدولية 2

الدولة الوطنية من سايكس بيكو إلى المحكمة الدولية3

وطنية أي عالمية وهذه لم تنوجد بعد! أو أن تكون دولة قومية أو متعددة القوميات. ولهذا لم نجد في الحقيقة تضليلا أكبر من التضليل الذي يتيحه مفهوم الدولة الوطنية! فهل في ليبيا دولة وطنية أيضا وهل في البحرين أو قطر نفس الدولة؟ أم أن الوطنية صفة ملازمة لتمييزها في الحالة العربية عن الدولة / الطموح / القومية العربية؟ ومن جهة أخرى هل يمكننا اعتبار كل دولة ذات اقتصاد موجه هي دولة وطنية؟ وكل دولة ذات اقتصاد ليبرالي وسوق مفتوحة بدرجة كبيرة هي دولة لا وطنية؟ وفي الحالة العراقية هل نستطيع القول أن الموجود هو دولة احتلال أم دولة وطنية؟ أم أن الأصح القول بأن هنالك دولة عراقية وسلطة احتلال كما يمكن أن نفهم من موقف النخب أصحاب الدولة الوطنية في فهمهم للوجود الأمريكي في العراق. حاولنا في الحقيقة مقاربة المفهوم من جوانب متعددة ولكننا لم نعثر له على أثر في الدرس الاجتماعي الذي يدرس تاريخية الدولة ( القومية أو المتعددة القوميات ) وتاريخية انبثاقها / عقد اجتماعي ( بالتراضي والمساومات التدريجية الثورة الإنكليزية أو بثورة عارمة كالثورة الفرنسية ) وأرض محددة جغرافيا شعب..الخ
بقي من باب السذاجة أن نقول هنالك تسمية للدول وهنالك جهاز الدولة نفسه والذي أعتقد أننا باستخدام مفهوم الدولة الوطنية إنما نقوم بعملية خلط بين الدولة كمؤسسات وأجهزة تدير شؤون مجتمعها وبين الدولة التي تتميز بإسمها الثاني كأن نقول الدولة السورية والتركية وبين السلطة في هذه الدولة. لم نعد نعرف أيا من الدلالات هي الأكثر استغراقا لمفهوم الدولة الوطنية؟ وكي لا نبقى نغوص في الحقل الدلالي لهذا الفهم سوف نتحدث عما هو أهم وتاريخي وهو الوطنية السورية أين هي الآن؟ تحدثنا في أكثر من مقال ودراسة عما أسمنياه أن الديمقراطية تتطلب الدولة بالدرجة الأولى وتتطلب مشروعها الجامع ( لكل المكونات السورية الإثنية والطائفة والقومية والدينية ) والمانع لانبناء الدولة تحت أي مردود أقلوي أو أكثروي فقط سواء كان دينيا أم طائفيا أم قوميا. بغض النظر عما يحمل هذا المردود من مبررات أو تفسيرات لحقوق سواء كانت تاريخية أو غير تاريخية. أحد أوجه الأزمة الوطنية السورية هي في أن الدولة السورية هي ليست لكل مواطنيها. والوجه الآخر للأزمة هو أن الدولة الراهنة هي في تواجدها التاريخي ضمن النظام الدولي بكل حمولاته، أنوجادها داخل هذا النظام مع كل ما يحمله من تمايزات طبقية وقووية وقومية وعولمية.انوجادها في حالة سلم وليس في حالة حرب. هذا النظام الدولي لا تصيغه دول مازالت فاقدة لمردود تعريف نشوءها أصلا بل تصيغه دول عملت عليه طويلا. والاندماج في المجتمع الدولي لا يعني عدم الاعتراف بموازين القوى التمايزية والتمييزية: إنه الوجود بالفعل والوجود بالقوة أيضا موجود ومتغير ويتيح التغير والتغيير ولكن من داخله وليس من خارجه وبواسطة سلطات متحصنة بمشروعها السلطوي الضيق. لم يعد هنالك وجود / دولتي قومي أو سلطوي مغلق في هذا العالم وهذا التواجد العالمي للدولة أو العولمي سموه ما شئتم بات جزءا لا يتجزأ من مشروع الدولة المعاصرة. تواجدها في المحافل الدولية والعلاقات الدولية والمؤسسات الدولية. يشذ عن القاعدة قلة من الدول وهي عموما في منطقتنا: إيران إسرائيل فلسطين سورية ليبيا..ولكل دولة شذوذها المتموقع داخل ومع المجتمع الدولي حسب كما قلنا التمايزات التي تفرضها علائق العلاقات الدولية وهذا امر لا ننظر له الآن من زاوية الحق وعدمه أو من زاوية المشروعية القانونية. لأن إسرائيل تشذ وفق هذه المعايير. الجانب العالمي في الوطنية السورية: كيف ينظر السوريين لهذا الجانب وللمجتمع الدولي؟ هذه النظرة هي جزء ضروري من تشكل الوطنية السورية. السلطة الديكتاتورية تعتمد على مادة الاستعلاء القومي أو الوطني والاستعلاء يعني فيما يعنيه الإقصاء. فهي تعتمده في الداخل ومع الخارج في سلوكها. هل الوطنية السورية تفترض هذا الاستعلاء؟ إن الدولة بما هي حاضن للوطنية المرجوة هي في نفس الوقت عنصرا من عناصر الوطنية هذه. إذن كنتيجة أولى لم يعد هنالك دولة بدون هذا الوجه العولمي / العالمي
فهل يمكن بناء هذا الوجه العولمي داخل الوطنية السورية بناء على خطاب السلطة والنخب القومية! المتواجدة الآن؟ إن الوطنية السورية هي في أزمة وليس الدولة الوطنية مأزومة خارج أزمة الوطنية السورية. وإذا كان المرء يؤمن في قيام عراق فيدرالي ديمقراطي وفق توضعات مناطقية وليست قومية أو طائفية أو دينية لا يعني هذا أن الوطنية العراقية لا يمكن أن تتقدم نحو حل مأزقها التاريخي الذي خلفه الاستبداد وغباء الاحتلال الأمريكي خلفه بعد أن حرر العراقيين من صدام. الشكل القانوني والدولتي هو لخدمة الوطنية السورية وليس العكس الوطنية السورية يجب أن لا تخدم شكلا قانونيا أو دستوريا أو سلطويا محددا. انفرط العقد اليوغسلافي فهل يبحث المرء الآن عما حققته دولا مثل سلوفينيا ومقدونيا وكرواتيا بالنسبة لمواطنيها ولهويتها الوطنية؟ هل يقبل المواطن السلوفيني الآن العودة إلى دولة يوغسلافيا السابقة؟ رغم ذلك نحن في سورية ليس الوضع كحال يوغسلافيا السابقة..ولكن علينا أن نمضي نحو دولة سورية ديمقراطية وبعدها لنر هويتنا الوطنية السورية بما هي هوية تنتجها الحرية وليس الاستبداد ولا يمكن أنتاجها عبر الاستبداد لكونها مأزومة. إن الدعوات من أجل قيام هذه الهوية الوطنية ثقافيا وسياسيا في ظل الاستبداد هي دعوات مشروخة باستبداديتها النخبوية. الهوية الفرنسية الوطنية المعاصرة لم تتأسس قبل الثورة بل في سياقها وبعدها بالآن معا. ولن نجانب الصواب إن قلنا مبدأ بسيطا:
الدولة هي نتاج دستوري وقانوني في مؤداه الأخير لوطنية ما من جهة وهي لجميع مواطنيها من جهة أخرى. دون أن نغفل الجوانب الجيوسياسية الإقليمية والدولية في كل مرحلة من مراحل تاريخ تكون ونشوء الدول بالطبع. فهل ما يسمى الآن بالدولة الوطنية السورية هي لكل مواطنيها؟...يتبع

غسان المفلح

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف