ماذا فعل نوري السعيد بعزيز علي الذي شتمه؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لن أكتب مقدمة بل أترككم مع قراءة اللقاء الطريف الذي أجراه قحطان جاسم مع المنلوجست الراحل عزيز علي وبعض ذكرياته في العهد الملكي خاصة مع رئيس وزرائه نوري السعيد الذي قيل فيه الكثير من المثالب!!.
حسن أسد
قلت للفنان الكبير عزيز علي رحمه الله في احد لقاءاتي معه عام 1995 لو لم تختر (المونولوج) الذي تسميه (مقالاً) وعدت الى بداياتك فأي مجال تختار؟
فنظر الفنان الكبير الذي تجاوز عمره الثمانين اليَّ نظرة عتاب...
المعروف عن عزيز علي انه عنيد وانه رغم الشيخوخة ظل عنيدا ولم يتراجع عما آمن به. وقال لي باصرار.
لوعدت الى سنوات عمري الاولى لما اخترت غير هذا الطريق الذي وجدت نفسي فيه ولا احيد عنه رغم عذاباته وتعاسته ومعاناتي فيه، كنت اشعر انني اقرب للمصلح الاجتماعي اكثر من قربي للفنان.. ولم اندم على اختياري لهذا الطريق الصعب ابدا.
*كيف كنت تتعامل مع المجتمعات ممن يعجب بفنك ويدعوك لحفلاته؟
-انا لا اذهب الى مجتمعات الكبار ولم اسر في هذا الدرب ابدا رغم الدعوات الكثيرة في هذا المجال لأن عقيدتي الوطنية كانت تتعارض مع مصالحهم.. اضافة الى ذلك انني لم اجعل من فني وسيلة للرزق والكسب والاثراء.. ولو فعلت ذلك لاصبحت مليونيرا.
مع نوري السعيد
*ماذا حدث بينك وبين نوري السعيد في استديو الاذاعة عام 1956؟
-في يوم اربعاء من اربعاءات عام 1956 كنت استعد لدخول الاســتديو لانشاد مقال (السفينة) و(صل عالنبي) واثناء الانشاد فوجئت بوجود (نوري السعيد) -باشا- وراء زجاج غرفة مراقبة الاستديو ينظر اليَّ مع بعض موظفي الاذاعة وقد خيل اليَّ انه سيكرمني فأنسجمت مع المقال وبعد فترة ترك غرفة المراقبة وعاد بعد قليل وهو يحدق بي ويطيل النظر نحوي وبعد لحظات دخل مهندس الاذاعة (ناجي صالح) واسر في اذني (هل تحمل معك مجموعة اشعارك لان الباشا يريد ان يراها) فسلمته اياها وهي بخط يدي وكان الباشا قد سأله (لك هذا شنو دا يحجي من كلبه) فأجابوه (لاباشا هذا هو ينظم ها الاشياء وحافظها ويقرأها على الغيب ومدير الاذاعة موافق عليها) فطار صواب الباشا وقال وين مدير الاذاعة فأجابوه (طلع قبل شيويه) فقال (لعد جيبولي الاشعار اللي دايكولهه هذا- يقصد عزيز).
بعد حين عاد المهندس ناجي ليقول لي (الباشا يريدك) فذهبت اليه وانا اجهل ماقاله للموظفين.. فقال الباشا وبشكل يوحي بعدم الرضا) انت شدعوه هلكد متشائم.. وداتبجي الناس بها الحجايات ييزي تتشاؤم.. ييزي مضت علينه اربعميت سنة واحنا نبجي)) ثم اردف قائلاً: ( انت شنو شغلك)؟ فقلت اني موظف بالكمرك فقال (واي واي.. جمالة موظف بالحكومة) فقلت لنفسي (اكلها عزيز افندي خوش تكريم راح يكرمني الباشا).
ثم قال الباشا شنو (جي) وشتقصد بعبارة (اخر كل علاج الجي) فقلت باشا انت باشا تعرف الجي فقال الباشا (المن تريد الجي) فأجبته لم اقصد ناساً معينين.
فدس المجموعة في جيبه وقال بسيطة وغادر المكان فخفت في حينها ولم انم في تلك الليلة وفي اليوم التالي ذهبت الى كمرك بغداد حيث كنت اعمل مخمناً فرن جرس الهاتف وحدثني الاستاذ (خليل ابراهمي) مدير الدعاية العام وقال الباشا يريدك ويبدو انه كان يظن انك شيوعي.
فذهبنا سوية الى مجلس الوزراء في القشلة واستقبلنا الباشا قائلا (شتشربون) فاعتذرنا كلانا عن طلب شيء ثم قال (انته يا اخي الله ناطيك هالموهبة تسفط الكلام مثل ماتريد فليش دا تفزز الناس واتبجيهم كول البلد بخير وبيه رجال مخلصين يكدرون يقضون على هالعيوب والافات.. ليش تلزم الجوانب السلبية وماتذكر الايجابية ثم توقف عند كلمة في مقال (حبسونا) اقول فيها (مجلسكم مجلس اشرار) وقال بالله هذا اشلون حجي فأجبته بانني اقصد مجلس الامن وليس مجلس الامة فقال ليش اني غشيم هذا الحجي مايعبر عليَّ. فسكت ثم اعاد اليَّ المجموعة وغادرت بدون ان يعاقبني الباشا لكن (خليل ابراهيم) الذي بقي في غرفته بعد خروجي وبعد ذلك قال خليل ابراهيم (الباشا تأكد انت موشيوعي وصار معجب بيك هواية) فقلت له ارجوك ان تشطب اسمي من برامج الاذاعة وقد خفت على نفسي كثيراً وفعلاً لم اذهب الى الاذاعة في الاربعاء الذي تلا الحادثة رغم اذاعة اسمي وموعد برنامجي في ذلك اليوم لكن جريدة الاهالي هاجمت الباشا في اليوم التالي وقالت انه ذهب الى الاذاعة لاسكات اصوات الحق المتمثلة بالادباء والشعراء.. فأزددت خوفاً وشعرت ان عدم ذهابي هو السبب في ذلك وكي لاتتطور الامور اكثر ذهبت في الاسبوع التالي وانشدت مقال (انعل ابو الفن لابو ابو الفن).
وبعد ثورة 1958 حدثني د. (مصطفى جواد) قائلاً (كنت عند نوري باشا في احد الايام ومصادفة ادار مؤشر الاذاعة فسمع مقالك (الفن) وتابعه بكامله لكنه قال عندما انتهيت- شوف شوف ابن الـ.. دايشتمني).
وضحكت كما ضحك د. مصطفى جواد والاستاذ عبد الحميد العلوجي الذي كان يشغل معي نفس الغرفة في وزارة الارشاد.
ما حكاية صاحب الهاتف 85385
*وماهي حكاية استدعائك من الاذاعة بعد ثورة 1958 عبر اذاعة رقم هاتفك 85385؟
-لم تكن ثورة تموز 1958 مفاجأة للكثيرين بل كانت متوقعـــة على الاقل بالنســـبة لبعض المثقفين -وانا احدهم- وفي صباح يوم الثورة وانا في البيت سمعت مذيع الاذاعة يعلن عن صاحب الرقم الهاتفي (85385) الحضور الى الاذاعة فوراً وهو رقم هاتفي وحين وصلت وجدت (عبدالسلام عارف) واقفاً امام باب الاذاعة الداخلي فبادرني بالقول (وينك يا عزيز علي هذا يومك اشوفك) لكني كنت ارتجف ساعتها لانني لا اعرف ماذا كانوا يريدون مني لاسيما وان الوضع لم يستتب كلياً واصوات الرصاص تلعلع في كل مكان فوعدتهم خيراً وعدت الى البيت كي اكتب مقالي ورجعت عصر نفس اليوم الى الاذاعة وانشدت مقال (نو).
حسن أسد