أصداء

الدولة الوطنية من سايكس بيكو إلى المحكمة الدولية5

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

القسم الأخير

المسافة بين روحية عمل جهاز الدولة وأي مواطن من مواطني هذه الدولة تكون بدءا قانونيا واحدة. وقانون الدولة وآليات عملها لا تسمح افتراضا قانونيا أيضا أن يتم اللعب في هذه المسافة وفقا لحسابات من خارج قانون هذه الدولة. عندما يذهب رئيس ويأتي رئيس جديد في أية دولة طبيعية لا يستطيع على سبيل المثال لا

الدولة الوطنية من سايكس بيكو إلى المحكمة الدولية 1

الدولة الوطنية من سايكس بيكو إلى المحكمة الدولية 2

الدولة الوطنية من سايكس بيكو إلى المحكمة الدولية3

الدولة الوطنية من سايكس بيكو إلى المحكمة الدولية4

الحصر تغيير قيادات المؤسسة الأمنية أو العسكرية على أساس طائفي أو قومي أو ديني أو حتى مذهبي كما أنه لايستطيع تغييرها بقرار شفهي، لأن الشفاهية هي عدوة كاملة لعمل الدولة وبيروقراطيتها وهذا حدث في سورية لدرجة أن الشفاهية قد ابتلعت كل دور للنصوص المكتوبة والتي تشكل دستورا لعمل أجهزة الدولة و تم تفريغها من محتواها كليا. هذا الفعل يقوم على أساس خرق واضح وفاضح لمفهوم الدولة المعاصرة وآليات عملها. وهذا الأمر لن يتم فرضه بشكل قانوني. أي يحتاج إلى قوة سلطة من خارج سلطة الدولة نفسها. كأن تقول سلطة الاحتلال الأمريكي قامت بتسريح الجيش العراقي كله !هل هذا سلوك قانوني دولتي أم أنه سلوك سلطة احتلال ؟ وسلطة الاحتلال اعتمدت على تواجدها بالقوة العارية في هذا الأمر. لهذا هي لم تستشر لا الشعب العراقي ولا فعالياته بل اعتمدت على جملة من العلاقات غير القانونية. ولهذا تدفع سلطة الاحتلال والشعب العراقي ثمن هذه الخطوة. بالتالي هل كان كل ضباط وصف ضباط وأفراد الجيش العراقي موالين لصدام ؟ وهل كل ضابط في سورية تم تسريحه أو تهميشه هو عدو لسلطة البعث ؟ أم أنه إجراء لإعادة صياغة الدولة الهشة وأجهزة القوة فيها بناء على معيار من خارج روحية ما يسميه بعضهم الدولة الوطنية سواء كان هذا المعيار طائفيا أو كان بعثيا ؟ في هذه اللحظة بالذات تم إسقاط مشروع الدولة السورية ـ الوطنية ـ وانبنى فوقه وبجواره مشروع سلطة ( استبدادية حزبيا وطائفيا وقوميا تبعا لأن الكرد ليس لهم مكانا في هذا ) لهذا كيف يمكننا التعويل على الدولة ؟ هنا يجب أن يتم النقاش أيضا. الدولة التي لم يعد في سورية لها وجود خارج مشروع السلطة. ومن المعروف أن الدولة باقية بينما السلطة متغيرة وهذا الأمر هو جزء أصيل من وجود الدولة نفسه. الذي حدث هو العكس أن الدولة تزول رويدا رويدا والسلطة تقوى قمعا قمعا. هذا الذي حدث في سورية. هذه المسافة بين الدولة والمواطن تم بترها وإدخال علاقة سلطة بفعل من خارج قوانين الدولة ووفق لمعياريات ليست دستورية ولا قانونية. إذن أصبحت السلطة هي الوسيط والقابض الفعلي على العلاقة بين الدولة ومواطنيها وعلى كافة الصعد من موقع رئيس الجمهورية وحتى أصغر عامل في الدولة أو في القطاع الخاص أيضا ! لا يتجرأ رجل أعمال على توظيف مهما كانت كفاءته المهنية إذا كانت أجهزة الأمن لا تريد ؟ ماهي معايير أجهزة ألأمن في ذلك ؟ إذن نستطيع الاجمال : أن السلطة الديكتاتورية قد احتلت كامل المساحة بين الدولة ومواطنها وتلعب بها بأشكال من الفساد واللاقانون وبمعايير ماقبل مدنية هي لا تمت للمعايير التي قامت الدولة بناء عليها.
في ذهن المواطن السوري العادي لا يوجد فصل بين الدولة والسلطة كما كان عليه الحال لدى المواطن العراقي قبل سقوط صدام. فالدولة بالنسبة له هي التجسيد المباشر للسلطة.لهذا هو في مجمل شعوره ولا شعوره الدولة هي التي تمارس عليه كل هذا التمييز والاضطهاد وليس السلطة. وهذا يخلق حالة لا شعورية من العداء بين المواطن ودولته ! لهذا المواطن عندما يذهب إلى دائرة ما يجهز معه عدة الرشوة ! ومن يرتشي هو / علاقة سلطوية لا قانونية / الدولة لا ترتشي ولا تأخذ عمولات عن سمسرة ولا تتعامل كقطاع طرق أو كقناصة مناقصات. هذا العداء الذي يتكرس في ضعف الثقافة الحقوقية وغياب مفهوم المواطنة كمفهوم حقوقي. يجعل الدولة جهازا عدوا لهذا هو لا يكترث بها في حال انهارت ! ويساهم بعض المفكرين في توطيد هذه الحالة من خلال دمجهم بين معايير تنطبق على سلطات وبين معايير لا تنطبق على الدول. والآن منهم من يجاهر علنا بأن المحكمة الدولية في اغتيال الحريري ورفاقه هي ضد الدولة السورية ورأس الدولة السورية هو المطلوب وليس رموز السلطة الأمنية. على فرض أن هذا الأمر صحيحا فهل مواجهته تقتضي لصق موضع السلطة بموضع الدولة داخل نسيج الدولة السورية ومجتمعها ؟ ثم من زاوية أخرى :
كيف تتماسك الدولة إذا كانت أكثرية مواطينها تعاني من تمييز مقصود وفي ظل وعي مشوه لا يفرق بين سلطته ودولته ؟ فما عملت عليه السلطة هو ببساطة يقوم على تماسك الدولة حولها فقط. لهذا عندما تنهار السلطة تنهار الدولة. هذه رؤية وحقيقة لا يمكن أن تؤسس في ظلها هوية وطنية سورية. هنا مربط الفرس في أزمة الهوية الوطنية السورية.
ويجب التمييز في النهاية بين سلطة الدولة القانونية وبين سلطة مذهب سياسي أو آخر على المجتمع والدولة معا وبوسائل لا قانونية. مع العلم أننا في هذه الدراسة لم نتعرض لتأثيرات المسألة الطائفية على موضوع الدولة السورية. والذي وحده يحتاج إلى بحث من نوع آخر..لكننا نطرح فكرة في النهاية مفادها :
أن السلطة الأقلاوية فرضت وتفرض سواء تدري أو لاتدري على الأكثرية إحساسا أقلاويا مهددا لوجودها برمته مما يدعوها للتماسك حول عامل ما أو جاهزية دينية أو سياسية..الخ ومن المعروف أن الأكثرية في سورية بحياتها المعاصرة لم تتماسك حول العامل الديني الذي يربطها. ولكن السلطة هي من تدفع هذا الأمر نحو هذا التماسك الذي من المفترض أن يكون تماسكا حول مشروع الدولة ومن خلاله. وهذا الأمر لا يخضع لرغباتنا بل يخضع لجملة مفاعيله الموضوعية والذاتية لهذا سورية في خطر والسبب هو سلطتها وليس دولتها.

غسان المفلح

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف