مافيات المعارضة السورية
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
العاطي، والمعطي في اللغة هو الله رب العالمين. فهو الذي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده الطيبين الصالحين الطامحين للرئاسة والبلاطات. وهو وحده، ولا شريك له، الذي وعدهم، في محكم كتابه، بالجنة والمال والرزق الحلال، ويفتح لهم الأبواب المغلقة والكنوز والأسرار. ولا نملك إلا التسليم بقضائحه سبحانه وتعالى، ولا اعتراض، البتة، على حكم الله الذي لا يحمد على مكروه ومافيات سواه. ولولا أن وجد سبحانه وتعالى في تلك المافيات الوطنية الوديعة المناضلة والديمقراطية من مزايا وسجايا وخصال استثنائية وإستراتيجية وخارقة وصفات فوق مستوى البشر العاديين والبسطاء، وتختلف عما نحن عليه الفقراء والمنتوفين لله تعالي، لما بسط لهم الرزق ومكنهم من الثروات يغرفون منها بعلمه، وبما شاء. فقد جاء في محكم عزيزه: "وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم". الأنعام ﴿165﴾. واللهم لا حسد على أية حال.
وسنكون في منتهى الأدب والذوق والاحتشام ولن نتعرض لأسماء وأشخاص، لأنهم لا يهموننا، ولا نقيم وزناً للأزلام والإمعات، في نهاية المطاف، وما يهمنا هو الظواهر ومسارات الأشياء غير المنطقية. لكن ما نعترض عليه وما ليس لنا طاقة به ولا نقدر عليه، هو أن يأكل أحد بعقلنا حلاوة، بعد أن أكل، وشبع نهباً وغرفاً من خيرات البلاد، ويريد مسح عقولنا ببعض البهلوانيات الإليكترونية، أو ذر بعض اليوروهات والدولارات والجنيهات من المال السحت الحرام، الذي لا يغري سوى الشبيحة واللصوص الصغار وهواة السرسرية الضعفاء. وهذا ما تفعله هذه المافيات الجهنمية البلطجية مع بعض الكتبة المساكين والعرضحالجية الدّوارين على الأبواب، والذين يتنقلون من حضن هذا المافيوزي الشرير إلى حضن ذاك، ولمن يدفع أكثر، كغانية شبقة حسناء تأبى، رغم شرفها البارودي المطروق آلاف المرات، أن تنام لليلتين متتاليتين على نفس الوسادة والفراش، وتراه يقدم الحلول الفورية، والجاهزة لكافة المعضلات، ويطلق الخطب النارية، التي لا يحسده عليها لا روبسبير، ولا غيفارا نفسه، ولا حتى المرحوم أبو نضال، طيب الله ثراه.
والمعارضة المافيوزية السورية، والتي ما فتئت توزع الوطنيات بالمغرفة كمنكوبي الكوارث والفيضانات على النشطاء والنخب السورية الأخرى، صارت اليوم، وبأمَسّ الحاجة، وبالكاد، حتى لورقة توت لتتستر بها على عوراتها وفضائحها التي تزكم الأنوف، وتبعث على الخجل والقرف والاشمئزاز. فلقد فجرت زيارة أحد غلمان المعارضة السورية ومافياتها الطامحة، إلى إسرائيل وتمسحه ببساطير الجنرالات الإسرائيلين القتلة، الكثير من المخبوءات التي كانت تغفو تحت السطح. ونحن يا حرام، ويا غافل "ألك الله"، ومثل الزوج المخدوع آخر من يعلم. فلقد استطاع مافيوزيو المعارضة السورية الكبار، تجنيد بعض الحكواتية والرواة، وذلك عبر إغداق الرواتب والعلاوات، وبطاقات الطائرات عليهم، للطعن بشرفاء الوطن والمعارضة الوطنية الشريفة والتجارة بالأوهام والخزعبلات التي لا تنطلي على المصروعين والبلهاء، واحتكار الوطنية، وتوزيع الشرف والنجاة، على هذا وذاك، ومنح جوازات المرور والنضال المزيف لمن شاؤوا من العباد، وبدون حساب.
هذه المعارضة المافيوزية تعيش اليوم أزمة أخلاقية كبيرة، بدأت تتكشف بعض من خيوطها وخفاياها. أزمة تظهر النظام الذي تريد الإطاحة به والحلول مكانه، كحمل وديع وملاك، وحمامة سلام وادعة بيضاء، أمام ما تكنه من استبداد، وحقد دفين وأعمى وبغضاء، وشهوة للانتقام والدماء. فهم مثلاً، يأخذون على النظام "اتصالاته" السرية والعلنية، وذاك التجاذب الإعلامي الطبيعي، لفتح قنوات دبلوماسية للتفاوض مع إسرائيل، من أجل معاهدة سلام تعود بموجبها الأراضي السورية المحتلة لحضن الوطن الأم، وهذا ما فعلته جميع الأمم والشعوب وعبر التاريخ، وهو فعل مشروع طالما أنه يتم بغطاء وطني ومعلن وأمام الناس، هذا إن تم فعلاً، ولا يمكن تصنيفه تحت أي بند من التجاوز والخيانة أو الانتقاص من السيادة والكرامة الوطنية. وقد سبقتنا لذلك دول الطوق المختلفة وحققت اتفاقيات سلام مع الكيان الذي ما زال يغتصب أجزاء عزيزة من التراب الوطني. وكان هناك معاهدات، ومفاوضات، ولقاءات، وهدنة بين أشرس الأعداء عبر التاريخ. ولسنا في معرض ذكرها الآن، وهذا ليس هو الموضوع على أية حال. لكن أن يصم فرسان المعارضة السورية وطبولها المنتفخة الكبار، عن تمسح مافيات المعارضة بإسرائيل ولقاءاتهم المستمرة مع رجالاتها، والتطبيع المسبق الجاري على قدم وساق، وإقامة العلاقات الثنائية خارج الأطر الشرعية، والمكاتب التجارية، والزيارات المكوكية، والخلوات الخفية معها، فهو ما لا يسكت عليه على الإطلاق. وأمر يبعث على التساؤل والارتياب. و إن دل على شيء فعلى الحرباوية والانتقائية والازدواجية والرياء ليس إلا، وهذه لا أعتقد من صفات وسلوكيات معارضة "وطنية"، تقول بأنها تتصدى لمهمة لعمل وطني عظيم وسام لمجرد أن يسد "بوزها" ويرش لها "شوية" دولارات. ثم ليأتي هؤلاء الأباطرة المنجعصون على الخمائل الأوروبية الوثيرة في المنتجعات ذات النجوم الذهبية المتلألئة، ولينظـّروا من هناك عن الوطنية والكرامة والشرف والعزة والإباء، وذرف الدموع على الأطلال المتهاوية، فهذا لا يذكرنا إلا بفصاحة "تلك" التي تتكلم عن الشرف، ويالها، عندئذ، من فصاحة وكلام. ونحن، وأمثالنا، من الرابضين على تخوم الموت والفقر والتجويع والإفقار والإفلاس، وبالكاد نسد رمقنا، مع أسرنا المنكوبة التي تعاني من الشح والقلة والإملاق، ولا يعرف فيها أطفالنا المحرومون من كل متع الحياة سوى الأحلام الكاذبة والوعود الخلبية، التي تمنـّهيم بالهدايا والحلوى والألعاب، وتعدهم بها، بعد كل مطلب تافه، وحاجة تعتصر أكبادهم الصغيرة، وتستهوي أفئدتهم الصغيرة، كسائر خلق الله.
من يقرأ بعض أدبيات المافيا السورية المعارضة، ويستمع لخطابها، يعتقد أنه يعيش في إحدى جمهوريات إفلاطون المثالية، وأنهم طهراء كالعذروات. ولكن من يطلع على فضائحهم، ويستمع لأخبارهم، يشعر فقط، بأنه في إحدى زوايا سوق النخاسة والحرامية حيث تنعدم كل القيم والأخلاق، وكل شيء "مباح ومتاح". والسؤال ماذا يريد هؤلاء بعد كل هذا النعيم والعز والفلوس والجاه؟ ولِمَ يحشرون أنوفهم في قضايا لا تهمهم ولا علاقة لهم بها على الإطلاق، وهم ينعمون باللجوء السياحي لا السياسي، ولم يسبق لأحد منهم أن عانى وكابد كأي فقير ومعدم محروم، من فقراء سوريا وأطفالها وهم وحدهم الأولى بالمعارضة والتنطح والكلام؟ وما الذي يرمي إليه هؤلاء المافيوزيون الأشرار بعد أن نهبوا سوريا وأفقروها وتركوها على عتبات الفقر الأسود والحرمان؟ ومن يصدق ادعاءاتهم الباطلة بأنهم ثورجيون، ووطنيون، وديمقراطيون وقلبهم على الشعب الصابر وهم يمارسون من منتجعاتهم الأوروبية القمع والاستبداد والإقصاء؟ ولِمَ لا يكشفون بكل شفافية وصدق يعز عليهم، عن حجم ومصدر ثرواتهم الخرافية ومدخراتهم الأسطورية الحرام التي كدسوها على حساب عرق ودماء الأطفال السورين المحرومين من رغد العيش والهناء؟ وهل هناك من أية حدود، بعد كل هذا، لنهم وجشع هذه المافيات المتوحشة والشرسة، بعد أن "نفذت" بريشها من الفقر والهم وضيق الحال والذي لا نملك معه إلا الدعاء بأن اللهم ارأف بحال هذا الإنسان الذي لا تشبع عينه إلا حفنة التراب.
وختاما، ونصيحة ولوجه الله، وبالمجان، الأشرف، والأجدر لهم، وبعد كل ذاك الغي والبطر والبغاء، أن "ينضبوا"، ويستحوا على حالهم، ويكفوا عن المهاترات، والتشنيع، ونشر غسيلهم الوسخ على الملأ وأمام اللي يسوى واللي ما يسواش، هذا إذا بقى عليهم أي ستر وغطاء، أو أي شيء يمكن غسله على الإطلاق.
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف