أصداء

الرحمة.. الرحمة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

مما يُثلج الصدور أن نرى بعض النخب المثقفة من فلسطينيي اللجوء والشتات، ومن أشقائنا العرب تتابع ما يجري في فلسطين الذبيحة من الوريد الى الوريد، والتي ينكل بجسدها بطرق تصل الى جرائم الحرب. فهذا عزاؤنا بعد أن تخلى النظام العربي الرسمي عن التزاماته تجاه قضية العرب الاولى، وقزّم الصراع العربي الاسرائيلي الى صراع فلسطيني اسرائيلي. ولعل البراءة العربية الرسمية من دم فلسطين قد بدأ بالخديعة الكبرى التي أقرها مؤتمر القمة العربية في الرباط عام 1974 واعتبر فيها منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، فهلّل الفلسطينيون أفرادا وتنظيمات لهذا القرار غير مدركين أنهم قد وقعوا في المصيدة ليكونوا فريسة لعدو أقوى منهم عدداً وعدة، ولمؤامرات دولية أكبر من منظمة التحرير العربية ومن فصائلها ومن شعبها، وغير مدركين أنهم قد وقّعوا على صك البراءة للأنظمة العربية من التزاماتها تجاه قضية العرب الاولى. فالأطماع الاسرائيلية تتعدى حدود فلسطين التاريخية بكثير كثير.


وإذا كانت الأنظمة العربية قد استطاعت تغييب الجماهير والشعوب العربية عن قضايا الأمة المصيرية، فإن بعض النخب المثقفة خصوصاً تلك التي لم يعد لها متسع في العالم العربي على اتساعه، تدرك مدى المؤامرة التي تستهدف العالم العربي، وتقوم بواجبها الوطني ولو من باب أضعف الايمان وهو الكلمة الطيبة والتوعوية. ونقول بعض النخب لأن هناك بعضاً آخر من النخب المثقفة تستلم المناصب الرفيعة وخصوصاً في وسائل الاعلام وتروج لسياسة الهزيمة والتخاذل.


ونحن القابضين على جمر تراب المتاح لنا من الوطن الذبيح نحيي كل عربي يهتم بقضيتنا على وجه الخصوص، التي هي قضية وقضية العرب جميعاً على وجه العموم. لكننا ونحن نودع شهداءنا الأكرم منا جميعاً ونشاهد بحسرة ولوعة دائمتين تجريف أراضينا ومزارعنا وهدم بيوتنا، ونئن من أنات ونزيف عشرات آلاف الجرحى من أبنائنا الذين تصل جراحهم الى درجة الإعاقة الدائمة، ونعيش في أرق دائم على حرية الآلاف من أبنائنا وأخوتنا المغيبين خلف القضبان، نلاحظ من خلال الصحافة العربية التي نشاهدها عبر شبكة الاتصالات العنكبوتية - الانترنت - أو من خلال الفضائيات ومحطات الاذاعة وبحزن بعض الحماسة الزائدة من بعض الأقلام التي تكيل التهم جزافاً لشعبنا ولطلائعه الثورية. فهذا يتهم ذاك بالخيانة أو بالكفر والردة دون وجه حق. صحيح أننا لسنا ملائكة كما قال شاعرنا الكبير محمود درويش، فنحن شعب كبقية الشعوب فينا الصالح والطالح، وفينا المناضل والخائن، وفينا الصادق والكاذب، وفينا الأمين واللص وفينا.. وفينا..


لكن الأقلام التي تكتب من الخارج لا يعرف أصحابها حقيقة الأوضاع في فلسطين، وهم يعتمدون على ما تنشره وسائل الإعلام المتحزبة والمتعصبة لهذا التيار السياسي أو ذاك أو لهذه الشخصية أو تلك. وهي لا تتوخى الحقيقة والصدق فيما تنشره، بل هي تأخذ الجانب التحريضي الذي يصل الى درجة التحريض على سفك الدماء، وهذه قضية مؤسفة ومحزنة ولا يستفيد منها إلاّ الأعداء.


لكن المؤسف أكثر والمحزن اكثر أن نجد أقلاماً فلسطينية في الشتات وأقلاماً عربية تساعد في نشر سياسة التعصب والتحزب غير المبنية على الحقائق الصحيحة، وكأنها بهذا تصب الزيت على النار دون أن تدري.
ونستذكر هنا ما قاله شاعرنا الكبير محمود درويش قبل حوالي أربعة عقود عندما أطلق صيحته الشهيرة " ارحمونا من هذا الحب القاسي " رداً على بعض الأقلام العربية التي كانت تُشيد بكل ما يُكتب في فلسطين من ابداع أدبي.


ونحن هنا نصرخ " ارحمونا من هذا الحب الحزبوي والتعصبي الذي يزيد نار الفتنة " فالداخل الفلسطيني ليس كما تتصورون، والواقع ليس كما يصلكم، فوسائل الاعلام تُركز على السلبيات الفلسطينية، وتُهمل الكثير من الجرائم اليومية التي يرتكبها المحتلون.ويكفينا ما نحن فيه من عذابات تعجز الجبال عن حملها.

جميل السلحوت

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف