أصداء

أين سيسيليا ساركوزي العربية؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

للتعريف فان سيسيليا.. هي زوجة الرئيس الفرنسي الجديد ساركوزي.. وهي مايطلق عليها في بلداننا العربية " سيدة البلد الاولى " ولااعرف كيف ولماذا تصبح زوجة الرئيس السيدة الاولى في بلداننا العربية دون وجه حق اجتماعي او حتى سند قانوني. لكن طالما الامر تعلق بتلك التي نسميها ( الدول ) في البلاد العربية فان لا الامر ولا الحاكم ولاحتى السيدة زوجة السيد الحاكم بحاجة الى سند قانوني لتمنح نفسها من الالقاب ماتشاء وماتحب، لان في حقيقة الامر زوجها السيد الحاكم بالتاكيد كان قد سبقها باشواط كبيرة وهو يمنح نفسه القاب البطولة والفداء والشجاعة والاقدام وحتى القاب التعبد والقاب السماء لم تسلم من البعض. والمضحك المبكي ان يوجد في عالمنا العربي " قمة عربية " للسيدات الاوائل من نفس هذا الطراز عقدت عدة مرات وفي بعض العواصم العربية تحت شعارات لاتقل كحافز قوي للضحك والبكاء. فمثلا احد اهم العناوين المهمة لهذه القمم النسوية كانت ( لدراسة واقع التخلف والتراجع عند الطفل والمراة العربية ).وكأن المسبب بهذا الواقع المرير والبائس الذي يعيشه الطفل والمراة العربية هي حكومة جزر القمر. وليس الحكومات العربية نفسها والتي تنتمي مجموعة السيدات الى نفس العائلة الصغيرة والخاصة جدا. ثم ان سوال يفرض نفسه بالحاح و يطرح في مثل هكذا حال. ماذا فعلت القمم العربية " الرجالية " من تغيرات ستراتجية او واقعية على ارض الواقع العربي البائس والحزين!؟


حتى يكون ممكن بعد ذلك ان يكون للامل مكان في الوجدان العربي من هذه القمم " النسائية " والدعائية والغير قانونية بأن واحد.

وحتى نبتعد عن مرارة واقعنا العربي، دعونا نرجع الى سيسيليا ساركوزي.. فلقد تناقلت وسائل الاعلام بان سيسيليا اساءة استخدام الارصدة الرسمية. ومفردة الارصدة الرسمية هنا تقابلها في عالمنا العربي مفردة اموال الشعب. وقد تم توجيه انتقاد حاد وعلني من وسائل الاعلام الفرنسية لزوجة ساركوزي ( حول حقها في الانفاق من اموال الدولة ).

وكل القصة التي اثارت هذه الضجة هي وجود قانون يسمح لزوجة رئيس الجمهورية في فرنسا بالحصول على بطاقة أئتمانية رسمية، وقد استخدمت زوجة الرئيس هذه البطاقة مرتين لدفع وجبتي عشاء في مطعمين، وكان اجمالي ماصرفت (559 دولار ) فقط لااكثر، وبشكل رسمي وواضح ومحسوب. وقد أدت هذه الضجة الى اعادة كشف مبلغ الراتب الشهري للرئيس الفرنسي ولرئيس الحكومة ايضا وفي وسائل الاعلام اضافة الى المخصصات الرئاسية والمصروفات الشخصية لرئيس الجمهورية. وايضا بنفس الوقت بادرت زوجة الرئيس الى اعادة البطاقة الائتمانية لتجنب اي جدل اخر حول الموضوع. والى هنا لم تنتهي المشكلة حيث تم تشكيل لجنة لدراسة الموضوع ولكيفية تنظيم الصرفيات والاموال الرئاسية.

طبعا انا متاكد ان مثل هذه الحكاية في عالمنا العربي هي مجرد نكته مسخة، وخبر تافه لايستوقف حتى المواطن العربي البسيط لاجل التعمق به ودراسةو تأمل جوانبه ولو بشكل شخصي، لان في بعض بلادنا العربية المواطن قبل الحاكم يعتقد بل وعلى يقين بان البلد وخزائنه وكل ثرواته هي ملك الحاكم واهله واقربائه وعشيرته ومن يحبهم، وكل مايخرج بعد ذلك من يد الحاكم لابناء الشعب هو مكرمة كبيرة وكرم مشهود له، يستحق الشكر والعرفان والاغاني والعراضات والهوسات والدبكات والرقصات بل والهتاف حتى اخر نفس لاخر مواطن عربي. وهذه هي اهم مشاكلنا العربية المزمنة. وفقط من باب التذكير والتنبيه بان الصحفي الفرنسي الذي لاحق وتابع زوجة الرئيس ساركوزي، ونقل الخبر الى الاعلام، لم يتم فصله من عمله ومحاربته في رزقه.او اعتقاله او اعدامه او تغيبيه عن بيته وعائلته ولم يطرق او يقتحم باب بيته ضباط الامن والمخابرات الفرنسية في ساعة متاخرة من الليل لاجل الامساك به. بل اني متاكد انه نام تلك الليلة بكل عمق لانه انجز هذه الخبر والسبق الصحفي المثير للجدل.لكن بالتاكيد قبل ذلك احتفل مع بعض زملائه وتلقى التهاني على هذا السبق الصحفي. فاين نحن من كل ذلك؟.


وايضا اين طريقة صرف وتصرف بعض " الساركوزيات " العربية من هذا الواقع الراقي والمتمدن والحضاري والقانوني وحتى الشرعي والسماوي؟ بالتاكيد نحن بعيدين باشواط كبيرة عن هذا الرقي، لذلك نحن بنفس هذه الاشواط من البعد بعيدين عن مؤوسسات الدول الحضارية وتقدمها وتطورها الاجتماعي والدستوري والعلمي على حد سواء. لقد وصلنا الى اشواط اخرى اكثر انتهازية واكثر غرابة عندما بدات بعض " الساركوزيات " العربية تعتبر نفسها أم الشعب!! طالما السيد الحاكم زوجها وضع نفسه.. أب الشعب!! انها نوع من الامومة القسرية تشابه تلك الابوة القسرية. وهذا يجعلنا نشعر بدور اليتيم المغلوب على امره من الوصي القسري، وفي حقيقة الامر اننا فعلا من الشعوب المغلوبة على امرها وبشكل لاتنافسنا فيه اي امة اخرى بالكرة الارضية.ونبقى نبحث عن جواب بسيط لسؤال كبير.. أين سيسيليا ساركوزي العربية؟.

محمد الوادي
al-wadi@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف