أصداء

العراق: يا حريمة ويا حسافة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

ظهر عزيز الحاج في عام 69 من القرن الماضي على الناس في التفزيون العراقي ليعلن وبدون كبرياء ولا خجل تخليه عن "فكرة" القيادة المركزية التي يقود شبابها حربا ً في أهوار العراق ضد ما أسموه الدكتاتورية القومية التي حكمت حتى الأن، ثم بعد حين تخلى عن أرنستو تشي جيفارا وأفكاره الناصعة شباب المركزية الثورية رويدا ً رويدا ً حتى الأحرار منهم الذين ماتوا أو هم أحياء أو الذين قتلهم الأسرائيليون أو الفلسطينيون أو اللبنانيون أو السوريون أو العراقيون، فالعراقي شهيد أينما يموت ويحيا،والشيوعية العراقية بكل مواصفاتها لاتفي بالغرض المطلوب، فالعراقي الرافض كان شيوعيا ً وإن لم يكن،والعراقي المعارض كان مشبوها ً حسب الجيران،والعراقي الصامت تدور حوله الشبهات،أما العراقي المثقف العاري المنتزع فهو بين خيار الأمّة أو خونتها،وجرى ماجرى،ولعله يجري الأن !!.

*****

كبرت ُ في بيت يهوى الأدب والثقافة ويخاف من السياسة خوفا ً عظيما ً، ومع ذلك أصبحت وبالرغم من نصائح أبي (الحكيمة ) ثم قطيعته الكبيرة، شيوعيا ً، كنت صغير السن مندفعا ً، لكني قرأت كولن ولسن وسارتر وماركوزة وغارودي والبير كامي والبرتو مورافيا في مكتبة سوق الشيوخ العامة العامرة أنذاك،وحين أصبحت جبهة البعث مع الشيوعيين كنت رافضا ً لها،وكنت أحضر الإجتماعات الحزبية على كراهية أتذوق طعمها حتى الأن مع المرحوم كريم خلف،وحين تم سجني أيام الجبهة الوطنية،قالت لي الأم العظيمة (أم حسين ) في السجن،أنت تتبع أخوالك في المحن والسلوك وأعمامك في الغباء والشقاوة.

*****

حين هب ّ صدام كنائب، قرر أن يزور الجنوب العراقي وهو يرتدي كوفية الجنوبي (وحسب مايقال إن حسن العلوي كان وراء تلك الزيارات ) وبدافع من الشيوعيين أنذاك تم الترحيب به أينما حل، فهو الوصفة الأمثل للحاكم الشعبي بعد عبد الكريم قاسم، وإشتعل التلفزيون بزيارات النائب اليساري، وإنطفأ التلفزيون بمقابلات الرئيس البكر اليميني، كان محمد جواد السهر قتيل إنتفاضة أذار يملك أنذاك مقهى تقع على الفرات، يصرخ في الناس، لاتصدقوهم فهم جميعا ً خونة العراق، وهم جميعا ً وحقا ً خونة العراق حتى الأن وإلى الأبد.

*****

من يعرف من العراقيين شاعرا ً عراقيا ً أسمه (جبار الغزي )، قليلون جدا، فجبار عاش ومات مهملاً كـ(قمامة )، لكنه كتب أغنية (يا حريمة ) التي ظهرت بصوت حسين نعمة وبألحان محمد جواد أموري في سبعينيات القرن الماضي، فهو يقول بالعربي المترجم عن العراقي ( لماذا جعلت مني.. قصة تتناقش فيها الطوائف...، وأنا من يهواك.. ياحرام.. ياحرام ) ويسترسل الغزي بغزله المجنون ليصف العراق ( أنت طريق غامض..أنت دروب مسكونة بألامي )...، ومن يعرف كيف مات جبار الغزي فله ومن بقايا العراق السلام، والغريب إن مغنيا ً عراقيا ً اخر نافس حسين نعمة فغنى أغنية عنوانها (ياحسافة )، والمعنى بالعربي (أي أسف )..!!، فتصوروا كيف يتنافس العراقيون على الألم؟

*****

يقول صديق إن رجل الدين الشيعي في جنوب العراق خاصة حين يصعد على المنبر بوده أن يبقى فوق (المنبر ) إلى أبد الأبدين، فكيف وإذا به يحكم في حكم الخالق والمخلوق، وكيف به إذا تنفذ، وأصبح أمره مطاعا وقد كان في السابق نكرة تفر منه القطط،هذا هو شأن العراق،شأن جنوب العراق الأن، فأمّية الناس هي الأقوى في حكم الناس، وبكائيات الناس هي بكائيات رجال الدين،وليس رجال العراق، فيا حريمة وياحسافة هي بكائيات علمانية، ولاوجود لبكاء عليها.

فيا حريمة وياحسافة ياعراق.......

واصف شنون

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف