أصداء

لماذا الديموقراطية لغير الديموقراطيين!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

كنت قد كتبت نقداً صارماً (تكعيك أو تفكيك الماركسية 5/7) لأحد الأدعياء الذين يخططون لتهديم الماركسية، كما أفصح الرجل، واليوم يخرج علينا هذا الدعي بالقول أن النقد كان " مبتذلاً " لأنه استهدف الحط من قدره ـ ولنا هنا أن نتساءل عن أي قدر يتحدث هذا الرجل؟ إن كان عن قدره الإجتماعي فإننا لا نعرف أي معلومة عن وظيفته أو مهنته أو حتى مجتمعه المنخرط فيه كما لم يسبق لنا أن سمعنا باسمه. أما إن كان القدر قدراً فكرياً فالحق والحقيقة أننا لا نرى أي قدر فكري له لنحط منه. وعلى كل فإننا ندعو القراء إلى مراجعة النقد ليتحققوا من المسائل الحقيقية الكبرى العديدة في الإقتصاد كما في السياسة التي طرحتها على هذا الدعي ليجيب على أي منها؛ وقد عرفت مسبقاً أنه لن يجيب على أي منها ولذلك وصف نقدي الصارم ب "المبتذل " ولماذا يكون مبتذلاً إذا ما عرّى فقره الفكري؟

أنا لم أظلم هذا الدعي ليشتبه بأنني أحط من قدره فها هو يزعم بأن النظام السوفياتي كان نظاماً رأسمالياً بشكل رأسمالية الدولة. وهنا نتساءل.. هل حقاً يفهم هذا الرجل ماذا يقول وأي هرطقة يأتي بها؟ لماذا علي أن أقدر مثل هذه الهرطقة بل وحتى أن أناقشها؛ هذه الهرطقة الغريبة على أبسط المبادئ الماركسية وعلى أولى القواعد الرأسمالية؟ الرأسمالية، أيها الدعي تقوم أساساً على السوق ولم يكن سوق في النظام السوفياتي، والسوق تقوم على أساس قانون القيمة الرأسمالية والمنتوجات السوفياتية لم ترتبط بقيمتها الرأسمالية ونحا توزيعها إلى الإستجابة لقيمتها الاستعمالية، والرأسمالية تقتضي الإبقاء على 3% من قوى العمل بحدها الأدنى معروضة في سوق العمل وفي النظام السوفياتي كان جميع الناس دون استثناء في العمل، والرأسمالية لا توزع الخدمات مجاناً وفي النظام السوفياتي كانت مجانية، والرأسمالية لا تقرر زيادة أجور جميع العاملين في المجتمع ومرافقة ذلك بخفض الأسعار كما كان الأمر دورياً في النظام السوفياتي ـ ثمة ألف فرق وفرق لا يراها هذا الدعي ويطالبنا مع ذلك بالاعتراف بقدَرِه!! أي قدر يتبقى بعد كل هذا لديه لنحط منه؟!

وانتقل هذا الرجل الدعي في حلقته الثانية ليصر على أن النظام في البلدان العربية هو نظام رأسمالي بخلاف ما أقوله. وحجته في ذلك أنه لا يعرف طبيعة النظام فيها إذا لم يكن رأسمالياً، متسائلاً.. " إذا لم تكن العلاقات الإنتاجية في البلدان الطرفية علاقات رأسمالية فماذا تكون إذاً!!" يا للفقر الفكري الفاضح!!! وللدلالة على أن الرجل مصاب بالأنيميا الفكرية يصف النظام في هذه البلدان بالنص.. " رأس مال ريعي، مضارب، عقاري، كمبرادوري، طفيلي، لصوصي، مافيوي " لئن كان النظام في سوريا ومثله في البلدان العربية بهذا الشكل فإنه بالتأكيد ليس نظاماً رأسمالياً. ومن الغريب أن هذا الدعي يدّعي بأنه قرأ ماركس وكتابه " رأس المال ". لئن قرأه فعلاً فهو لم يفهم حرفاً منه حيث يؤكد ماركس أن نظام الإنتاج الرأسمالي يخلق ثروة لم تكن موجودة أصلاً أما طرق المرابحة التي عددها هذا الدعي فإنها لا تخلق أية ثروة ولا تتجاوز نشاطاتها إعادة توزيع الثروة الموجودة أصلاً، فيمتلك (س) ثلاث دولارات بدلا من سبعة كان يمتلكها ويمتلك (ص) سبعة دولارات بدلاً من ثلاثة كان يمتلكها. لكن المجموع في الحالتين هو عشرة دولارات دون أن تزيد سنتيماً واحداً. كيف يتجرأ هذا الدعي لأن يسمي هذا اقتصاداً؟ لئن اكتفت الأمة بهكذا اقتصاد فلن تعمرّ عندئذٍ أكثر من أسابيع قليلة!!

تقرأ الحلقة الثانية فتتأكد أنني عندما قلت بأن هذا الرجل يلت عجينة الماركسية لتاً حتى أنك لا تعود تميز الطعومات لكعوكه المختلفة كنت أصف ثقافة الرجل وصفاً دقيقاً. أراهن بأن هذا الدعي لا يفهم هو نفسه ما كتبه في حلقته الثانية حول النظام " الرأسمالي " العالمي القائم اليوم بشكل العولمة وحول تطور أدوات الإنتاج واتساع الطبقة العاملة واحتداد التناقضات بين العمال وبين الرأسماليين. لم أقرأ في حلقته الثانية جملتين مترابطتين يفصحان عن فكرة محددة واحدة. إنني حقاً لشديد الأسف أنني أصادف رجلاً آخر يقرأ كثيراً دون أن يحصّل شيئاً. سألته عن أية رأسمالية يتحدث والعمال الصينيون هم من يموّن الشعب الأميركي باحتياجاته المختلفة فلم يجب. سألته أيضاً عن أي رأسمالية يتحدث بينما جميع الدول الرأسمالية الكلاسيكية تعيش على الدين فلم يجب. في النظام الدولي القائم اليوم هناك ألف مفارقة ومفارقة تؤكد جميعها أن هذا النظام ـ وهو لا يجوز أن نسميه نظاماً ـ ليس نظاماً رأسمالياً؛ وليس أدل على ذلك من أن القيمة التبادلية السائدة اليوم في أسواق النقد الدولية للدولار تساوي مائة ضعف قيمته الحقيقية. ما قيمة العملة الوطنية لبلد يستهلك أضعاف ما ينتج ويستدين يومياً ثلاثمائة ملياراً من الدولارات كي يستمر في الحياة فقط؟

الشيوعيون المتحدرون من البورجوازيات الوضيعة يرثون أنيمياء الفكر والعجز الفاضح في النضوج الفكري ولذلك يعجزون دائماً عن مرافقة التطورات الإجتماعية وما تفرزه من أفكار وقوانين جديدة. وما يزيد الطين بلة هو أنهم يغطون مثل هذا العجز الفاضح بالإنخراط مباشرة فيما يسمونه " تجديد " الماركسية!! أناس مصابون بأنيميا الفكرية المزمنة يتنطحون إلى أكثر المسائل النظرية تعقيداً ألا وهي " تجديد الماركسية "!! ويزعمون مثلما يزعم رجلنا هذا بأن التقادم جرى على الماركسية وأنها شاخت ولا بد من استبدالها!! يقولون بهذا ومع ذلك يصرون على وصف أنفسهم بالماركسيين؛ أيُهذا الخداع والنفاق!!! يشتمون ماركس وينامون في حضنه!!

الملمح الرئيس في أولئك الذين يقرأون الكثير ولا يحصلون ما يستحق الذكر هو أنهم مولعون بالاستشهادات ويملأون كتاباتهم بالأسماء الأجنبية المجهولة في معظمها. رجلنا هذا استشهد مراراً وتكراراً بماركس في غير ما تحق الشهادة؛ فكل الإقتطافات من رأس المال والبيان الشيوعي ليست ذات علاقة بموضوع البحث. ثم يتهمني بالإفتراء على كارل ماركس فيزور في ترجمة مقدمة كارل ماركس وانجلز للطبعة الألمانية للبيان الشيوعي المؤرخة في 24 حزيران يونيوه 1872 حيث ورد النص باللغة الإنجليزية كما يلي..
However much that state of things may have altered during the last twenty-five years، the general principles laid down in the Manifesto are، on the whole، as correct today as ever. Here and there، some detailed might be improved.
ترجمها أخونا الدعي، وأعتقد أنه يقرأ الإنجليزية جيداً.. " رغم أن الظروف تبدلت كثيراً خلال الخمس والعشرين سنة الأخيرة فالمبادئ العامة الواردة في هذا البيان لا تزال بالإجمال محافظة على صحتها، وإن كان يجب إدخال بعض التعديلات على عدد من الفقرات "
لنلاحظ هنا التزييف الذي أدخله رجلنا على النص.. ففي ترجمته يعترف ماركس وإنجلز بالتغيرات الكثيرة بالعكس من النص الإنجليزي الذي ينكر أي أثر لأي تغيرات مهما كانت على صحة المبادئ العامة الواردة في البيان. ويتجاهل أخونا عبارة " كما كانت دائماً " وأخبث ما في التزييف هو تجاهل النقطة بعد هذه العبارة وتحويلها إلى فاصلة كي يعتقد القارئ أنه ما زال في سياق الجملة السابقة بينما ماركس وإنجلز إنتقلا إلى فقرة جديدة لا علاقة لها بما سبقها وسمح لنفسه بأن يضيف من عنده وجوب تعديل عدد من الفقرات!! لكن ما قاله ماركس وإنجلز.." ثمة تفاصيل صغيرة هنا وهناك يمكن تحسينها". ويتطرقان إلى بعض التفاصيل من مثل أساليب تحقيق الثورة وأكدا أن الأساليب تخضع للظروف. وهنا لنا أن نتساءل.. من الذي يفتري أيها الدعيّ؟ ثم إنني على الأقل أعدتك إلى الإعتراف بصحة المبادئ الأساسية والعامة في البيان الشيوعي بعد كل التغييرات التي تحدثت عنها في مساق تهديم الماركسية!! أيجوز أن تصفني بالمفتري مع ذلك؟

اتهمني هذا الدعي أنني أبحث عن بطولة! مثل هذا الإدعاء يشي بأن شخصه قامة فكرية وعلم وأن أحد الصغار يطلق عليه النار كي يصبح مشهوراً وبطلاً. لو كان هو علماً فكرياً معروفاً لقام اتهامه للمحاكمة أما وأنه ليس كذلك ولا يكتب شيئاً مفهوماً لدى العامة ناهيك عن الخاصة فاتهامه باطل ولا يقوم لأية محاكمة. لقد ظن أنني أحاوره عندما كتبت " تكعيك أو تفكيك الماركسية " ؛ الحقيقة ليست كذلك إذ جلّ ما قصدته أن أحذّر القراء من هكذا متطفل على الماركسية. ثم وفق ما تعلمته في مدرسة آباء الماركسية والبلاشفة الأوائل هو أن أي جنوح للبطولة هو تماماً ابتعاد عن الماركسية وأنا قررت منذ زمن بعيد أن أكون ماركسياً وقد ركلت بحذائي كل عروض البطولة. حاربت وسأحارب بشدة وبفظاظة ربما دفاعاً عن منارة الماركسية التي ستقود البشرية إلى التطهر من كل مواريث الوحشية، التي منها استشعار البطولة، دون أن أتعرّف على أي قدر لشخصي خلافاً لما قام به هذا الدعي يحارب بسيف مثلوم عن قدره.

وأخيراً أقول أن ليس لدي وقت أضيعه بالرد على دعاوى هذا الدعي إلا إذا بدأ يكتب كلاما مفهوماً ذا معنى حتى وإن لم يخلُ من أخطاء لغوية معيبة!

فؤاد النمري
www.geocities.com/fuadnimri01


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف