أصداء

الحقيقة كنت مع اللواء الهارب ياتلفزيوين الحقيقة(2-2)

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الاعلام العراقي بين امنية الحل وواقع تأصيل الازمة
الحقيقة.. كنت مع اللواء الهارب ياتلفزيوين الحقيقة(2-2)

قد تكون واحدة من أهم مزايا العهد الديمقراطي الاميريكي في العراق والذي تلا إسقاط نظام صدام حسين مباشرة هو الانفلات الإعلامي المذهل والذي ظل حتى هذه الساعة يفتقر للحد الأدنى من الضوابط المهنية المرعية،، وإذا كان إنشاء محطات التلفزيون الخاصة قد تأخر قليلا فأن المئات من الصحف الحزبية الحقيقة كنت مع اللواء الهارب ياتلفزيون الحقيقة 1-2 وغير الحزبية قد غزا الشارع العراقي الذي كبلته لثلاث عقود ثقافة الحزب الواحد والرأي الواحد، مع ان هذه القاعدة كانت لا تنطبق بشكل دقيق على النخبة المثقفة في العراق التي لم تستطع السلطة إخضاعها للثقافة الواحدة دائما حيث كانت تلك النخبة تلجأ دائما إلى كسر طوق العزلة هذا بشتى الوسائل، ومع نشوء ظاهرة ثقافة المهجر بشكل كبير بعد حرب الخليج الأولى، ومع سماح النظام السابق بفتح أعداد محدودة من مقاهي الانترنيت في بغداد،مع كل الرقابة التي تخضع لها هذه المقاهي ومع تدخل السلطة بشكل مباشر في حجب بعض المواقع عن القارئ إلا ان ذلك لم يمنع من ان يصل صوت مثقفي المهجر الذين اضطروا إلى الهجرة أساسا لسخطهم من سياسات النظام وما أدت إليه من تردي الوضع ألمعاشي والاجتماعي بعد غزو الكويت وفرض الحصار الدولي على العراق وإصرار النظام على عدم إجراء تغيير في تلك السياسات لامتصاص النقمة المتفاقمة جرائها على الأقل، فان المثقف العراق في الداخل بالتزامن مع ذلك ما انفك يرتكب تمرده الموروث على السلطة بأشكال عدة ليس اقلها ما كان يعرف بثقافة الاستنساخ، حيث تولت نخبة من من هولاء المثقفين نسخ اغلب الإصدارات الممنوعة من الكتب والدوريات المتخصصة وإعادة رزمها لتوزع بحرفية عالية لثقاة المتلقين المسكونين بالتمرد هم ايضا،، بل والذي كان يثير الاستغراب أكثر من غيره أن حتى مثقفي السلطة من شعراء وكتاب كانوا هم أيضا ينهلون عوزهم للممنوع الفكري من كتب الاستنساخ تلك،، مما سمح لهذه الظاهرة ان تبقي المثقف العراقي متواصلا مع الأخر المحظور حتى سقوط النظام.

غيبت ظاهرة الانفلات الإعلامي في تلك الصحف المثقف العراقي والإعلامي العراقي عن مشهد الحرية الذي انتظره كثيرا،، ففي الوهلة الأولى اندلقت صحف الدكاكين الحزبية بكل خزين العقد والإحباط المتراكم لديها عبر عقود عدة بمشترك واحد ظل يطبع ما تبقى منها حتى الساعة آلا وهو ثقافة التحريض الانتقام، ولم يبرز إلى جانب هذه الصحف غير عدد أكثر من محدود من الصحف الصفراء التي غلبت على سوق الوراقين لأكثر من عامين بعد سقوط نظام بغداد وهي تختلق الإشاعة تلو الأخرى عن حركة أقطاب النظام السابق وعلى رأسهم صدام حسين ونجليه، ليس عبر محافظات العراق وحسب وإنما حتى عبر عواصم العالم!!! وأتذكر جيدا اني طلب مني الكتابة في واحدة منها لم أكن مبالغا إن قلت أنها كانت ذات القاعدة الأهم من القراء،، وعلى هذا حاولت أن امرر رؤاي التحليلية من خلالها إلى أن تفاجأت أن رئيس التحرير قد كتب مع سبق الإصرار والترصد اسم السيدة رايس هكذا (كوندريزا رايس)، وهو لم يكن متهكما بالطبع،فلعنت الحرية وانهزمت.

وإزاء هذين النوعيين من الصحف المحلية التي ظلت تعزف على أوتار المذهبية والقومية وتروج لثقافة الانتقام والثأر، والصحف الصفراء، سرعان ما تهاوت الصحف الرصينة التي حاولت النخبة المحترفة ثقافيا وإعلاميا من أن تجد لها موطئ قدم،، كتأكيد جلي على ان مشكلة المثقف العربي بشكل عام والمثقف العراقي بشكل خاص هو التزامه مبدأ الحياد (السلبي) في الأعم الأغلب.

وقبل أن أعرج إلى انزياح هذا المشكل الذي واكب إصدار العشرات من الصحف المحلية إلى محطات التلفزة التي توشك أن تفوق الان العدد المتبقي من تلك الصحف، لابد أن أتطرق إلى تجربتي مع صحيفة الزمان التي كنا نتوقع أن تحدث لوحدها انقلابا في المشهد الإعلامي العراقي بعد أن لم تتأخر كثيرا في إصدار طبعة بغداد إلى جانب طبعاتها الدولية، لما لها من مكانة بين أهم الصحف العربية الدولية، ولخبرة وكفاءة رئيس تحريرها الأستاذ سعد البزاز الذي أكن له شخصيا كل التقدير مع كل اختلافي المبكر معه، ومع إدراكي الكامل للفجوة الكبيرة جدا بين اسمينا على صعيد الإعلام،وأتمنى أن يتقبل ما اكتب بصدر رحب وان يأخذ مجددا مكانه الذي نتمناه كعراقيين أولا وكمثقفين ثانيا -ان جاز لي ان اصف نفسي بهذا الوصف- في قلوبنا.

ما بعد عام 2001 كنت أدير بشكل كامل صحيفة الزمن الأسبوعية وهي ثقافية منوعة،أراد لها عدي صدام حسين أن تسحب عيون القارئ العراقي عن صحيفة الزمان اللندنية التي يديرها الأستاذ البزاز،والتي كانت بحق البضاعة السرية الأكثر تهريبا لسواق طريق النقل البري،رئة العراقيين الوحيدة إلى الخارج آنذاك، طريق بغداد-عمان،ومدار بحث المعنيين بالصحافة الأهم من عراقيي الداخل، عبر شبكة الانترنيت حتى حجبها بشكل كامل من الشبكة العنكبوتية في، وحتى حجبها على الوزراء أنفسهم منتصف عام 2002،لذلك فقد انتدب لرئاسة تحريرها نخبة من الأقلام المشاكسة،فكان لافتا للنظر ان يمد رئيس التحرير الأول الصديق الشاعر جواد الحطاب جسورا مع عدد غير قليل من مثقفي المهجر لتنشر إبداعاتهم أو يكونوا مراسليها في نقل بعض عناصر المشهد الثقافي المهجري للداخل، مع ان غالبية المهجريين معروفة مسبقا مواقفهم من السلطة ومواقفها منهم، ثم ليليه الصحفي الساخر داود الفرحان الذي دغدغ أحيانا كثيرة مواطن المعارضة الكامنة لدى الشارع العراقي، في أكثر من محاولة لإفهام السلطة ان تسمع للمعارضة وان تعترف بوجودها ان أرادت البقاء وسط بحار الغليان الداخلي والخارجي المتلاطمة ضدها، ثم الدكتور محمد البكاء الذي انجرفت الصحيفة في عهده إلى الانغراق في الاكاديمية المفرطة التي لم يكن حتى المعني العراقي بمستوى من الترف الفكري لقبولها وسط أجواء تنذر بالأعاصير من كل الاتجاهات، فتراجعت مبيعاتها للحد الأدنى، واعتراف ان فخ الممنوع ظل يلاحق رؤساء التحرير الثلاث مما حد كثيرا من طموحهم وقدرتهم في تقديم المزيد،بالإضافة ان عديا في سطوته على الإعلام والرياضة كان يريد ان يأخذ فقط دون أن يعطي أي شيء، الأمر الذي ترك كافة المرافق التي كانت تحت سطوته في اشد درجات الفقر الذي حيث سكن الخوف الرهيب المصحوب بالعوز محل كل مكامن الابداع وخاصة قطاعي الرياضة والصحافة وهما الاكثر حضورا في اي شارع ما،حتى وان يكن يمتلك كل مجالات الترفيه،وليس الشارع العراقي الذي لم يكن يمتلك اي شئ.

فوجئت احد الاماسي ان يتصل بي الدكتور أيمن سبعاوي ابن الأخ غير الشقيق للرئيس العراقي السابق ويطلب مني الحضور إلى عنوان حدده لي في حي المنصور الراقي، ولم نكن قد التقينا كثيرا بعد أن انهينا الدراسة في كلية الحقوق ليخبرني نصا وبدون مقدمات ان عدي صدام حسين يريد له الفشل، ودون أن اسأل كيف، استرسل في حديثه، لقد كلفني بإدارة أكثر من نشاط رياضي، ونجحت لأني مولع بالرياضة،ويبدوا أن نجاحي قد أغاظه!!! ليكلفني بادراه صحيفة ثقافية متخصصة، ولا اعتقد إنني ممكن أن اصدر عددا واحدا،فهل تقبل مساعدتي؟ أجبته بدون تردد،اقبل بشرط أن توفر لي الحماية من غضب السلطة، أجاب وبدون تردد أيضا لا تتطرق لثلاثة وافعل ما تشاء، خمنت الثلاثة قبل أن يكمل، عدي وقصي وصدام -لم يقل السيد الرئيس آنذاك - وعبد حمود؟ سألت مستوضحا،فقال ببعض التهكم تقصد الدكتور عبد حمود،سنعمل أن نستقطبه لان الرئيس يثق به كثيرا.
لم تمض أيام قليلة حتى جمع الصحفي المشاكس أيضا مشرق علي حيدر الذي شغل منصب مدير التحرير لأربعة أشهر، وأقيل لخلاف مع رئيس التحرير بعدها، النخبة المطلوبة للغرض بكل حرفية.

لقد تجاوزت الزمن الخطوط الحمراء غير مرة، ويتذكر كادر الصحيفة إنني كنت بعد كل إصدار اختفي ليومين خشية أن يقع ما لم يكن بالحسبان،، فبعد فترة وجيزة من الإصدار فتح الشاعر المجنون وجيه عباس ملف عن شاعر العرب الأكبر محمد مهدي ألجواهري وكان من الجرم المعاقب عليه حتى في مقاهي الأدباء الخاصة ان يذكر اسمه، وكان تعقبه مع صباح علال التحقيقات الحكومية في مقتل الشاعر محمود البريكان مستفيدا من مهنته السابقة كمحقق جنائي خطا فاق كل الخطوط الحمراء، الأمر الذي استدعى ان تطلب منا وزارة العدل إغلاق ملفاتنا،وهو ما لم نقبله لان وزير العدل منذر الشاوي،وقد استهوته مشاكساتنا فصار واحدا من كتابنا باسم مستعار !! لم يكن من الثلاثة المعصومين عندنا بأمر رئيس التحرير!! من ثم ليصفع شيخ المحررين الثقافيين ناظم السعود السلطة جراء إهمالها للنخبة المثقفة التي كانت طبقة العوز الأكبر في العراق، في تحقيقه الصحفي المدوي، أدب الفنادق وأدب الخنادق.

منسربا من كل الضغط الهائل حتى إقصائي ورئيس التحرير الذي عزل عن كل مناصبه الرياضة بامر ابن عمه اللدود عدي صدام حسين،محملا بأرق مر لانتظاري قبل عام أو يزيد اكتمال نتائج التحقيق بحقي بتهمة اختلاس أموال الصحيفة التي لم يقدم لها عدي فلسا احمر!!! وإصدار قراره العادل بحقي!!! الأمر الذي أسعفتني فيه مع بالغ الأسف دبابات المارينز وهي تدوس أضلع حبيبتي بغداد،، توجهت إلى مقر جريدة الزمان لأحظى بشرف الكتابة في الصحيفة التي حاولت أن أتحدى انتشارها في الداخل العراقي مما كاد ان يضعني في احد أقبية (فدائيي صدام ) ميلشيا عدي الخاصة الخارجة عن كل سطوة للقانون والدولة حتى، مثل عشرات من مليشيات الساعة التي اتهمت قناة الشرقية صديقي اللواء احمد طه أبو رغيف برعايتها لحساب دولة مجاورة أسمتها بالاسم!!.

كانت الزمان آنذاك تعزف الحان الغزل الجارف على الوتر الاميريكي،وهو ما امكن للقارئ ان يلاحظه القارئ دون ان يحمل أوراقه مثلي إلى مقر الصحيفة، ليبلغه كادر مكتب بغداد ان أوامر الأستاذ البزاز تقضي بعدم التعرض للأصدقاء المحررين !! والتمس العذر للأستاذ سعد البزاز أمام حمى توزيع كراسي السلطة الشاغرة التي كان يسيل لها لعاب الجميع بلا استثناء،، خاصة ان الجميع هنا كان يتداول ان منصب وزير الثقافة والإعلام أو واحد منهما ان ابقي على الفصل الذي سنه صدام حسين بينهما في السنوات الأخيرة لحكمه،ستكون من نصيبه، لكني كغيري الكثير لم نخفي دهشتنا من ان لم يستثمر الأستاذ البزاز تجربته اللندنية وخبرته الصحفية الكبيرة في التأسيس لمشروع إعلامي وطني حر غاب عن المشهد الإعلامي العراقي حتى الساعة، وكان الأكثر إمكانية للتصدي لمثل هذا المشروع.
أتذكر حين نشرت لي صحيفة الزمان تحقيقا صحفيا عن الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلين العراقيين في سجون الاحتلال الاميريكي عام 2005،عبر عينة واحد هي معتقل واحد تحت إشراف الجيش الاميريكي ووزارة العدل العراقية في حي الكاظمية، وكيف اني وجدت المعتقلين يعانون من الجرب في شهر شباط، الشهر الأكثر بردا في العراق، وكيف انهم كانوا يرتدون قمصان السجن الصيفية في عز البرد القارس، ان بعضهم بلا أغطية أو فرش تقيهم صقيع البلاط، ومع إن جهودي في دخول سجن أبي غريب الشهير قبل أن يصبح شهيرا،بحجم الفضيحة، قد باءت بالفشل رغم تنكري بهوية المحاماة التي امتهنها، الامر الذي عوضته بعشرات القصص للخارجين من خلف قضبان ذلك المعتقل الرهيب، وكيف ان مكتب الصحيفة في بغداد أعلمني ان التحقيق أرسل للقوات الأمريكية للتأكد من محتواه !! ولم ينشر إلا بعد أن تم حذف نصف هذا المحتوى،، وكان رد الناطق باسم القوات متعددة الجنسيات علاء الصدر في ذلك الوقت جاهزا لتكذيب التحقيق جملة وتفصيلا وكذلك الناطق باسم وزارة العدل العراقية في حينه وبلهجة شديدة، وكم كانت تلوكني الحسرات حين أماط الإعلام الاميريكي الحر عن تلك الانتهاكات المشينة، في الوقت الذي ننغرق بالنفعية والشخصانية الضيقة، وكنا ولانزال نخوض المعترك الأشد لبقائنا كشعب عريق وكدولة أسست تاريخ الدولة قبل كل الدول، وبالطبع لم اخف هذه الحسرة في مقر الصحيفة في بغداد حين اتصلوا بي لتلتقي بي صحفية نمساوية أو سويسرية،لا اتذكر،حضرت إلى مقر الصحيفة باعتبارها أول من -نوه- عن تلك الانتهاكات التي كشفها الإعلام الغربي الحر لاحقا.

كانت مأساة المواطن العراقي الذي أريد له دائما أن يعيش حالة البنوة القاصرة مسحورا في مغارة علي بابا والأربعين حرامي حتى في عصره الديمقراطي، من الدكاكين الفضائية اكبر بكثير من مأساته من صحف الديمقراطية ليضيع في التغريبة الثانية من موجتي إعلام الديمقراطية المنفلت،حيث يطل عليه منها كل ساعة عشرات المتنطعين بالدم العراقي اغلبهك من انصاف الاميين لا انصاف المتعلمين هذه المرة،وبغياب أي ضابط مهني يعوض غياب الضابط الأخلاقي على الأقل،وما يثير العجب والدهشة في آن، إن الكثير من القنوات الفضائية العراقية التي تبث من الملاذات الآمنة من شتى إرجاء المعمورة تخضع خضوعا مذلا لقوانين الدول التي تبث منها، بل وان اغلبها يخضع للتوجهات الإعلامية لتلك الدول دون أن تقف مع الإنسان العراقي المحكوم على ما يبدوا بالبنوة والقصر المزمن لإباء مؤسسين يتبادلون ادوار الأبوة عليه عنوة في كل الأزمان، تتزامن هذه الظاهرة مع عجز المؤسسة الرسمية العراقية(شبكة الإعلام العراقي) التي أسست لئلا تكون شبكة رسمية حتى،في أن تكون قناة لكل العراقيين، حتى الشركاء الثقاة في الائتلاف الحاكم، وكان اقل ما يمكن أن توصم به أنها بوق كل من تولى منصب رئيس الوزراء بدأ من الدكتور إياد علاوي..
وأيضا سأستميحكم العذر في تجربتي مع احد هذه الدكاكين الفضائية التي اقترحت إنشاءها على احد القادة السياسين ممن كنت أثق بخاطبهم الوطني،وبعد مرور عام ونصف من المراوحة في نفس المكان لإنشاء هذه القناة وصولا للدعم المرتجى، مع ان صاحبنا لايحتاج هذا الدعم أصلا لما من الله عليه من ملك لايبلى حتى قرن من الان !!، تم استدعائي للعاصمة الأردنية عمان، ومع اني كان يقززني موضوع الدعم الذي أوقفني وأوقفهم عام ونصف على منصة انتظار (غودو)،لم أجد صامويل بيكيت بانتظاري وإنما مدير عام فضائي،لم يفوت فرصة لإخباري تجربته الناجحة لإدارة ورشة لتصليح السيارات،وكيف انه لابد أن يستثمر ذلك النجاح في إنجاح هذه الفضائية،حتى لعنت أنانيتي ووصوليتي في القبول بهذا العمل، رغم اني كنت ابرر لنفسي ان غايتي المشروعة في ان أتكلم بلسان عراقي فصيح خارج أسوار حبيبتي المدججة بالقتلة -بغداد- بررت لي وسيلة العمل تحت إمرة ميكانيكي السيارات الناجح الذي يتكلم عن تجربته في إدارة الورشة وانتظار مزيد من الدعم ابدا، حتى رضيت من الغنيمة بالاياب،، فعدت أدراجي صوب بغداد بعد ان قص رقباء الميكانيكي -المدير العام- الأكثر وصولية مني، لساني العراقي الفصيح، في كل حلقة من البرنامج الذي كنت أعده وأقدمه، لأنه في الغالب يساهم في حجب الدعم الذي كانت تتكفه القناة هي الأخرى، لأعود بنصف حقائبي التي طارت معي من بغداد استعدادا لشتاء عمان القارص،حيث كان الصيف بانتظاري.

مثلما انتظر العراقيون زمان البزاز انتظروا شرقيته،واستطاعت بالفعل لعام ونصف ان تكون قناة كل العراقيين لكن العراقيين الذين لم يكونوا بحاجة إلى أكثر من عراقي يقف في نقطة المنتصف بينهم جميعا،أساءهم أن تنجرف قناة الشرقية طائفيا لأي سبب من الأسباب وهي لا تحتاج المال الخليجي السائب، ولتغضب الحكومة أن تعرّض الشرقية للمليشيات التي تصمها بالمعروفة، في ارتكاب جرائم القتل والتهجير الطائفي، ولكن أليس من حق المواطن العراقي الجنوبي إن يتساءل لم لا تعرضّ بمليشيات أخرى تشرب دماء السائرين إلى الحسين،زلفى لله أن يخرجهم من كابوس الدم هذا،ثم ما حاجة الشرقية إلى أن تضع نفسها على قائمة دعم المنظمات الخيرية بالتشهير المتعمد لبعض المعوزين الذين أجبرهم واقع المأساة إن يضعوا فلذات أكبادهم تحت كاميرات البزاز ومشارط الأطباء معا، والأمر برمته لا يتعدى دعم المنظمات الخيرية الدولية ودفاعي الضرائب في الغرب الإنساني في تحويل ضرائبهم لهذا الغرض حقيقة، أو مشاركة حسب الاتفاق في اهم وسائل التهرب الضريبي بطريق غسيل الضرائب بحجة التبرع بها للمنظمات الخيرية والانسانية،حيث تعاد مجددا للمكلف المتبرع بعد اختصام عمولة الغسيل التي لاتقل على النصف، والمؤسف جدا ان هذه الوسيلة صارت تجارة العشرات من الفضائيات المهجرية العربية الطنانة الرنانة لنشر الديمقراطية في ربوع اوطان المشرفين عليها.

وان بعض الضن إثم، وان للحكومة العراقية أكثر من أربعين مليارا من فائض الميزانية، فهل تبادر بتخصيص مليار واحد منها فقط، لمعالجة الحالات المرضية المعقدة لمواطنيها التي تتطلب علاجا خارج العراق بعيدا عن كاميرات البزاز،ولو من ضحايا العنف الطائفي والمفخخات ولو تكفيرا عن عجزها عن ضمان امنهم وحمايتهم؟

ربما قد يكون هذان الجزءان من مقالي مقدمة طويلة لسرد قصة اللواء الهارب، ولكني سأعترف اني كنت بحاجة إلى أن اختزل الكثير من مشاعري حيال الواقع السياسي وحيال دور الإعلامي العراقي في تعقيد المشكل الوطني عبر بث سموم الفرقة وشحن الشارع العراقي بالخطاب الطائفي الذي اثبت بعد ثلاث سنوات من انهار الدم انه سيأتي على الأخضر واليابس وسيطال كل مروجيه الذين يحسبون أنفسهم محصنين عنه، وليت تجربة توحد كل دكاكين الفضاء حتى عالية السمية منها في مشاركة العراقيين جميعا فرحتهم بفوز رسل محبتهم بالفوز بذهبية أبطال آسيا بكرة القدم -لغة العولمة الأولى- تكون حافزهم الأول لذلك.

ثم اني وقبل ان اسرد قصة اللواء الهارب وما فبركته دكاكين الفضاء ومنها الشرقية للأسف الشديد، أجدني مطالبا الحكومة ان تعمل ما بوسعها لتكون شبكة الإعلام العراقي بكل قنواتها الإعلامية ملكا لجميع طوائف الشعب العراقي، حتى وان عزفت الشبكة على غير أوتار الحكومة، من جهة وتفعيل ميثاق الشرف الإعلامي ولو اضطرت إلى الاستعانة بخبراء دوليين محايدين لتينك الغايتين معا،ثم الانفتاح على جميع الدول العربية وغير العربية التي تبث منها القنوات العراقية والمعنية بالعراق،لحجب كل ما من شأنه ان يساهم في سفك الدم العراقي،حتى لو دفعت جهدها الدبلوماسي وآراء الخبراء المحايدين صوب أبواب الأمم المتحدة بجمعيتها العامة ومجالسها المتخصصة، فأن الذي يحدث في العراق يوميا هو مسلسل لاينتهي من الجرائم ضد الإنسانية التي تكرر كل يوم.بكل معنى الكلمة، وليت اختيار الخبراء يجري من الأمم المتحدة ذاتها، على أن تدفع الدولة العراقية أجورهم، مثلما تحملت أجور خبراء نزع أسلحة الدمار الشامل غير الموجودة أصلا سنوات عدة.

قبل ان انشر الجزء الأول من مقالي هذا عبر إيلاف اتصل بي الصديق اللواء احمد طه أبو رغيف، طالبا مني التدخل لدى شخص ما لإيقاف (التايتل) الذي ظلت تكرره قناة بغداد الفضائية التي أسسها الحزب الإسلامي العراقي وأشاع ملكيتها إجلالا لكارل ماركس العظيم وتصديا لهجمات الفرات وأخواتها من الفضائيات ضد أهل، السنة بين أحزاب جبهة التوافق، والذي تعلن فيه مداهمة مسكن اللواء بتهمة تورطه في دعم خلايا فرق الموت التابعة للحرس الثوري الإيراني، اوهكذا اخبرني اللواء ولا ادري نص التايتل الذي لم اطلع عليه، حيث انهمكت في ان اتصل بصديقي الدكتور سليم عبدالله الذي أكن له كل التقدير لوسطيته واعتداله،وبالطبع فأن علاقتي بالنائب الدكتور سليم تعود إلى أيام كلية الحقوق أيضا، ومشاركتنا أيام البؤس الطلابي في الأقسام الداخلية وشقق العمالة المصرية التي تركوها بعد تدهور الحال الاقتصادي نهاية الثمانينيات وبداية التسعينات،وقرار الدولة -الحكيم- في إلغاء الأقسام الداخلية لطلبة المحافظات، وليس لأني توافقيا أو ميالا للتوافق،حيث أرى نفسي أقف على نفس المسافة من معارضة الجميع إلى إن تحقن أخر قطرة دم عراقي،أرى المكونات السياسية هي العامل الاساس في إراقتها وأيا كان ذلك المكون،بعد اقل من نصف ساعة اخبرني الدكتور سليم عبدالله ان القناة وقد انتقلت إلى العاصمة الأردنية بعد تفجير مقرها في بغداد بسيارة مفخخة واستشهاد مديرها العام، سوف توقف بث التياتل، لكنها لن تنفي الخبر، مع ان الدكتور سليم قد اتصل باللواء شخصيا واستمع لنفيه للخبر وقصة هروبه!!! ولا أجد مبررا لسياسية القناة في ألا تنفي خبرا كاذبا قامت بترويجه، وكيف تجد نفسها أمام شرف المهنة ومصداقية الطرح وأمانة المسؤولية، واحسب القناة التي لم أتشرف بمشاهدتها تدعي ذلك حتما كما تدعيه غيرها.

وإذا كانت قناة بغداد هي دكان فضائي سياسي، ولهذا لا أشاهدها ولا أشاهد أخواتها في الرضاعة الحزبية على اختلاف اتجاهاتها المتناحرة، فأن قناة الشرقية وهي تدار من كادر محترف إعلاميا بما يفوق كل القنوات العراقية وبضمنها حتى الرسمية العراقية قد أعادت نفس التايتل بعد ثلاثة أيام،وكعادته اتصل بي اللواء المذكور الذي تعود علاقتي به إلى سنوات بعيدة،واعرف جيدا انه أكاديمي محترف، وعراقي أصيل يستحق من جهة الكفاءة والانتماء لعراقيته قبل كل شئ منصبه وأكثر، وبعد ذلك لا احسب ان من يحمل سجيته الخلقية وحرصه على أداء مهام عمله في أحرج الظروف الأمنية المعقدة والتدخل السياسي في كل مفاصل الدولة للحد الذي قوض الدولة ذاتها وزرع دولا عدة داخل الدولة الواحدة طبقا لاتجاه الوزير السياسي وبطانته، هذا حتى قبل ان يلي وزارة الداخلية السيد جواد البولاني الوزير الأكثر سعيا لإبعاد وزارته عن سطوة الجهات السياسية من كل الوزراء الذين سبقوه، وليس أدل على ذلك من الإعداد الكبيرة من العناصر التي أبعدها من وزارة الداخلية من عناصر المليشيات والمفاصل المرتبطة بالخارج.

ليس ثمة ما هو أسهل من عمل المعارضة، فهي لاتحتاج إلى أكثر من الرفض والتنديد بكل عمل الحكومة، على الأقل هذا هو كل عملها في العالم الثالث حيث لا تحتاج المعارضة غير ملاذ امن تطلق منه أكوام التصريحات والتنديدات تلك، ولكننا في العراق وبحكم سعينا للخلاص من الواقع المر فأننا بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى الإشادة بكل جهد يدفع بهذا الاتجاه من أي كان قد صدر، ولهذا وليس لغيره أشدت باللواء الصديق ووزيره، مع إني لا أزال أصنف نفسي بإصرار في خانة المعارضة، مع إن إمام السيد الوزير واللواء الصديق طريقا طويلا لجعل الموطن العراقي يثق بالسيارات الزرقاء لا أن يقرأ كل المعوذات حين يمر قريبا منها ا وان تمر قريبا منه، حيث ارتكبت اكبر جرائم القتل والخطف والسطو المسلح على البنوك بهذه السيارات والقائمة تطول.

قرأت تايتل الشرقية، اتصلت من فوري بأحد الزملاء العاملين بالقناة، وقلت له إن الخبر غير صحيح واني متوجه إلى مقر الوزارة بعد نصف ساعة وسأكون في مكتب اللواء وأرجو تأمين اتصال بمقر القناة العام بدبي، لان الذي يسم نفسه بالوطنية عليه أن يدعم الوطنيين في الدولة العراقية بعيدا عن الصراع السياسي لان العراق والإنسان العراقي أحوج ما يكون إليهم، اتصل بي صديقي وأنا في الطريق واخبرني ان أكثر من جهة اتصلت بهم أيضا وأخبرتهم بذلك وانهم يحاولون الاتصال به، وبالفعل حين وصلت وجدت ان قناة الشرقية قد اتصلت باللواء من مقرها من دبي، وان الشخص المتصل قد طلب منه تصريحا حول الخبر لإيقاف بث التايتل، ولكن اللواء اخبره ان الناطق باسم الوزارة قد نفى الخبر رسميا وبمكانهم تداول هذا النفي بدل الخبر السابق وانتهى الاتصال، لكن قناة الحقيقة بعد ذلك ظلت تكرر الخبر إلى اليوم التالي.

فأين شرف الكلمة ياقناة الحقيقة، وأين الحقيقة وقد جرفكم تيار المد الطائفي لتشوهوا الحقيقة وتحرمونا ممن تبقى ليضمن لنا البقاء في هذا الوطن الجريح حيث تتقاذفنا أمواج المد والجزر السياسي بين الإخوة الأعداء، أقطاب حكومة الوحدة الوطنية، أمد الله في عمرها ووحدتها ووطنيتها.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خارج المتن: حين توجهي برفقة حماية السيد اللواء وبأحد سياراته الحكومية إلى مقر الوزارة وقبل حظر التجول المفروض في بغداد اعتبارا من الساعة الحادية عشرة مساءا، وحيث يخلو الشارع من المارة والسيارات قبل الساعة الثامنة مساءا، وعل بعد أمتار من الوزارة استوقفتنا احد نقاط التفتيش الحكومية، وطلبت باجات وهويات كل من كان في العجلة الحكومية الزرقاء، وحيث لم أكن احمل أيا منها تساءل رجل الأمن الواقف في نقطة التفتيش من السائق بكلمة واحدة نطقها مستفهما ( غنائم ) وبعد مغادرتنا نقطة التفتيش عرفت من السائق إن كلمة الغنائم، هي غنائم الحرب،ومع إني اعرف ان معنى الغنائم هو غير معنى الأسرى، إلا انها تعني هنا الأبرياء الذين تلتقطهم العناصر الإجرامية التي تخترق مؤسسات الدولة لغرض تصفيتهم أو لغرض طلب الفدية

alsumydai68@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف