كتَّاب إيلاف

هل سيصبح العراق بطل العرب في الديمقراطية؟؟..

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

بعد تتويج فريقه بطلا لآسيا
هل سيصبح العراق بطل العرب في الديمقراطية؟؟..

لست شغوفا بالرياضة الى درجة الهوس، ولكني أتابع منذ سنوات طويلة المباراة النهائية لكرة القدم في البطولات القارية والعالمية، ففي كل دورة من الألعاب الرياضية خصوصا كرة القدم تشدني فقط المباراة النهائية الى التلفزيون، فبي من هموم الدنيا والوطن ما يغنيني عن الهوس بالرياضة أو غيرها من الهوايات التي يمارسها الآخرون، خصوصا وأنني كاتب أساير الأحداث من حولي وأريد أن أساهم في التعبير عن معاناة شعبي بالكتابة كلما سنحت الفرصة في أيامي..
وإعتدت في كل البطولات الرياضية أن أشجع منتخب مدينتي إذا كانت البطولة على مستوى الجمهورية، وأن أشجع فريقنا الوطني إذا كانت البطولة عربية أو قارية أو عالمية، وفي حال عدم وجود منتخبنا الوطني في تلك البطولات، فسأشجع المنتخبات العربية،وما عدا ذلك فليذهب الجميع الى الجحيم!.
قد يفسر قولي هذا بالتعصب العنصري أو التشبث بالفكر المناطقي، ولكن هذا هو حالي بصدق، لا أستطيع المراوغة أو التدليس والكذب في إظهار مشاعري..
المهم، لقد إمتلأت بنشوة عارمة وبأحاسيس فياضة جياشة وأنا أرى يوم الأحد الماضي تلك الألوف من شباب مدينتي الذين خرجوا عن بكرة أبيهم الى شوارع أربيل والسليمانية ودهوك وهم يرقصون فرحا على أنغام الدبكة الكردية بفوز منتخبنا الوطني بكأس آسيا.. لقد كانت بحق مناسبة تاريخية وفرصة نادرة أن يصل العراق الى بطولة قارية بهذا المستوى الرائع لفريقه، الذي تكاد تشكيلة هذا الفريق أن تكون الفسحة الوحيدة في عراق اليوم للتعبير عن الوحدة الوطنية للشعب العراقي. فالفريق جسد بحق معاني الوحدة الوطنية العراقية بأبهى صورها..
وعلى الرغم من تقديري لكل أعضاء الفريق والأداء الفردي لكل منهم، لكني أعتقد أنه لولا تمسكهم بروح الفريق الواحد التي غلبت على الجميع من دون إستثناء، لما إستطاعوا أن يحققوا ذلك المستوى العالي والراقي من الأداء، وهذه نقطة قد لاحظتها منذ فترة طويلة وأنا أتابع مباريات هذا الفريق الرائع، لكنها تجسدت بشكل أكبر خلال الفترة الأخيرة رغم تعاظم جراحات الوطن..
كان أداء الفريق الرياضي رائعا ومبهرا الى درجة غير معقولة، خصوصا عندما نقارنه بأداء السياسيين العراقيين ومنتخباتهم السياسية التي تخوض معارك طاحنة في الساحة العراقية؟!!. ويكفي أن أقول، أن كل فرد في المنتخب العراقي يحق له أن يكون أستاذا لرئيس كتلة برلمانية أو حزب سياسي عراقي يعلمه أصول اللعب النظيف والتنافس الشريف مع أشقائه على الساحة والميدان، فالفوز في النهاية هو للفريق المثابر الذي يمارس اللعبة ضمن إطار التنافس الشريف والإلتزام بأصول اللعب النظيف، والقلوب ستفرح والحناجر ستصدح للفريق الفائز على شرط أن يكون مستواه راقيا وأدائه نظيفا بعيدا عن اللجوء الى العنف الذي سيكون نتيجته الحتمية الطرد من الملعب ببطاقة حمراء قد يعقبه التوقيف أو الحرمان من اللعب..
وأنا أكتب هذا المقال لأول مرة بإسلوب رياضي خطر لي أن أقارن بين المنتخب الوطني الرياضي لكرة القدم في العراق، وبين المنتخب اللاوطني السياسي في العراق..
فمع التمني بأن يستوعب ساستنا العراقيون الدروس التي خرج بها منتخبنا الوطني الرياضي، والدعوات التي أطلقت هنا وهناك للساسة العراقيين للتشبه بالمنتخب الوطني، أضم صوتي الى جميع هؤلاء، وأتخيل وأحلم بإنصلاح حال ساستنا وبتغير مواقفهم بعضهم ضد بعض لكي يتمكنوا من التعايش فيما بينهم بسلام ووئام كما المنتخب العراقي، فالفوز لا يحققه فريق منقسم على ذاته تأكله الأحقاد والضغائن، بل يحققه روح الفريق الواحد..
كم كان رائعا ذلك المشهد الذي رأيته في التلفزيون فور إنتهاء المباراة النهائية عندما هنأ أحد أعضاء الفريق العراقي زميله اللاعب الكردي هاوار ملا محمد بالفوز البديع، فيقينا أن ذلك اللاعب العراقي لم يكن يعرف التحدث إليه باللغة الكردية، ولكن هاوار كان يعرف ويفهم اللغة العربية، فكانت بينهما لغة مشتركة يتفاهمون بها ضمن الفريق.. فليس عيبا أن لا يفهم اللاعب العراقي اللغة الكردية، كما ليس عارا على اللاعب الكردي أن يتحدث اللغة العربية كما قد يتصور بعض الشوفينيين والقومجية من العرب والكرد، فهناك فريق يجمع بين الكردي والعربي والتركماني والآشوري والصابئي واليزيدي هو فريق (العراق).
بالمناسبة أود في هذا المقال أن أصحح اسم لاعبنا العظيم هاوار ملا محمد، فكثيرا ما أسمع المعلقين الرياضيين وهم ينادونه بـ(هوار)، فهو بالأصل (هاوار) وليس (هوار) مختصرا، ويعني الأسم باللغة الكردية (الصرخة)، فأرجو التصحيح وقد إقتضى التنويه..
كم يكون رائعا لو تشكل فريق من الساسة العراقيين بمستوى فريقهم الرياضي لخوض المباراة النهائية في بطولة العرب للفوز بكأس الديمقراطية في المنطقة،خصوصا وأن الطرف الآخر قد شكل فريقه لمعاداة الديمقراطية، وأن مباراة فعلية قد بدأت على الساحة بين الفريقين، فأنا على يقين أن الفوز سيكون حليف فريقنا السياسي العراقي فيما لو توحدت الجهود وتصافت القلوب وتطهرت من الأحقاد والضغائن، وحلت روح الفريق الواحد على ذلك المنتخب للتصميم على الفوز بذلك الكأس.
وأتخيل أن يتشكل هذا المنتخب الوطني الرائع من كل أطياف الشعب العراقي من دون إستثناء وعلى الشكل التالي:
- خط الهجوم للسنة والشيعة لقوة لياقتهم البدنية وخبرتهم على الساحة السياسية، وخبرتهم في مشاغلة الفريق الآخر ثم الإنقضاض على الهدف.
- خط الوسط للأكراد لقدرتهم على مساندة خطي الهجوم والدفاع، فقد أثبتوا خلال السنوات الماضية قدرتهم على التعامل مع الخطين بشكل متساو وبحياد تام للحفاظ على خصوصيتهم المتميزة..
- خط الدفاع للتركمان والآشوريين والكلدان والصابئة واليزيديين والفيليين والشبك، لأن هؤلاء مجتمعين هم مادة الديمقراطية،ووجودهم ضمن الفريق هو أساس الديمقراطية، لذلك هم أقدر على الدفاع عن فريقهم من غيرهم.
- أما حراسة المرمى فيجب أن تكون لضحايا الأنظمة الفاشية والدكتاتورية المتعاقبة على العراق، فهم أولى من غيرهم على حراسة مرمى بلدهم من هجمات الفريق الآخر،لأن أي هدف يسجله الفريق الخصم يعني خسارة أبدية للعراق..
فهل آن الأوان ليسعى ساسة العراق الى إعادة رص صفوفهم وتشكيل هذا الفريق الرائع ليسجل أعظم فوز في تاريخ العراق والمنطقة ضد الفريق المعادي للديمقراطية ؟؟. أم سيبقون على حالهم من الجمود والضعف والهوان تتناطحهم الخلافات والإنقسامات فتعجزهم عن المشاركة في أية مباراة ديمقراطية ومواجهة الفرق الأخرى للأعداء المتربصين بهم في الساحة ؟؟!.
هذا حلم تخيلته وأنا مبهور بذلك الفوز الكبير لأعظم منتخب رياضي ولد من رحم المعاناة العراقية، فهل سيتحقق الحلم الأكبر بالفوز بكأس الديمقراطية؟؟..
هذا حلم سنظل نتعلق به الى الأبد..
sherzadshekhani@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف