حدثنا فلان عن فلان عن فلان….
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بدأ الناس يصعدون الى عربة فى القطار السريع فى احدى المحطات الألمانية. وجلس المسافرون فى الأماكن المخصصة لهم.صعد الى العربة شخص تبدو عليه الملامح الشرقية، وتابعته عيون الركاب لحين جلوسه.وكانت هناك فكرة مشتركة بين الركاب وهى: ربما كان هذا الشخص ارهابيا فيحصل لهم مثل ما حصل للقطار فى لندن. تحرك القطارواستقر الركاب فى أماكنهم، ونسوا الشخص ذو الملامح الشرقية، ثم انتبهوا اليه مرة اخرى عندما نهض من مكانه ودخل الحمام. و بعد فترة قصيرة لاحظ راكب يجلس قرب الحمام ان دخانا ينبعث من أسفل باب الحمام، فقال للجالس بجنبه ان الشرقي يدخن فى الحمام مخالفا بذلك التعليمات التى تمنع التدخين فى تلك العربة من القطار.
سمع الشخص الجالس خلفهما جزأ من الحديث فقال لصاحبه ان دخانا ينبعث من الحمام، فضحك صاحبه وقال مازحا:ربما ان الشرقي يحاول تفجير قنبلة. وسمع الجالس خلفهما كلمة (قنبلة) فارتعب وصاح بصوت عال سمعه الجميع ان هناك قنبلة فى الحمام على وشك الانفجار. أصاب الذعر الركاب ونهض أحدهم وسحب سلسلة الانذار فتوقف القطار فجأة واندفع الناس الى الأمام واشتد الرعب بينهم، وعلا صراخ النسوة والأطفال، وساد الهرج والمرج، وحاول بعضهم كسر نوافذ العربة للهروب منها، وفجأة فتح باب الحمام وخرج منه الشرقي وهو ينظر بحيرة ودهشة الى الحاضرين الذين صمتوا وكأن على رؤوسهم الطير، وعادوا الى مقاعدهم تعلوهم حمرة الخجل.
تذكرت هذه القصة وأنا أطالع كتابا دينيا وقد تهت بين صفحاته التى تربوا على المائتين، ولو حذفنا عبارة:حدثنا فلان عن فلان عن فلانhellip;لكان عدد صفحات الكتاب لا يزيد على العشرين. وضعت الكتاب جانبا وانا افكر فيما يشغلنا فى معظم أوقاتنا من أمور الدين والأولين و نقرأ كتبا مثل هذا الكتاب وقد سطر فيها مِؤلفوها عشرات الألوف من الأحاديث الدينية، والقصص الخرافية، والبعض يصدقها بدون تفكير او مناقشة، بل يرفض ان يناقشه فيها كائنا من كان لأن المحدث الفلاني ثقة لا يرتقى اليه شك. ومثل هذه الكتب رائجة جدا فى البلدان العربية، والمطبوع منها يزيد آلاف المرات على الكتب العلمية والأدبية والفنية والثقافية، ويحقق مؤلفوها وناشروها وباعتها المبالغ الطائلة، بينما فائدة معظمها تكاد تكون معدومة بل مضرة فى كثير من الأحيان.
فى عصر الكومبيوتر الذى نعيشه والتكنولوجياالمذهلة ووسائل الاتصال السريعة، تحدث أخطاء وتمرر أكاذيب، فكيف نصدق بأحاديث الأولين اذا كنا نشك بالمعاصرين؟