مؤتمر السلام القادم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
سيفشل.. إذا تبنت واشنطن فقط مطالب الأمن الاسرائيلية..
الاجواء الاقليمية والعالمية التى عقد ضمن فاعلياتها ونتائجها مؤتمر اوسلو للسلام ليست هي نفس الاجواء التى سيعقد ضمن أجوائها مؤتمر نوفمبر القادم، فامريكا علي وجه التحديد ليس لها رصيد يُعتد به في المنطقة إلا إذا اعتبرت ان صفقات السلاح الذى وعدت بتقديمها يعتبر نوعاً من الانجاز الذي يجب ان تكافأ عليه.. والراعي الثاني للسلام يقف اليوم على وجه التحديد على النقيض بنسبة عالية من كافة السياسات الامريكية فى الشرق الاوسط وفي اوربا.. وحتى عوامل التخويف من سلاح طهران النووى وتمدد نفوذها السياسي في المنطقة لا تكفي لكي تصنع سلاما وفق المقاييس الاسرائيلية / الامريكية..
الولايات المتحدة الامريكية تستغل عوامل التمزق والشرذمة التى تفرض نفسها على الساحة العربية كما تستثمر نتائج هيمنتها التى اوقعت غالبية انظمة الحكم القائمة بين ظهرانيها فى احبولة إملاءاتها بسبب حاجتهم الى معوناتها، ليس لتحقيق نتائج ايجابية لحل النزاع العربي الاسرائيلي ولكن لانقاذ سمعة رئيسها الحالي قبل ان يغادر البيت الابيض نهائيا مشيعا بذيول الخيبة المريرة بعد ان فشل على مدى ثمان سنوات فى ان يحقق وعدا واحدا من بين عشرات الوعود التى وعدت بها إدارته السنية:
فلا هو انتصر على الارهاب العالمي والقي القبض علي بن لادن.. ولا وضع حدا للهجمات المتطرفة التى اتسع مجالها في انحاء كثيرة من العالم.. ولا اعطي لأنظمة الحكم العربية نموذجا " عراقيا للديموقراطية " يحتذى به.. ولا وقف وراء الاصلاحات السياسية والإقتصادية حتى تتحقق.. ولا ارسي قواعد الامن والاستقرار فى افغانستان.. ولا حرر الشعوب المتضطهدة من الطغاه والديكتاتوريين.. ولا صان حقوق الانسان على مستوى العالم..
الادارة الامريكية برئاسة جورج دبليو بوش الإبن فشلت فى كل مكان دخلت اليه عن طريق الغزو والاحتلال سواء كان افغانستان او العراق ولم تتمكن من فرض ارادتها على ابنائه ولم ترض الجيران الاقربون والابعدون.. وفشلت ايضا في تقديم حلول واقعية وملموسة حيال كل قضية تدخلت فيها سواء كانت الصومال او كوريا او لبنان او كوسوفو.. ولم توفق في تجنيد غالبية انظمة الحكم في امريكا اللاتينية لخدمة مصالحها علي مستوى المنطقة او على حدودها.. ولم تهزم الصين لا في عقر دارها ولا على مستوى نهضتها الاقتصادية ولا فيما يتعلق بميزانها التجارى الذى يميل منذ اكثر من عشر سنوات لصالح بكين..
لذلك اختار فريق مستشاريها ومديري مؤسسات التفكير العاملة في خدمتها ورقة واحدة من ملف الصراع العربي الاسرائيلى ونقصد بها الورقة " الفلسطينية " لكي يمرروا من خلالها معبرا يُحسن بعض الشئ من النهايات السيئة التى تنتظر الرئيس الامريكة عندما يخرج من البيت الابيض بعد حوالى عام ونصف من الآن.. معبرا تغازل به ادارته من الآن وحتى نوفمبر القادم ما يوصف بانه " انظمة حكم عربية معتدلة " لكي يساهموا عملياً في انقاذ ماء وجهها فى العراق ولبنان وربما فى افغانستان ويشاركوا معها فى محاصرة ايران مقابل تعهدها " بفتح الباب " امام مؤشرات حل لهذه الورقة يبدو عند بلورته انه قادر على ارضا ء هذه المجموعة من الدول وعلي تحسين صورتها هي الاخرى بين شعوبها !!..
الادارة الامريكية بوضعها الحالي المحاصر بين ضغوط دولية قادرة على تشتيت جهودها في مختلف انحاء العالم وبين ضغوط داخلية تمثلها هيئتها التشريعية التى تناصبها العداء الصريح خصوصا فى العراق، تسعي بكل جهدها لكي:
1 - تحصل على تهدئة فوق ارض العراق ليس فقط لصالح قواتها التى بدأت تعاني من تعاظم الفاقد البشري والخسارة العسكرية، ولكن لصالح نظام الحكم الهش الذى اقامته هناك..
2 - تحقق انفراج على مستوى تعقيدات الوطن اللبناني التى اصحبت علاقاته الداخلية قاب قوسين او ادني من الإنفجار فى شكل حرب اهلية قابلة للامتداد..
3 - تتمكن من اجبار سوريا على سد حدودها امام اي دعم مادى او معنوى يقدم للميليشيات العراقية ووقف تدخلاتها فى لبنان، وفوق ذلك التفاوض مع دولة اسرائيل التى تحتل أراضي هضبة الجولان حول مطالب تل ابيب الأمنية فى المنطقة ككل..
4 - تكمل تشديد محاصرتها لانشطة ايران السياسية في المنطقة لاجل قطع يد تمويلها لحزب الله مادياً ومعنوياً وفك تحالفها الإستراتيجي مع سوريا والقضاء تماماً علي دعمها لمنظمة حماس، ومن ثم القضاء علي حلم الحصول على عضوية النادى النووى..
وبالرغم من تعامل الإدارة الامريكية من خلال هذه الملفات كل على حدة مع مصالحها واتباطاتها وتحالفاتها بشكل مباشر وبرجماتي، إلا انها لا تراعي مصالح ومتطلبات الأطراف التى لها الدور الاكبر في تحقيق اهدافها التي اشرنا اليها:
فرغم ان كل الدراسات تؤكد حاجتها الى ايران كحليف استراتيجي منقذ من ظلمات المستنقع العراقي، الا انها تسعدي الاخرين ضدها لكي تضعف من قواها سواء بالعمل العسكري المباشر او بالحصار الاقتصادى حتى الموت..
ورغم يقينها ان دعمها لحكومة السنايورة لم يحقق الهدف من ورائه، الا انها ترفض تقسيم الادوار بينها وبين دمشق لكي تعيد الهدوء الى هذا الوطن المبتلي..
ورغم احقية الشعب السوري فى استعادة الارضه المحتله وفق قرارات الشرعية الدولية، الا انها تواصل ضغوطها على نظامه الحاكم لأجل الخلاص منه ليس فقط لصالح القوى التى تناصرها داخل لبنان، ولكن لصاح المخطط الاسرائيلي..
ورغم دعاوى استعدادها لاقامة دولة فلسطينية كصورة مثلي لوضع حل نهائي لملف الفضية، الا انها تتبني دعاوى اسرائيل الاحتلالية العنصرية المناقضة للقرارت الدولية التى يعترف بها العالم اجمع..
الجدير بالملاحظة ان مواقف الادارة الامريكية التى تحاول ان تجد لرئيسها مخرجاً مشرفاً بعد ثماني سنوات من الفشل الذريع قضاها فى البيت الابيض من خلال مساعي وجهود وخطط التوصل الى حل لقضية الشعب الفلسطينى، لا تراعي فقط المصالح والارتباطات والتحالفات الامريكية ولكنها تعمل بشكل متوازي لتحقيق اهداف اسرائيل على حساب الاطراف الاخرى سواء كانت عراقية او لبنانية او سورية او فلسطينية او ايرانية.. وهنا تكمن نقطة الضعف الكبرى التى تحمل فى طياتها عوامل فشل مؤتمر السلام القادم..
استشارى اعلامي مقيم في بريطانيا
drhassanelmassry@yahoo.co.uk