أصداء

ثغرات في جدار مكافحة الانتشار النووى

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

تركز الولايات المتحدة على ابراز أهمية موضوع أسلحة الدمار الشامل والصواريخ البعيدة المدى في الأمن الشرق أوسطي ويبرزون عدة عوامل فى هذا الشأن.. أولاً، أن الشرق الأوسط هو المنطقة التي استخدمت فيها الأسلحة غير التقليدية والصواريخ البعيدة المدى في الصراعات الحديثة، ولو أن ذلك الإستخدام كان على نحو تكيتيكي محدود. ا. ثانياً، أن الشرق الأوسط منطقة متقدمة من مناطق انتشار هذه الأسلحة، حتى لو لم يجر استخدامها بالفعل. فمعظم مصدري أسلحة الدمار الشامل الرئيسيين في العالم ينتظمون على مسار قوس يمتد من شمال أفريقيا إلى باكستان وأنه من الممكن أيضاً أن تؤثر اختبارات الأسلحة النووية والصواريخ الجارية في جنوب آسيا على معايير الانتشار في منطقة الشرق الأوسط لأن وجود الصراعات النشطة والنقاط الساخنة في عموم المنطقة يعني أن امتلاك أسلحة الدمار الشامل لا يمثل مجرد مسألة هيبة وطنية وثقل استراتيجي، بل أنه عامل حقيقي تماماً له حضوره في الموازنات العسكرية وفي أي حرب تخاض. ثالثاً، يأتي بروز أهمية أسلحة الدمار الشامل في البيئة الأمنية لمنطقة الشرق الأوسط محاطاً بشكوك كبيرة حول دوافع اللاعبين الإقليميين وثقافتهم الاستراتيجية. إذ يغلب الإعتقاد بأن أساليب التفكير في أسلحة الدمار الشامل، وخصوصاً الأسلحة النووية والصواريخ، التي كانت قد تطورت خلال فترة الحرب الباردة بعيدة الصلة بأوضاع وخلفيات منطقة الشرق الأوسط.. رابعاً، تثير وتائر وخصائص انتشار أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط اهتماماً بالغاً للغاية لدى اللاعبين من خارج المنطقة.ويقولون ان روسيا والصين وكوريا الشمالية، وآخرون غيرهم محتملون، هم المجهزون الرئيسيون للأسلحة والمواد والمعرفة التقنية المطلوبة لتطوير القدرات المحلية. في حين أن متابعة تحقيق السلام في الشرق الأوسط والسعي وراء أيجاد سبيل إلى إمدادات الطاقة في المنطقة هما المسألتان اللتان تحظيان بأهمية استثنائية من بين كل الشؤون العالمية الأخرى، وسوف ترغمان أميركا والغرب على مواصلة الإهتمام بهما. خامسا، يقولون أن ما تبديه أميركا من قلق متزايد بشأن قدرات التسلح بأسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط إنما يعكس قلقاً أشد منه عمقاً يتعلق بأمن الولايات المتحدة داخل أراضيها نفسها، وخصوصاً بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001. كما أن بروز ظاهرة الإرهاب العالمي وما بدا من صلاتها بالشرق الأوسط تثير، عند أخذها مصحوبة بمستوى الفتك المتنامي الذي أسفـر عنه " الإرهاب الجديد "، محاذير استخدام الإرهابيين لأسلحة الدمار الشامل داخل الأراضي الأميركية. فالسهولة التي يمكن أن يتحرك بها الناس والمواد والتقنيات تعني أن انتشار الأسلحة في الشرق الأوسط لن يكون ظاهرة تأخذ مجراها بمنأى عن الولايات المتحدة وحلفاءها. وسواء تم نقل هذه الأسلحة بواسطة الصواريخ البعيدة المدى أو بأيدي العملاء ويصلون الى استنتاج مفاده. إن انتشار أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط له تأثير على الأمن في سائر أنحاء الكرة الأرضية، ومن ثم فهو امر يتوجب مناهضته ومن هذا المنطلق، هلى تهدد ايران بالويل والثبور وعظائم الامور بما فيها الخيار العسكرى، وعندما توجه الدول والمفكرون فى المنطقة وخارجها اسئلتها عن الخرق فى تلك السياسة المناهضة للانتشار النووى عبر اسرائيل وعبر الاتفاق النووى مع الهند، خرجواعلينا "بنظرية السلام الديمقراطي" وتقسيم العالم إلى أصدقاء ديمقراطيين وأعداء غير ديمقراطيين. وبهذه النظرية التي يؤيدها العديد من صناع القرار والسياسيين والاستراتيجيين الأمريكيين لن يكون من المنطقي مواصلة المعاهدات التي تحد من القوة العسكرية لجميع الدول بما فيها الولايات المتحدة وإسرائيل والهند . وعلى عكس الفرضية الأساسية لمبدأ عدم انتشار الأسلحة والذي يقول بان الأسلحة النووية هي المشكلة، تعتبر الاستراتيجية الجديدة أن الأشرار الذين يمتلكون سلاحا نوويا هم المشكلة. ولذا تسعى الإستراتيجية الجديدة لتقليل العقوبات المفروضة على الديمقراطيات الصديقة. فمنذ منتصف الستينيات لم تسع الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل للتخلي عن سلاحها النووي، وباعتبارها من وجهة نظرهم دولة ديمقراطية صديقة جعلها ذلك مستفيدة من المعايير الأمريكية المزدوجة، حتى وصل الأمر إلى أن أصبح مبدأ استراتيجيا.
وكانت الهند أول المستثنين في هذه الإستراتيجية الجديدة، حيث أعلن الرئيس بوش ورئيس الوزراء الهندى مونموهان سنغ في يوليو 2005 عن خطة تعاون نووي بين البلدين، الأمر الذي أغفل جميع المعاهدات الدولية، التي تمنع عقد اتفاقات مع أي دولة لا تخضع منشآتها النووية للرقابة.والمعضلة التى تنسف اسس ذلك المبدأ الاستراتيجى الجديد أنها تهدم التعاون الدولي لمكافحة الانتشار النووى، حيث لا يوجد اتفاق عام على من هو الجيد ومن هو السيئ. ومثل تلك الاختلافات قد تؤدي إلى تفكك التحالفات اللازمة لدعم القوانين الدولية، وقد تؤدي أيضا إلى صراعات. فالمشكلة الأساسية هي أن العديد من الدول تبدو رمادية، فالولايات المتحدة ترى باكستان الآن على أنها دولة "جيدة" نصف ديمقراطية وتمتلك سلاحا نوويا، لذلك تبيع لها أسلحة متقدمة ولا تضغط عليها لوقف نشاطها النووي. وفي نفس الوقت لا تراها جيدة بالدرجة الكافية حتى تتعاون معها نوويا كما فعلت مع الهند. في حين تنظر إليها الصين على أنها جيدة بدرجة كافية.
خبير الدراسات الاستراتيجية


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف