المشروع القومي العربي والقضية الأهوازية (2-2)
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الخطاب القومي العربي الاهوازي(1-2) القوميون الأهوازيون رغم خلافاتهم السياسية الشديدة إلا أنهم يجمعون نظرياً حول مبدأ واحد وهو ضرورة التمسك بالخطاب القومي العربي بمبادئه وشعاراته وأهدافا.
نفر ٌ منهم يطلق بالأمس عبارات التخوين والتهديد (بالسيف أحيانا) ضد كل من ينتقد القوميين ويخالف توجهاتهم، طبعا أغلب التصريحات تأتي بلهجة شمولية واقصائية مشبعة بالشعارات المدوية وضعيفة المضمون دون إعطاء دليل واحد على بطلان الحلول غير القومية ناهيك عن سيل الأخطاء الإنشائية والإملائية في محتوى كتابات أصحاب هذا الرأي.
جهات أخرى بعثت مؤخراً برسائل بيعة إلى عزة الدوري مهنئة القائد " أبا أحمد" اختياره أمينا عاما لحزب البعث العربي الاشتراكي وجهات أخرى تنشر بين فترة وأخرى منشورات الناصريين وإنجازات المقاومة العراقية وفي هذا المضمار تدخل كلمة " الاحواز" أو" الأهواز " ـ بالمعية ـ بعض مواقع الانترنت التابعة للجهات القومية (البعثية والناصرية و...) وطبعا لا ندري لحد الآن ما هي المواقف الرسمية لتلك الجهات والأحزاب القومية من تطورات القضية الأهوازية وما هي طبيعة علاقاتهم بالقوميين الاهوازيين، لكن ما هوواضح أن القضية لم ترتق بعد إلى درجة أعلى لدى القوميين العرب ومازالت ضمن القضايا المؤجلة (إن لم نقل المتجاهلة والمنسية) باعتبار أن هناك قضية عربية أكبر منذ أكثر من خمسة عقود وهي قضية فلسطين بل أن الآن أصبحت لديهم قضية اكبر من كل القضايا العربية وهي القضية العراقية.
التنظيمات التي بايعت عزة الدوري بدأت تنعي في مناسبات عديدة صدام حسين (شهيد اليوم وديكتاتور الأمس) والمفارقة أنهم يتهمون نظام الملالي ليل نهار بالدكتاتورية لكنهم اليوم يترحمون على روح الديكتاتور ويتخذونه قدوة لهم.
طبعا كل من ينتقد الديكتاتورية العربية التي هي سبب جل المآسي والكوارث والهزائم في العالم العربي، يتهم على أنه عدوداخلي، يحرض على الأمن والاستقرار كما يتهم بالعمالة للعدوالغربي أوالإمبريالي أوالفارسي ( في حالة انتقاد ديكتاتورية صدام) .... الخ، وتُقرأ عليه الاسطوانة التي باتت معروفة بأن الأعداء وعلى رأسهم الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين يتآمرون على الأمة العربية وإن العرب مستهدفون إلى آخره من اللصيقات الجاهزة من اجل التخوين والتكفير والسب والشتم.
من النتائج الكارثية التي جلبتها الأنظمة الديكتاتورية العربية تكريس الحدود السياسية التي رسمها الاستعمار الكولونيالي، لكن بفضل تعلق الحكام العرب بالعروش والكراسي ترسخت تدريجيا ذهنية الدولة القطرية العربية على المستويين النظري والعملي ولم تعد قضايا العرب قضايا واحدة، بل أن التدخل في قضية أي قطر عربي بات أمرا محرما وباتت قضية كل قطر تخص القطر المعني وحده، والحال كذلك في القضية العراقية فالعالم يستمع إلى إرادة الشعب العراقي ويحترم خياراته سواء كانت في المقاومة أوفي غير ذلك. فموقف الاهوازيين يجب أن لا يأتي مناقضا لإرادة الشعب العراقي فإذا كانوا ضد الاحتلال الأمريكي للعراق فلا يجب أن يؤيدوا الديكتاتورية التي حكمت الشعب العراقي بالحديد والنار لأكثر من ثلاثة عقود وإلا كيف يتوقع الإنسان الاهوازي تعاطف الشعب العراقي وهويدافع عن ديكتاتور قمعه وظلمه واستعمل كل أشكال القهر والقمع والاضطهاد ضده ؟ وكذلك الحال بالنسبة لباقي الشعوب العربية التي تتطلع اليوم نحوإزالة الديكتاتوريات المستبدة الظالمة التي حولت حياتها إلى بؤس وشقاء مريرين ويحاول المفكرون العرب اليوم، في ظل هذه الأوضاع المأساوية، تقديم مشاريع جديدة تماشي الواقع العربي والدولي وتطورات الفكر العالمي وتوجهاته نحوقضايا الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان بعد ما انتهكت حريات الإنسان العربي وسلبت حقوقه وأهينت كرامته طوال العقود الأخيرة من الحكم القومي العربي.
في ظل هذا الواقع الجديد الحاصل في العالم العربي مازال هناك جهات وتنظيمات أهوازية متمسكة بالخطاب القومي بنزقه العاطفي الحماسي القديم وقد صرح أحدهم ذات مرة بأن حل القضية الأحوازية لا يمر إلا عبر الأمة العربية.
كل هذا ومازال البعض من الأهوازيين متمسكين بشعارات تخلى عنها أصحابها، على ما يبدوأن هؤلاء لا يعلمون أولا ندري ربما لا يدركون بأن الخطاب القومي العربي ( البعثي أوالناصري...) الذي تبناه الأهوازي في برهة زمنية معينة لم يعد يطابق الواقع ولا يناسب المرحلة الراهنة، بل يحاول الآن أصحاب هذه الخطابات الأفكار والأيديولوجيات تغيير أوتطوير وتجديد توجهاتهم وخطاباتهم، فالبعث في العراق أصبح شقين : أحدهما تحالف مع الأصولية الدينية والجماعات السلفية الجهادية في ما يسمى بالمقاومة وكان في السابق من ألد أعداءها والشق الآخر أصبح مواليا للبعث السوري. أما البعث السوري فقام بتشكيل لجان فكرية واقتصادية وسياسية مختلفة اسماها لجان تطوير البعث وذلك بعد سقوط البعث في العراق عام2003 ولقد تم تكليف هذه اللجان ـ التي تضم زبدة المفكرين والعلماء والاختصاصيين السوريين والعرب ـ بمهمة تطوير فكر البعث بما يناسب التغيرات والتطورات الإقليمية والعالمية ومن ضمن ما اقترحت تلك اللجان على الحزب " حل ّ القيادة القومية وتقوية القيادة القطرية ".
أما الأحزاب الناصرية فإنها انتهت عمليا مع وفاة الراحل جمال عبد الناصر ، وهي الأخرى بدورها تتحالف الآن مع القوى الإسلامية كما حدث في المؤتمر الأخير الذي سمي بالمؤتمر العربي الإسلامي وطبعا هي الأخرى لا رؤية ولا حل لديها تجاه القضية الأهوازية.
أما المؤتمر القومي العربي الأخير الذي انعقد في البحرين في شهر أيار الفائت حدد موقفه بوضوح وصرح امينه العام بأنهم لا يريدون الوقوع في الفخ الأمريكي!!! وخلق صراع عربي ـ فارسي من أجل عرب الأهواز وطبعا هذا موقف نخبة المفكرين والمنظرين للمشروع القومي العربي وليس موقف أنظمة تحكم باسم القومية العربية. .
إن الأحزاب القومية التي حكمت العالم العربي لعقود مديدة، تحاول التغيير استجابة لمتطلبات الواقع محاولة منها للحفاظ على بقائها، إلا حزبنا القومي الأحوازي / الأهوازي فهوأصيل، لا يهزه الريح ولا يتغير ولا يتزعزع قيد أنملة عن شعاراته، فانه متمسك بهذه الأيديولوجية ( القومية )حتى النخاع وإنْ التقت الأرض بالسماء، وحتى لواندثرت الأحزاب القومية أوانحسر الفكر القومي وحتى لوتعارض الفكر القومي مع المصلحة الوطنية، فانه كان وسيبقى وفيا ً مخلصا مواليا مطلقا لهذه الأيدولوجيا مهما كلف الثمن.
إن التمسک بالمشروع القومي العربي كحل للقضية الأحوازية / الأهوازية اليوم مشروع لا عقلاني بامتياز، الخطاب الذي باسمه وباسم شعاراته قمعت الأنظمة الحاكمة، الشعوب العربية منذ الخمسينات والستينات من أجل إبلاغ الرسالة الخالدة وتحقيق الوحدة العربية والحرية والاشتراكية، هذا الخطاب نفسه استعمل القضية الأهوازية ورقة مساومة منذ اتفاقية الجزائر عام 1975 ، إنه خطاب لا عقلاني ليس بسبب فشله في تحقيق أهدافه وإبلاغ رسالته فحسب، بل لأن هذا الخطاب تحول إلى أداة قهر للأنظمة العربية بعد عقود من الممارسات القمعية والبوليسية ونشر الخوف والرعب في نفوس الشعوب العربية بحجة معاداة الإمبريالية والهيمنة الأجنبية .
طبعاً هذا الاعتراض على المشروع القومي يضعنا أمام إيضاحات كثيرة حول رؤيتنا للهوية العربية للأهواز حيث يعتقد القوميون أن بدون مشروعهم لا عروبة للأهواز وطبعا هذا كلام مرفوض حيث أن الأهواز كانت عربية الهوية قبل ظهور المشروع القومي وقبل أن تصادر الجهات الشقيقة القضية الأهوازية وتستخدمها كما يتوافق مع سياساتها ومصالحها الضيقة حتى تحول الأهوازيون إلى أكباش فداء وأوراق تساوم رخيصة بيد أنظمة القومية العربية.
كاظم مجدم ـ الدنمارك
صلاح سعد ـ الأهواز