أصداء

الاحتلال الإيراني للبصرة بداية لتطويق الخليج

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

هل الإحتلال الإيراني للبصرة هو بداية لتطويق دول الخليج العربية!؟

من الناحية الجغرافية، إيران( الساحل الأحوازي المحتل) تقع على الساحل الشمالي للخليج العربي، من مصب شط العرب، بالقرب من مدينة عبادان الأحوازية وحتى مضيق هرمز، حيث يبدأ بعدها ساحل بحر العرب من مضيق هرمز وعلى ضفتيه بلوشستان الإيرانية من جانب وعمان من جانب آخر. ام قصر والفاو في العراق يطلان على آخر نقطة في الخليج العربي حيث تبدأ الدول الخليجية بعد ذلك على الساحل الجنوبي للخليج بدءا من الكويت. بهذا الشرح الملخص للغاية لجغرافية المنطقة، تتضح أهمية البصرة في سياسة ايران التوسعية وهي التي احتلت الفاو قبل ذلك في حرب الثماني سنوات وأعلنتها بوابتها على اليابسة على الساحل الآخر للخليج العربي.
سياسيا، موضوع التمدد الإيراني في العراق والمنطقة العربية والأهداف التوسعية من وراء هذا التمدد، أصبحت واضحة ومكشوفة لكل متابع لمجرى الأحداث في المنطقة وكل من تهمه قضاياها بشكل أو بآخر. تدخلات إيران المباشرة في سياسة العراق وأمنه واقتصاده و حتى ثقافته ومعتقداته أصبح حديث الساعة لكل العرب وخصوصا في منطقة الخليج العربي، هذا بالإضافة إلى تدخلات إيران بما يجري في كثير من دول المنطقة حيث قالها الجنرال رحيمي قائد الحرس الإيراني قبل يومين بالحرف الواحد: على الأمريكان ان يتقبلوا ثقلنا في العراق وفي لبنان!
تاريخيا، وكدليل على نوايا التوسع الإيراني في المنطقة، احتلت إيران معظم الجزر في الخليج العربي قبل إعلان استقلال دولها و احتلت الأحواز العربية عام 1925 وبقيت تطالب بالبحرين حتى بعد الإستفتاء الذي أقامته الأمم المتحدة بعد خروج البريطانيين من الجزيرة قبل ما يقارب الأربعين عام، وبالنهاية احتلت الجزر الإماراتية الثلاث. وإذا أضفنا تدخلات إيران في دول عربية عدة منها البحرين واليمن ولبنان وخلق الفتن فيها وزجها في صراعات طائفية وسياسية لصالح سياساتها التي تحدثنا عنها، نرى ان هذه كلها دلائل على ما تحمل إيران من نوايا لجيرانها العرب وما تهدف من تمددها الأخير في العراق وخصوصا في البصرة والجنوب.
اليوم، وبعد السيطرة شبه التامة للمخابرات والمليشيات التابعة للسياسة الإيرانية في العراق، وبعد تنصيب حاكم إيراني للبصرة بعنوان قنصل! يقود كل النشاط السياسي والعسكري والإستخباراتي والاقتصادي والثقافي الطائفي الإيراني ألصفوي في الجنوب، أصبح الجنوب العراقي هو الأخر تحت السيطرة شبه الكاملة للحكم الإيراني بعد ما ابتعدت القوات البريطانية من المواجهة المباشرة مع المليشيات المناصرة أو التابعة لإيران وانسحبت بشكل غير معلن إلى قاعدتها العسكرية هناك حيث اكتفت ببعض الدوريات وتركت الميدان للمليشيات المختلفة التي تتحكم بخيوط لعبتها إيران بشكل مباشر حيث تسيطر هذه المليشيات على كل ما يرتبط بالجنوب العراقي من سياسة ومصادر اقتصادية و امن وقضاء وتشريع وغير ذلك. القنصل الإيراني يحكم هناك دون منازع وصور الخميني وخامنئي وقيادات الطائفة الصفوية ملصقة في كل مكان من مدينة البصرة. هذا الوضع في الجنوب عموما وفي البصرة والتواجد الإيراني على الضفة الثانية لشط العرب خصوصا، وتوصية قيادات الجيش البريطاني لقياداتها السياسة خلال هذا الأسبوع "بسحب قواتهم من العراق بعد ما أصبحت هذه القوات غير قادرة على عمل شيء اكثر مما فعلت حتى الآن ولم تنجح"، هذه التغييرات التي نتج عنها تصفية حسابات ومذابح ومجازر بحق جميع المعارضين للوجود الإيراني هناك وخصوصا الوطنيين من العراقيين شيعة وسنة، والكفاءات العلمية والثقافية العراقية، والأحوازيين الهاربين من البطش الإيراني إلى الجنوب العراقي، وبالنهاية بدء تحرك ونشاط القواعد الإستخباراتية الإيرانية وبعناوين مختلفة من البصرة في دول الخليج العربية وفي الكويت خصوصا تحت عناوين إنسانية، كلها دلائل على وجود مخطط لخطوات أخرى قادمة من إيران باتجاه بعض الدول الخليجية في المرحلة الحالية.
النفوذ الإيراني في العراق عموما وبهذا الوسع في الجنوب، سياسيا، جغرافيا، استخباراتيا واستراتيجيا خصوصا هو بداية التمدد الإيراني على اليابسة باتجاه الساحل الآخر للخليج العربي بعد ما تمكنت إيران وخلال الأعوام الماضية من خلق بؤرها السياسية والطائفية والاقتصادية القوية والمؤثرة في الكثير من دول الخليج العربية وعلى رأسها الكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة حيث أصبح للجالية الإيرانية تواجد قوي في هذه الدول، متجنسة ومسيطرة على قطاعات مهمة من اقتصاد هذه البلدان بالإضافة إلى عشرات الآلاف من العمال والمهاجرين الإيرانيين الذين أقاموا في هذه الدول وأصبحوا يعملون كخلايا نائمة للنظام في دول الخليج مثل ما ذكر احد الدبلوماسيين السابقين الإيرانيين في الإمارات العربية المتحدة الذي ترك السلطة ولجأ إلى الخارج مؤخرا.
التغلغل الإيراني الفعلي في العراق وفي الجنوب خصوصا ليس إلا مخططا استراتيجيا لتواجد قوة ايرانية في الجنوب تقوم بالردع بالمرحلة الحالية والتدخل في المرحلة القادمة لهذا المخطط. من جانب تستخدم هذه القوة لمنع أي تدخل أمريكي في شؤون إيران الداخلية وخصوصا منعها لتخصيبها لليورانيوم وتخويف الدول الحليفة لها من مساندتها ضد إيران متى ما اقتضت الحاجة، ومن جانب آخر هي بداية لخطة طويلة الأمد لتثبيت أمر جديد تتبعه خطة تنفيذية للتدخل والتأثير والتمدد المستقبلي المباشر باتجاه هذه الدول. إذا نظرنا لكثافة التواجد العسكري الأمريكي في مياه الخليج العربي، سنرى أهمية وصول إيران إلى الساحل الآخر من الخليج عن طريق اليابسة، وسنعرف ماذا يعني هذا التواجد عسكريا لإيران اليوم ولسياستها المستقبلية في المنطقة.
ان الأخبار التي تصل من العراق، تشير إلى سياسة تفريس مبرمجة من خلال تزايد عدد الإيرانيين وتجنيسهم في البصرة وفي المدن الشيعية المقدسة في الجنوب والإمساك بخيوط الاقتصاد والسياسة والأمن في المنطقة وبالنهاية السيطرة على مجرى الأحداث هناك حيث تحصل معظم المليشيات المتواجدة هناك على المساعدات المالية واللوجيستية من إيران دون تحفظ في الوقت الذي تسيطر فيه على مصادر الاقتصاد هناك وبمساندة إيرانية واضحة.
إن إيران التوسعية وسياسة تمددها كانت ومنذ فترة طويلة مورد توجه كثير من المحللين والمتابعين للشأن الإيراني والعربي، لكن الدول العربية عموما و المجاورة لإيران خصوصا لم تعطي لهذا التوجه الإيراني الإهتمام الذي يستحقه وابتعدت عن أي محاولة لمنع هذا التمدد في بدايته وهاهي اليوم ما زالت تبتعد عن حتى طرح المخاطر بحجمها الحقيقي ولو على شعوبها فقط، المخاطر التي أصبحت تهدد كياناتهم السياسية وبنيتهم التحتية على حد سواء. يضاف إلى ذلك تشرذم العرب وضعفهم مع كل ما يمتلكون من وسائل القوة من جهة وترك مصالحهم لعبة بيد من يدعي التحالف معهم وهو يبحث عن مصالحه الخاصة به فقط من جهة أخرى، جعلهم هذا عاجزين عن التفكير بعقولهم العربية لدرع الأخطار حيث أصبحوا ينظرون للأخطار بعيون أخرى ويحللون الأحداث بعقول أخرى غير عقولهم وبهذا أصبحت مصالحهم تابعة لمصلحة دول أخرى هي التي عودتهم على مساوماتها دائما من اجل الوصول لمصالح خاصة بها ولا تهمها مصالح حلفائها الوطنية ولا مستقبل شعوبهم أومجاعتها ولا الأعداد التي تقتل من أبناءهم بالآلاف يوميا. ان التدخلات الإيرانية الفعلية في العراق وسيطرة الحرس الإيراني بقواته المسلحة واستخباراته ومليشياته على البصرة خصوصا والجنوب عموما، هو مقدمة لتمدد بري إيراني فعلي، إن لم تتحرك الدول العربية والخليجية خصوصا لإيقافه اليوم، سيكون يوم غد متأخرا جدا لهذه الدول، وسيكون الفأس غد وقع، خصوصا وان التواجد الإيراني بهذه القوة في البصرة سيمكنه من الحصول على تواجد عسكري منظم هناك ويمكن علني مستقبلا وبذلك ستكون الجزر الكويتية مثل وربة وبوبيان و حفر الباطن ومدينة خالد العسكرية والقواعد وأنابيب النفط في المملكة تحت مرمى نيران الأسلحة المتوسطة الإيرانية!.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف