عندما نقدم أنفسنا شيك على بياض
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
عندما يسقط شخص من على قمة جبل..يحدث ارتطام يسمعه القاص قبل الداني..ذلك هو الفرق بين السقوط من على سجادة والوقوع من على قمة جبل
قد تكون القمة هلامية..زائفة..ولكنها قمة.. لا يكتشف حقيقتها إلا من كان له باع فى عالم القمم بمختلف أنواعها
السقوط فى الهاوية قد يكون ظاهرا للعين المجردة وقد يكون صعوداً ظاهرياً ولكنه فى جوهره ما هو الا صعود إلى الهاوية....
وما يهمنى هنا بعض الأقلام التى تعج بها ساحة الأدب عامة..و ينسحب عليها الوصف الهلامى..
هناك أحداث كثيرة تحيط بالكاتب فينطلق يمتطيه القلم يصول ويجول به كخيل جامح قد فقد لجامه.. يلمع نجمه فى وقت وجيز ويكتسح الساحة ويسبح إسمه فى سماء الادب عالمياً، محليا ً، عربياً، أو أفريقياً.. وهو متخيل انه قد وصل إلى نهائيات مارثون الزيف الثقافى.. وعندما يفقد السيطرة وينزلق من على صهوة هذا الزيفhellip;.يكون السقوط المدوى بنفس درجة الإرتفاع..
وما دفعنى إلى الكتابة فى هذا الموضوع هذا النفاق الثقافى والأدبى الذى يصاحب أى حدث سياسى أو إجتماعى..إلخ..
وكمثال مواكبة بعض الأقلام لموضوع الرئيس المخلوع من جهة الإحتلال الأمريكى صدام حسين.. ببداية الاحداث ومن سنوات مضت كانت هذه الأقلام تتسابق وتتفنن فى توجيه اللكمات الكلامية والأحاديث والبرامج الفضائية كلها ضد الرجل وسياسته وتصب غضبها عليه وعلى كل من يقترب منه سواء كان فنان،أو حتى غفير بدرجة وزير..وبعد تنفيذ الإحتلال فيه قرار الإعدام..تقريبا نفس الأقلام إنبرت تستنكر الحدث وتدافع عن الرجل وتبرزه كشهيد للعروبة وصنعت منه تمثال بديل عن تمثاله الذى أسقط فى وسط الميادين العراقية بأقلامهم المنافقة..
ايضاً..ما يحدث للعراق.. ساهم فيه الكثير ممن يحملون شرف الكلمة و القلم.. القسم العظيم..((نون والقلم وما يسطرون)).. الذين لا يقدرون قيمة النعمة التى وهبها الله لهم فقاموا بإستغلالها أسوأ إستغلال..بإشعالهم نار الفتن بين طوائفه..والتمهيد للإحتلال والدفاع عنه وتبريره..وهم لايعلمون أننا بالقلم نحيى أوطاناً وأيضاً نبيد شعوباً.. الكلمة سم زعاف لو ضلت هدفها وصارت خادمة لغاية مدمرة.
وعندما يختزل الكاتب عمره الأدبى فى شيك على بياض..ويصبح بوق لسياسة نظام حاكم..فقد دمر نفسه ومعها يدمر مجتمع بأكمله..ويصبح فى النهاية مجرد دولار فى سوق الأدب.وأحال نفسه إلى محض ldquo;سلعةrdquo; يتملكها كل من يدفع أكثر في سوق النخاسة السياسية والفكرية.
أو بمعنى أدق شيك على بياض
وايضاً..يتصور كتاب البورنو والصفحات الصفراء..أنهم بذلك يخدمون الأدب ويقومون بإثراء الساحة الأدبية.. ويقدمون شىء ذو قيمة للقراء.. فهل يتخيل هؤلاء بأن أعمالهم تلك ممكن تكون نواة صلبة لتاريخ أدبى مشرف؟؟..أعتقد أن ذلك سيكون رهان خاسر بإمتياز مع مرتبة الشرف..مع قلم لا شرف له..
وهل يتساوى مع هؤلاء..ذلك الكاتب الذى فنى عمره فى محراب الكلمة الشريفة..معياره ميزان من ذهب..لا يميل إلا جهة الحق..يضحى بالكثير فى سبيل إعلاء هامة الكلمة..يحافظ على عذرية قلمه.. يعيش و يموت ولا رصيد ولا سيارة ولا فيلا سوبر..يخرج من الدنيا بشىء واحد يخلده.. (نون والقلم وما يسطرون)..يحمل معه كل كلمة سطرها بقلمه..
وفى النهاية الموضوع شائك ويبعث على الأسى والأسف والحزن ولا تستوعبه
مقالة واحدة ولا عشرات المقالات..ولكن هى بضعة حروف قد ضاقت بها النفس وقد سطرتها علها تلمس أوتار بعض الأقلام الجوفاء وتدفعها للعزف على السطور من جديد وبنوتة موسيقية جديدة.. فالكتابة مسئولية لا جدال فى ذلك ولا يقوى عليها إلا من يقدر على تحمل تلك المسئولية..ومن يجهلها..يعيث بها فى الأرض فساداً
وقلم الكاتب الإنسان المحب والصادق.. والمختزل نفسه فى قلمه الفخور بنفسه فى تواضع يثرى الحياة بالصدق والحب.. فإن إقتربت من الحب والصدق تارة وإنحرفت تارة..ستظل فى حيرة وتكون بذلك قد هدمت أهم مقومات قلمك.ومعها تكون قد هدمت نفسك
الكلمة هى من تخلد الكاتب وترفعه وهى من تصلبه على ناصية التاريخ.والذين يريدون الخلود لأقلامهم..هم من لديهم رغبة فولاذية وليست عابرة فى العمل الدائم لتقديم الأفضل.الكلمة قد تنزل كاتبها أو قائلها أعلى عليين وقد تنزله أسفل سافلين، والحديث النبوي الشريف يحذرنا من الرجل الذي يُلقى بالكلمة من سخط الله لا يلقى لها بالا تهوي به في نار جهنم سبعين خريفا
كثير من الكتاب والمثقفين والشعراء والأدباء باعوا أقلامهم لـrdquo;شياطينrdquo; الإنس والجن بحثا عن شهرة أو صيت أو منصب أو جاه أو سلطان وربما بأقل من ذلك بكثير ما يعكس دناءة نفس لا تعير لأمانة الكلمة اهتماما ولا تنزلها منزلتها باعتبارها شهادة لله،سيحاسب عليها يوم لا جاه ينفع ولا سلطان يدفع عنه سوء عمله وظلمه في الدنيا عندما شارك بوعي في تزييف وعي الأمة، وتضليلها بدعوى تأمين لقمة عيشه ومستقبل أولاده معرضا عن قول الله تعالى ldquo;وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديداrdquo;
ولكم تحيتى