هل سمع الحكام الديمقراطيون الجدد في العراق بايرلندا الشمالية؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
قبل اسابيع انهى الجيش البريطاني اطول عملية في تاريخه بتسليم الامن في ايرلندا الشمالية لقواتها الامنية الوطنية واضعا بذلك الخطوة ربما الاخيرة في سلسلة من خطوات تطبيع الاوضاع في هذا البلد الذي شهد نزاعا دمويا استمر لثلاث عقود بعد ان وقعت القوى المتحاربة اتفاقا للسلام في عام 1998 .
وبعد 38 عاما على انتشاره قلص الجيش البريطاني تواجده في عشرة معسكرات سيستخدمها لتدريب القوات الوطنية.وقال وزير الخارجيه الايرلندي ديرموت اهيرن ان التغيير في الواقع السياسي و الامني منذ 2005 كان افضل مما كنا نامل و نتوقع مضيفا لقد انتهت الاعمال العسكرية بعد 38 عاما مما يمثل انجازا اضافيا باتجاه تحقيق مجتمع طبيعي و سلمي مزدهر في ايرلندا الشمالية.
وكان لدى الجيش البريطاني 106 قواعد و 27 الف عسكري وسوف يكون له قوة صغيرة لحماية السلم تعدادها فقط 5آلاف عسكري.
وقال المحلل السياسي البريطاني بول بايفر ان الحل للمعضلة الايرلندية لم يكن ابدا عسكريا بل سياسيا وكان دور الجيش البريطاني هو توفير الظروف للسياسيين لانجاح الجهود السياسية من خلال مكافحة الارهابيين .
وكانت بريطانيا ارسلت قواتها الى ايرلندا الشمالية التي تعتبر جزءا من المملكة المتحدة عام 1969 للمساعدة في قمع الاضطرابات و اعمال الشغب و القتل الطائفي المتبادل بين غالبية السكان البروتستانت التي تريد بقاء ايرلندا الشمالية ضمن المملكة وبين الكاثوليك المطالبين بالانفصال.
وانتهى النزاع المسلح بعد التسوية السلمية التي دخل بمقتضاها السياسيون من مختلف الطوائف المتنازعة في حكومة وحدة وطنية قسمت بينهم السلطة في البلاد.
ويعتبر الاتفاق الذي توصل الية الكاثوليك و البروتستانت بعد ثلاثين عاما من الصراع الدموي تأريخيا لانه فتح الباب واسعة امام المصالحة الوطنية و تقاسم السلطة.
ومع ان الاطراف المتنازعة استمرت في خلافاتها الا انها لم تلجأ مجددا للسلاح لفرض الامر الواقع والتزمت بالحوار و التفاوض الذي اثمر قبل عامين اتفاقا ادى الى اعادة الحياة الى البرلمان الذي كانت اغلقت ابوابه و تم تشكيل حكومة ائتلافية واسعة التمثيل.
وتوجد بين الحالة الايرلندية و الحالة العراقية جوانب مشتركة على خلفية النزاع الطائفي الآخذ في التمدد والاتساع ولعبة التداخل بين العاملين الاقليمي و المحلي في تأجيجه لتقويض التجربة الديمقراطية ومنع قيام الدولة العراقية المدنية الحديثة.
وفي العراق الان كما في ايرلندا في الماضي تتنافس وتتقاتل على الارض العراقية وبدماء العراقيين اطراف اقليمية و دولية مستخدمة في هذه الحرب القذرة بالوكالة قوى و مجموعات عراقية مختلفة بهدف تغيير موازين القوى و تبديل شروط اللعبة واظهار عجز اعتى قوة عسكرية متقدمة في العالم عن التحكم بالواقع وحماية قواتها و السكان المدنيين من القتل و الدمار وبالتالي ارغامها على الرحيل مهزومة.
والسؤال الاكثر الحاحا هو هل بمستطاع السياسيين العراقيين المتصارعين على السلطة و المال و النفوذ ان يمتلكوا الشجاعة الكافية والحكمة والحنكة السياسية للانتصار لبلدهم و ليس لاحزابهم او الدول التي تغذيها بالمال والسلاح من الخارج.؟.
وفي هذا لا يحتاج هؤلاء السياسيون سواء اكانوا شيعة ام سنة ام كردا ام تركمانا وغيرهم الى التخلي عن اهدافهم او برامجهم التي يكرورون ويعيدون بشكل اضحى يجلب معه السأم والتشاؤم والاحباط بانها لخدمة الشعب الذي لم يعد يريد سوى العيش الى اليوم الذي سوف لن يراهم فيه مثلما لم يعد يرى الطاغية المشنوق .
هل يستطيع سياسيو العراق القفز على انفسهم ومصالحهم الشخصية و الحزبية والجلوس وجها لوجه للمصارحة و المكاشفة و تبديد الخوف المتبادل الذي تحدث عنه نائب الرئيس طارق الهاشمي في حديثه لقناة الحرة الامريكية؟.
و ما دامت الخلافات سياسية رغم تصاعدها المتواصل فان ارضية التعايش المشترك موجودة ولم يعد مقنعا الاتكاء على الذريعة الباهتة المسماة المحتل لانه اولا ليس كذلكفلقد حرر البلاد والعباد من الطاغية و نظامه الدموي وهو الذي يحمي بدماء جنوده و بامواله هؤلاء الذين يجلسون على كراسي السلطة ويمعنون عبر ميليشياتهم في قتل جنوده و افراد شعبهم المغلوب على امره منذ الاطاحة بالملكية قبل خمسين عاماوحتى الان.
ان عقودا من المواجهات الدامية اليومية لم تمنع الاطراف المتحاربة في ايرلندا الشمالية و في جمهوريات فيدرالية يوغسلافيا المنحلة من الجلوس حول مائدة التفاوض بحثا عن حل ينهي مأساة شعوبهم بالاعتراف بالهزيمة وجعلها منطلقالاعادة البناء فهل سيفعل الشئ نفسه قادة العراق الديمقراطيون الجدد القابعون في ظلال المنطقة الخضراء الامنة بعيدا عن شعبهم الذي لم يذق منذ عقود طعم الحرية و الحياة الكريمة بالرغم من ان بلده يسبح في محيط من الثروة النفطية.؟.