رسالة إلى مام جلال
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
السيد رئيس جمهورية العراق مام جلال الطالباني
تحية عراقية
إن مشاهدة كائن إنساني يتدلى جسده بحبل من خشبة أطلقوا عليها إسم المشنقة، هي صورة أكثر بشاعة من شريعة الحيوانات في الغاب في وحشيتها، وهي لا تنتمي إلى المجتمع الإنساني السوي. أكبر فيك موقفك الإنساني الشجاع، موقف وعي المثقف في رفض هذه الصورة، وأدعوك للعمل على إلغاء عقوبة الإعدام من القانون العراقي.
وأهديك مقالتي التي نشرتها في العدد العاشر (1/5/1992) من جريدة "الوفاق" (لندن):
وأشكرك من القلب
قاسم حول
مخرج سينمائي عراقي
هولندا 8.9.2007
ست وصايا إلى رئيس جمهورية قادم في العراق
الوصية الأولى
امنع تعليق صورتك في دوائر الدولة والساحات وأبدل صورة الرئيس بصورة ترمز إلى العدالة والديمقراطية وسيادة الشعب، لأن وضع صورتك في مؤسسات الدولة هو حالة من حالات القمع ودلالة على أن هناك شخصا واحدا يمثل العراق وهو أمر مخالف للطبيعة. ولأسباب طبيعية أيضا فإن صورتك سترفع من مكانها عندما يأتي رئيس آخر. فلم لا تطمح بأن يحتفظ الناس لك بصورة جميلة في قلوبهم على مر الأزمان.
الوصية الثانية
لا تسمح لشاعر أن يمجدك في قصيدة ولا لمغن أن يتغنى باسمك. فإن سمحت لواحد منهم فسيهجم عليك المداحون فينمون فيك حب الذات التي تحولك إلى دكتاتور أهوج. كما أن رعايتك لهم تنمي فيهم حب التملق فتحولهم إلى جيش من الانتهازيين فيشوهون صورتك وتشوه أنت صورتهم فتنسى الاهتمام بالزراعة والصناعة والثقافة والتربية والتعليم وتتحول أنت نفسك إلى مهرج وراقص عندما تختلي مع نفسك وتقف أمام المرآة وحدك وأنت تستمع الأغاني والقصائد من المذياع. هؤلاء المهرجون هم وحدهم القادرون على جعلك ترى صورتك في المرايا ولا تراها في عيون الناس.
الوصية الثالثة
بادر إلى إلغاء عقوبة الإعدام من قانون العقوبات العراقي وليكن السجن المؤبد بديلا عن الإعدام على أن يتم تصديق هذه العقوبة من قبل مجلس الشعب لأن الحياة التي يعيشها الإنسان مرة واحدة لا يجور إلغاؤها وإن إعدام إنسان ما، هو خلق مجرم قانوني ممثلا بالشخص الذي ينفذ الإعدام وأيضا بالشخص الذي يوقع الإعدام الذي هو رئيس الجمهورية.. أنت.
الوصية الرابعة
امنع استعمال التعذيب كوسيلة للحصول على الاعتراف، فالتعذيب يخلق جيشا من المشوهين جسديا ونفسيا، فتشويه إنسان وسحق كرامته وإنسانيته هو جريمة لا تغتفر. ورجل الأمن الذي يمارس التعذيب يتحول هو الآخر بالضرورة إلى وحش وتلغى منه بمرور الوقت صفة الإنسانية.
الوصية الخامسة
بادر إلى إلغاء مديرية الأمن كجهاز سري وغامض والاكتفاء بمؤسسة الشرطة العلنية بأهداف واضحة ومحددة تنحصر في توفير الأمن للمواطن من الاعتداء على حياته وحريته وكرامته.
الوصية السادسة
أطلق الحرية بدون خوف ودع الناس يقولون ما يشاءون وبذلك تخلص البلاد من الخوف والعمل في السراديب والتسلل ليلا من أجل كتابة الشعارات على الجدران. حرر الناس من الخوف ولتثق بأن قوة العراق في حريته وليست حرية العراق في قوته!
الأسباب الموجبة للوصايا الست
يتساقط عنف الحكومات وعنف الأحزاب والأفراد يوما بعد آخر، وينسحب المجرمون من الحياة ويتعزز باستمرار وجود جمعيات حقوق الإنسان ومنظمات المحافظة على البيئة وأطباء بلا حدود، ويرى البعض أن الفوضى قد عمت البشرية بعد زوال الإتحاد السوفياتي، ويعتقد البعض أن أمريكا قد انفردت في قيادة العالم وتربعت على عرشه. إن صورة الواقع ليست كذلك أبدا، وأن أي قمع لابد في طريق الزوال سواء كان ذلك القمع اشتراكيا أو رأسماليا. إن توق الإنسان إلى الحرية هو الذي يحدد مسار الإنسانية.
ونحن في العراق، الشعب الذي خلق الحضارات الأولى وقوانين البشر من أكثر الشعوب توقا إلى الحرية ورفضا للظلم والحيف. ولكن ثمة مؤامرة كبيرة حيكت ضدنا في محاولة لقطع صلة الحاضر بالماضي ورسم صورة مشوهة للمستقبل، ولكن أية مسيرة تسير بعكس حركة الواقع لابد وأن تخلق تناقضاتها وتسبب خللا في قانون الحياة الطبيعي. وهو ما حصل بالفعل على أرض الرافدين للفترة من السابع عشر من تموز عام ألف وتسعمائة وثمانية وستين وحتى زوال النظام الدكتاتوري في العراق بتاريخ... حيث تعتبر هذه الفترة من أكثر الفترات ظلاما في تاريخ العراق القديم والحديث، فلقد وجد هذا النظام نفسه وبسبب مسيرته بعكس حركة الواقع معزولا عزلة تامة عن المجتمع الإنساني في العالم. ولذلك سيأتي وقت قريب تزول فيه هذه المجموعة الطارئة على تاريخ العراق وستأتي مجموعة طيبة من أبناء العراق توفر المناخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي لكي يحكم الشعب نفسه بنفسه بحرية وديمقراطية كما يصار إلى وضع دستور دائم للعراق وينتخب مجلس الشعب الوطني ممثلا لكل العراقيين دون النظر إلى انتمائهم الديني أو العرقي أو الطائفي، ويقوم مجلس الشعب بانتخاب رئيس الجمهورية.
وحتى لا يسقط الرئيس في لعبة الرئاسة أقدم له هذه الوصايا الست كمواطن عراقي يطمح أن يعيش في وطنه آمنا ولا يفكر بالهروب للمرة الرابعة والأخيرة!