أصداء

شهيد المحراب وأدباء جنوب بغداد

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

العراق أولا، التسمية التي أطلقت على استراتيجية جديدة للحكومة العراقية لمعالجة الملفات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية الراهنة، تشكل بادرة جيدة على الصعيد السياسي لإطلاق رؤية وطنية موحدة لأمة بلاد الرافدين للبدء بمسيرة عملية ميدانية متسمة بالمسؤولية تجاه المعاناة الحقيقية للعراقيين لإخراجهم من المحن التي يتعرضون لها في الواقع الراهن بالرغم من مظاهر الإرهاب والعنف والفساد وبروز بعض التحسن على الصعيد الأمني، وهو نفس المفهوم الذي دعونا اليه من خلال مقالات ومشاريع عراقية وطنية قبل سنوات في موقع ايلاف وفي صحيفتي الاتحاد والصباح الجديد.


ولا شك أن العودة الى أحضان الخيمة العراقية، الآصرة المشتركة التي تربط أبناء الأمة جميعا بعربها وكردها وتركمانها ومسيحيها، تمثل عودة عقلانية وحكيمة للطريق الصائب الذي أزيح عنه خلال أحداث السنوات السابقة وخلال العهد الجديد الذي حل في العراق بعد سقوط صنم الطغيان، وتشكل خيمة حقيقية لانتماء وولاء واتحاد ولم العراقيين تحت روابط أصيلة موحدة أتفق عليها العراقيون في الدستور الدائم لإعادة بناء وأعمار العراق من جديد لضمان حاضر مشرق لأبناء الأمة وتأمين مستقبل آمن للأجيال اللاحقة، وقد عبر العراقييون بروح عالية لهذا الانتماء من خلال العملية السياسية الديمقراطية المميزة لنهج الحكم في العراق، ومن ضمن التعبير عن هذا الانتماء عبر الكوردستانييون بأصالة عن عراقيتهم من خلال إختيارهم الفيدرالية كسبيل للحفاظ على الأمة وكأنسب طريق لضمان العراق الموحد.
هذه النكهة العراقية الجديدة التي بدأت تبرز عن نفسها على الساحة السياسية والحكومية، حان الوقت لأن نعبر عنها بقلوبنا وعقولنا بجدية وحرص مسؤول من خلال قياداتنا وأحزابنا ومؤسساتنا وتجمعاتنا وأعمالنا وآدابنا وفنونا وأقلامنا ونشاطاتنا وفعالياتنا على جميع الأصعدة لنقل مفرداتها ومكوناتها الى الحياة اليومية للعراقيين جميعا، لنبني وطنا من المودة والمحبة والأخاء والوطنية الأصيلة بعيدا عن العنف والإرهاب والاحتقان الطائفي والتمييز والعنصرية والأفكار غير المسؤولة والمشاريع غير الوطنية، لنشعل تحت خيمة هذا البلد الجريح نبراسا عراقيا وضائا بديمقراطيته ودستوره وتعدديته وفيدراليته وتنوع قومياته وأديانه ومذاهبه، لنخلق للأمة حضورا حضاريا وإنسانيا مميزا في المنطقة.
وبطبيعة الحال فان الفعاليات الثقافية تشكل مدخلا جيدا ومهما وأساسيا لترسيخ هذا المفهوم، فمن خلال نشاطات تلاقي الأدباء والفنانيين والكتاب والشعراء والمسرحيين والتشكيلين وغيرهم على صعيد المحافظات والأقاليم العراقية يمكن تقديم رؤى واضحة لأبناء الأمة لإرساء وتثبيت مفاهيم ومعاني ومفردات الخاصية العراقية بمشاعر حقيقية نابعة من وجدان حقيقي معبر عن الانتماء الأصيل لأمة بلد الرافدين.


ولكن ما آلمني، ومما يؤسف له بشدة، إطلاق مصطلح غير مألوف على فعالية ثقافية لمؤسسة شهيد المحراب بالتنسيق مع وزارة ثقافة الإقليم في كوردستان، وهو أدباء وفناني جنوب بغداد، ومن يتعمق في معاني هذه التسمية يجد أنها تحمل معاني غير مسؤولة متسمة بإحساس بعيد عن النكهة العراقية، وتحمل معاني مبطنة عن قصد أو دون قصد قد تفسر سياسيا على أنها محاولات غير حريصة لإقامة فعاليات لا تتسم بلم الشمل ولا تفوح منها الرائحة الوطنية للعراقيين.


لهذا من باب انتمائنا الكوردستاني والعراقي، لا يسعنا الا أن نوجه باللوم الى مؤسسة شهيد المحراب التي يرأسها عمار عبدالعزيز الحكيم لاختيارها هذه التسمية غير الملائمة وغير متسمة بالنكهة العراقية، ولا يسعنا الى أن نوجه عتابا الى وزارة الثقافة في إقليم كوردستان لعدم انتباهها لإسم الفعالية للسلبيات المحتملة التي قد تترتب على اطلاق مثل هذه التسمية على النشاطات والفعاليات الثقافية، وإن كان الأمر غير مقصودا فنرجو أن لا تتكرر في المسقبل، ومن باب أولى أن تتقدم المؤسسة باعتذار ووأن تتعهد بعدم تكرار مثل هذه الخطوات ان كان من قصد أو دون قصد، لأنها مضرة ومؤلمة وغير ملائمة بتاتا للوضع الراهن في العراق، ونأمل من قلوبنا أن لا يكون الإسم من ورائها هدف سياسي معين، لأن الكل يدرك أن السياسة قد فرقتنا وأبعدتنا عن بعض، لهذا لا نريد أن تبعدنا وتفرقنا الثقافة عن بعضنا من جديد وتزيد ألامنا ومحننا التي حان الوقت لها أن نزيلها من حاضرنا ومن واقنا بيد واحدة.
وعلى هذا الأساس نؤكد، أن انتمائنا للأمة ولبلاد الرافدين تجعلنا أن نعمل من الثقافة الآصرة الفعالة التي تجمعنا تحت مظلتها لنعبر عن عراقيتنا بجيمع مكوناتها بروح وطنية أصيلة تعبر بكل حرص ومسؤولية عن المقومات الجديدة والمفاهيم الجديدة في الدستور الدائم التي أجتمعت عليها الأمة لبناء عراق جديد زحديث متسم بالأخاء والمحبة والسلام والحرية والكرامة والإنسانية، ولا شك أن الظرف الراهن الذي بدى يحمل طروحات إيجابية تجاه ترسيخ عراقيتنا، يشكل الأرضية المناسبة لإقامة فعاليات ثقافية متعددة ومتنوعة للمساهمة الفعالة في بناء الوطن وخدمة الأمة العراقية بهمة عالية للنهوض بالعراق حضاريا وإنسانيا ومعرفيا، وهذا النهوض لا شك، لا يمكن للعراقيين أن يستنهضوا به إلا عندما نبني ونعمر ونصنع ونزرع ونغني ونكتب ونشعر ونرسم ونمثل وندرس صغارا وكبارا من كردستان الى البصرة للعراق أولا، للأمة أولا، لبلاد الرافدين أولا.

جرجيس كوليزادة

Gulizada_maktab@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف