العراق بين الاتحاد والانفصام

فى هذه الأيام التاعسة التى يعيشها شعبنا العراقي نرى العداوات والأحقاد تزداد يوما بعد يوم، وتصل فى بعض الأيام الى درجة تجعل فكرة الانفصام تراودنا بالرغم من ان الأكثرية تريده عراقا موحدا. ولو تمعنا جيدا فى الأوضاع السائدة لوجدنا ان أسباب مصائبنا تقع على عواتق بعض من قادتنا سياسيين كانوا ام دينيين او من خلطوا بين الدين والسياسة. فلو انهم تخلوا عن الأنانية والطمع ووضعوا مصلحة البلد فوق كل شيء لما حصل ما حصل ولكان الأمريكان وغيرهم قد انسحبوا منه. ولكن يظهر ان معظم هؤلاء القادة ركبوا رؤوسهم واصروا على الاستمرار فيما هم عليه غير مبالين بالقتل والدمار، وازداد طلبهم للعون من دول الجوار ومن أمريكا وغيرها يستأسدون به على الطرف الآخر.

سويسرا أو الاتحاد السويسري كما هو معروف، دولة اوروبية تقع فى منتصف اوروبا، وبحكم موقعها الجغرافي فان شعبها يتكون من:
74 بالمئة المان
20 بالمئة فرنسيين
4 بالمئة ايطاليين
2 بالمئة آخرين
أديانهم:
48 بالمئة رومان كاثوليك
44 بالمئة بروتستانت
8 بالمئة غيرهم (نصفهم تقريبا مسلمين ألبان وأتراك وعرب مهاجرين)

تتكون سويسرا من 26 كانتون (ولاية)، تحتفظ كل منها بخصائصها. مجموع
مساحتها أقل من عشر مساحة العراق ونفوسها أقل من ثلث نفوس العراق. اللغات الثلاث الرسمية هى الألمانية والفرنسية والايطالية. ويعتبر اقتصاد هذه الدولة الصغيرة على صغرها سادس اقتصاد فى العالم. لا يوجد فيها معادن ولا بترول، وتعتمد كليا على شعب واع نشط يستثمر مساقط المياه والسياحة والأعمال المصرفية والصناعات الدقيقة مثل الساعات والألكترونيات والأدوية. متوسط عمر الانسان فيها 80.5 سنة، وفيات الأطفال واحد بالألف (قارن هذا مع العراق 50 بالألف عام 1990 و 125 بالألف عام 2005 ). التدين من عدمه يعتبر من الأمور الشخصية جدا ولا يحق لأحد التدخل فيه.

نشبت فيها حرب أهلية على اثر نزاعات بين الكاثوليك والبروتستانت فى عام 1845 استمرت أقل من شهر واحد، وكان ضحيتها أقل من مئة انسان، وعلى صغر تلك الحرب تعلم السويسريون ان فى اتحادهم قوة وفى انشقاقهم ضعف، وكتبوا دستورهم الفيدرالي فى عام 1893 ومنذ ذلك الوقت واقتصادهم وحياتهم الاجتماعية فى تقدم وازدهار.
نسبة السنة الى الشيعة فى العراق تقارب نسبة البروتستانت الى الكاثوليك فى سويسرا، فلماذا نتخاصم وهم يتواصلون؟ ندمر بلدنا وهم يعمرون بلدهم، اقتصادهم السادس فى العالم واقتصادنا فى الحضيض؟

ومثل آخر، السويد والنرويج، وهما بلدان من البلدان الاسكندنافية تقعان فى اقصى شمال شرقي اوروبا. كان البلدان متحدين فى الأعوام الف وثمانمائة واربعة عشر لغاية الف وتسعمائة وخمسة ولم تكن النرويج متحمسة لذلك الاتحاد فأعلنت الانسحاب فى يونيو/حزيران من عام ألف وتسعمائة وخمسة وظهرت بوادر حرب بين الاثنين، لكنهما فضلتا عمل استفتاء للشعبين فوافق فيه الأغلبية الساحقة على الانفصال وتم ذلك فى اكتوبر من نفس السنة. البلدان يحتلان المقدمة فى قائمة دول العالم المسالمة. المتدينون فيهما اقل من ثلث السكان. كلا البلدين فى مقدمة دول العالم المتقدم، وفيهما أعلى مستويات المعيشة واحسن ضمان اجتماعي من اي دولة أخرى فى العالم.

((امساك بمعروف او تسريح باحسان))
أمام العراق طريقان وهما الاتحاد او الانفصال وتحقيق اي منهما سيكون صعب جدا فشعبنا لايملك عقلية شعوب البلدان الثلاثة المذكورة ولا يملك هدوء الأعصاب التى يملكونها ولا ثقافتهم ولا وعيهم التى يتحلون بهما، أما الطريق الثالث والأخير فهو: الــــــــــدمار الشــــــــامل.
ملاحظة: الأحصائيات المذكورة فى أعلاه مستقاة من:
وغيرها.Encyclopedia Britanica amp; Wikipedia encyclopedia

عاطف العزي